الفقدان ليس مجرّد غياب، بل هو فراغ يسكن الروح، يترك في القلب صدى لا يخفت مع الأيام. لن تدرك معنى الفقدان الحقيقي إلا حين يغادر أحبّ الناس إلى قلبك، فتكتشف أن العالم لم يعد كما كان، وأن تفاصيله الصغيرة فقدت بريقها. حينها تدرك أن بعض الأشخاص لم يكونوا مجرد عابرين في حياتك، بل كانوا الحياة نفسها
الفقدان
فعلاً، الفقدان صعب جدًا، سواء فقدنا من كان محباً بصدق ، فهذا ألم حقيقي يترك فراغًا عميقًا، أو فقدنا من كنا نظن أنه يستحق ولم يكن كذلك، فنكتشف أننا أحببنا صورة رسمها لنا وليس جوهره الحقيقي. كلا النوعين مؤلم، لكن كل تجربة تعلمنا شيئًا: كيف نقف من جديد، ونبني أنفسنا، ونميّز بين من يستحق قلبنا ومن لا يستحق. الفقدان صعب، لكنه أيضًا مدرسة للحياة، يعلمنا الصبر والوعي والحكمة في اختيار من نحب ومن نثق به.
أعجبني جدًا ذكرك أننا قد نحزن على المحب الصادق وأيضًا على من كنا نظن أنه محب، فبرغم اختلاف السبب يظل الحزن هو الشعور الرئيسي في تلك الحالة، وكل هذا يذكرني بأن دوام الحال من المحال وبالقول الذي ينسب لسيدنا على _رضي الله عنه_:
أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.
كلماتك مؤثرة جدا وتصف الفقدان بصدق، و الفقد فعلا يبدو هكذا في البداية، لكن بعد ذلك يخف هذا السواد الكامل، صحيح أنه يترك فراغا لا يملأ بسهولة، لكن في المقابل قد يمنحنا نظرة أعمق للحياة ولأهمية من حولنا، أحيانا الألم يتحول إلى قوة خفية تجعلنا نتمسك أكثر بما تبقى ونقدّر لحظاتنا الصغيرة بوعي أكبر، الفقد يغيرنا، لكنه لا يسلبنا الحياة كلها، بل قد يكون بداية لنضج مختلف، أليس كذلك؟
أحيانا الألم يتحول إلى قوة خفية تجعلنا نتمسك أكثر بما تبقى ونقدّر لحظاتنا الصغيرة بوعي أكبر، الفقد يغيرنا، لكنه لا يسلبنا الحياة كلها، بل قد يكون بداية لنضج مختلف، أليس كذلك؟
متى يكون ذلك؟
من خلال تجاربي الشخصية، أرى أن ذلك يكون عندما نتعلم من تجاربنا السابقة عدم الاعتماد على شيء أو شخص غير أنفسنا لتحقيق سعادتنا، فسعادة المرء يجب أن يكون مصدرها الأول هو نفسه، ثم بعد ذلك يأتي الباقي بشكل ثانوي، و هذا ما يسمى بالاستقلال المعنوي الذي يبني شخصية مختلفة في المرء و يكسبه قوة و صلابة ذهنية هائلتين، كما يقول المثل القديم: "ما لا يكسرك يقويك".
التعليقات