حين نناقش الفروق الاجتماعية في الزواج قد نظنها تفصيلًا يمكن تجاوزه لكن الواقع يثبت أن اختلاف الطبقة والخلفية الاجتماعية يترك أثرًا عميقًا على الحياة اليومية حضرت موقفًا لصديقة رفضت شابًا على خلق ودين لأنه "ابن حي شعبي" وقالت بصراحة إنها لا تحتقره لكنها لا تريد أن تبرر لأهلها اختلاف تصرفاته وأهله باستمرار هذا الموقف يلخص جوهر القضية هل نحن مستعدون للتعامل مع صراع البيئات بعد الزواج الفروق قد تبدو بسيطة في البداية لكنها تتحول إلى خلافات حول تفاصيل الحياة كطريقة تربية الأبناء أو أسلوب المناسبات أو مفهوم الكرم والادخار بعض العلاقات نجحت رغم الفروق لكنها اعتمدت على وعي الطرفين بأن "الحب وحده لا يكفي ويحتاج لتنازلات حتى نتعايش" فالسؤال هنا هل يمكن التعايش فعليًا مع بيئة اجتماعية مختلفة بعد الزواج دون أن تنشأ مشاعر تفوق أو دونية أو ضيق مستمر؟
رفض الزواج بسبب الفروق الاجتماعية: بحث عن الاستقرار أم نظرة سطحية؟
التعايش بين بيئات اجتماعية مختلفة يحتاج إلى أخلاق عالية جدا ودين وتقوى الله، أما في ظل الجهل الكبير المنتشر وقلة الوعي فأظن أن الأفضل فعلا اختيار شريك حياة من نفس الطبقة الاجتماعية أو طبقة قريبة جدا لتجنب المشاكل.
لكن هذا لا يمنع إذا وجدنا فعلا ناسا أهل خلق ودين يمكنهم تجاوز تلك الفروقات بحكمة وأخلاق.
فعلًا الزواج من طبقة اجتماعية مختلفة حتى وإن كان الطرف الآخر صاحب خلق ودين لا يخلو من تحديات كبيرة فالواقع أكثر تعقيدًا من مجرد النوايا الطيبة إذ تختلف تفاصيل الحياة اليومية وطرق التفكير والتوقعات من الزواج بل وحتى أبسط العادات والسلوكيات قد تبدأ العلاقة بنية صادقة لكن مع مرور الوقت تظهر الفجوات وتحدث صدمات لم تكن في الحسبان وليس جميع الناس يمتلكون الوعي أو الصبر الكافي لتجاوز تلك الفوارق وغالبًا ما يُضطر أحد الطرفين إلى التنازل المستمر مما يرهقه نفسيًا ويؤثر على استقرار العلاقة فالزواج ليس مجرد انسجام بين شخصين بل هو أيضًا توازن بين بيئتين وعائلتين وإذا اختل هذا التوازن من البداية تصبح الاستمرارية أمرًا صعبًا
بخصوص مسألة التنازل المستمر من أحد الطرفين، أظنها تكون واضحة جدًا من البداية من قبل الزواج، مثلًا الخلافات الأولى التي تحدث طبيعيًا بين أي طرفين، هل أحدهم دائمًا ما يبادر بالمبادرة والاعتذار؟ هل الكفة تميل إلى آراء أحدهم عن الآخر، أم في كل موقف يكون هناك وعي كاف لدراسته والرأي الواقعي هو ما يتخذونه.. هل الاثنين يقدران العلاقة والتواصل عن التحيزات المسبقة، أم يتعاملان من البداية بتحيزات؟ هذه الأسئلة بصراحة شديدة، إجابتها تظهر من أول العلاقة، وبكل وضوح وشفافية بين الاثنين، وإذا لم تكن لديهما القدرة على التحدث بنفس الشفافية أثناء الارتباط.. فحتى لو الاثنين من طبقة اجتماعية متقاربة، ستظل بينهما مشكلات لا حل لها.
