في غرفة المعيشة، تلفاز ضخم معلّق على الجدار، شاشة مسطحة، صوت محيطي، مكانه في المنتصف تمامًا… لكن لا أحد ينظر إليه. أمامه، على الأريكة، يجلس الهاتف الذكي في يد مستخدمه، شاشته الصغيرة تلمع، يتنقّل بينها بسرعة جنونية، يضحك، يعبس، يضغط، يمرر. قال التلفاز، بصوت متهدّج قليلاً من قلّة الاستخدام: "كنتُ ملك هذا المكان. كلهم كانوا يلتفّون حولي… يصمتون ليستمعوا إليّ." ردّ الهاتف دون أن يرفع عينيه: "زمان يا عم. الناس الآن تستهلك المحتوى فرادى، لا جماعيا." صمت التلفاز لحظة، ثم قال: "لكنني قدّمتُ القصص… صنعتُ الذكريات. أنتم تعطونهم لقطات… ثم ينسونها بعد دقيقة." ضحك الهاتف: "أنا أعطيهم ما يريدون، لا ما يحتاجون. وأنا… أتحكم فيهم، لا هم فيّ."

أُطفئ التلفاز فجأة. ليس لأن أحدهم ضغط زر الإغلاق، بل لأنه لم يحتمل أن يكون مجرد خلفية في غرفة كانت يومًا مملكته. أما الهاتف، فتابع بثّه المعتاد.