نعم كل هذا صحيح ولكن الأغلبية تتغاضى عن كل هذه العلامات أو الإشارات يمكن بسبب الحماس في بداية العلاقة أو الخوف من فقدان الطرف الآخر فيكتفوا بتجاهل التفاصيل التي تبين شكل العلاقة مستقبلًا مثل من يعتذر دائمًا ومن يتنازل ومن يصمم على رأيه الأغلب يعتقد إن كل شيء ممكن يتغير بعد الزواج لكن الحقيقة إن البداية تكون فيها كل الإجابات الواضحة وما يتم التغاضي عنه يرجع يظهر بعد فترة بشكل أقوى وأصعب التعامل معه والمشكلة إن وقتها يكون القرار أصعب لأن التراجع أصبح مؤلم والطرفين متعلقين فالأفضل من البداية أن كل شخص يلاحظ بوعي ويتكلم بصراحة ويضع لنفسه حدود واضحة في العلاقة
أعتقد أنه في هذا العصر كثير من الناس لا يقدرون على الصمود فعليًا، لأن التعايش مع بيئة اجتماعية مختلفة يتطلب مرونة وصبر غير متوفر عند الجميع، والموضوع ليس مسألة دونية أو تفوق، بل هو عدم قدرة على التأقلم مع تفاصيل الحياة الجديدة من طباع الناس لعاداتهم اليومية، وحتى لو كان في حب لا أعتقد أنه كافي ليستمر، لأن الحب نفسه قد يختفي مع الوقت تحت ضغط المسؤوليات والاختلافات والاحتكاك اليومي، وأحيانًا تشعر بالغربة وسط البيئة الجديدة وهذا شعور مرهق على المدى الطويل.
نعم فكرة أن الحب كافٍ لتجاوز كل شيء ليست دائمًا صحيحة لأن الحياة اليومية تكشف أمورًا كثيرة بدءًا من العادات البسيطة إلى أسلوب التعامل مع الناس وحتى طريقة التفكير في المال أو التربية أو المسؤوليات وإن لم توجد مرونة وصبر حقيقي من الطرفين يبدأ كل واحد بالشعور بالغربة وذلك شعور مؤلم لأنك قد تكون وسط الناس ولكنك تشعر أنك لا تنتمي إلى المكان وهذا يؤثر على النفسية وعلى العلاقة ككل فالتفاهم مهم جدًا لكن لا بد أيضًا من وجود تشابه في الأساسيات لكي تسير العلاقة بشكل مريح للطرفين
قولاً واحداً بالنسبة لي وبحكم تجربة حقيقية رفض الزواج بسبب الفروق الاجتماعية: هو نظرة سطحية وغبية ، وإلا لما قال الرسول (ص) : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه"
لذا الخلق والدين هو المعيار .. ولكن المجتمعات أفسدت المفاهيم .
نعم المجتمعات فعلًا أفسدت المفاهيم وغيرت معايير الاختيار لكن في نفس الوقت لا يمكن إنكار أن الفروق الاجتماعية الكبيرة قد تضعف العلاقة مع مرور الوقت قد يبدأ الزواج بتفاهم وحب ولكن عندما تختلف طريقة العيش والتفكير والتطلعات تظهر المشاكل شيئًا فشيئًا وتبدأ الضغوط تتراكم لذلك من وجهة نظري لا يكفي فقط توفر الخلق والدين بل لا بد من قدر من التقارب في البيئة والخلفية الاجتماعية حتى يكون هناك انسجام واستقرار حقيقي
هذا لأن العالم أصبح يلخص مفاهيم السعادة في مفاهيم للأسف شهوانية (أين سأسكن .. ماذا سألبس .. كيف سأعيش حياة مرفهة) ، حياة الرسول (ص) كانت حياة شاقة هو والصحابة ومع ذلك كان سعداء لأن السعادة تأتي من البساطة والقناعة الحقيقية وليس القول ظاهرياً .. لذا تبرز الفروق لكونها كانت موجودة من البداية خلف الأقنعة التي تتظاهر بالتواضع والتبسط ، وسامحيني أنا لا أتفق مع وجهة نظرك .. ربما أتفهمها لكن بالتأكيد لا أتفق معها .. هذا أشبه بأن توقفي أي شخص مسلم في الشارع وتسأليه ما رأيك في الصلاة .. سيعدد لك الكثير من المميزات التي بها .. ولكن إذا سألتيه إن كان يصلي .. حينها سيغيب أغلبهم عن الإجابة ويصمت في حرج.
قد يكون هناك بالفعل من يربط بين المال والسعادة لكن في كثير من الأحيان لا تكون المشكلة في المادة نفسها بل في اختلاف طريقة التفكير والتوقعات من الحياة قد يبدو الشخصان متشابهين في البساطة في البداية لكن مع مرور الوقت تظهر الفروق في القيم والأولويات وهنا تبدأ الفجوة في التوسع ليس لأن أحدهما تغيّر بالضرورة بل لأن الحياة تكشف لنا جوانب لم نكن نراها منذ البداية لذلك لا أرى في الحديث عن الفروق المادية أو الاجتماعية أي تعارض مع التواضع أو القناعة بل أراه محاولة لفهم الواقع بطريقة أعمق لتفادي صدمات مؤلمة في المستقبل
هل تعتقدين أن العلاقة الزوجية المعيار الأساسي فيها مثلاً طريقة الحديث ، أو كم يتقن الشخص من لغات ، أو كيف يجلس وكيف يسير؟ أم كيف يعامل الرجل زوجته .. كيف يفهمها ويحتويها .. كيف يكفل لها سبل حياة كريمة بما يتناسب مع ظروفه ...؟ أنا لا أزال أرى فرق شاسع بينهم .. ودعيني أقول لك كيف .. إذا تقدم مثلاً شخص ملتحي يحفظ القرآن وملتزم قلباً وقالباً لفتاة من أسرة غنية وكانت تحبه هل تنجح هذه الزيجة أم تفشل ومتى تنجح أو تفشل؟
إذا تقدم مثلاً شخص ملتحي يحفظ القرآن وملتزم قلباً وقالباً لفتاة من أسرة غنية وكانت تحبه هل تنجح هذه الزيجة أم تفشل ومتى تنجح أو تفشل؟
في رأيي أنها في أغلب الأحيان ستفشل للأسف، فشئنا أن أبينا، وخاصة في عصرنا الرأسمالي الحالي، صارت الأموال تحتل 90% من يومنا، إما أننا نعمل لنكسب المال أو نبحث عن طرق أخرى لزيادة الدخل أو نوفر في نفقاتنا ومأكلنا لنزيد مدخراتنا، فحتى لو كان الحب والتفاهم هو السائد، ستكون هناك لحظات وإن كانت قليلة يسود فيها الشجار والتعارض في وجهات النظر، حينها سيسيطر الشيطان على عقولنا، ويبدأ كل طرف في التفكير في عيوب الطرف الآخر رغمًا عنه، وأؤكد لك أن الفوارق الاجتماعية في أغلب الحالات ستسبب مشاكل أكثر من المعتاد.
فحتى تلك الحياة الكريمة التي تتحدث عنها متفاوتة، فالحياة الكريمة بالنسبة للزوج قد تكون حياة غير كريمة تماما للزوجة الغنية، فما العمل حينها؟
بالظبط أستاذ أحمد هذا هو الواقع الآن ومن الصعب تغييره حتى لو حاولنا نغض الطرف عن الفوارق الاجتماعية إلا إنها بتفرض نفسها مع الوقت خاصة لما يبدأ الطرفين يواجهوا تفاصيل الحياة
ستفشل هذه الزيجة حتى لو كان الشخص متدينًا وملتحيًا قلبًا وقالبًا فذلك لا يعني أن الأمور ستمضي بسهولة لأن ببساطة هناك فروق كبيرة بينه وبين الفتاة التي نشأت في بيئة ميسورة وغنية يعني مثلًا سيكون هناك اختلاف في طريقة اللباس وفي الخروج وفي طبيعة الحياة اليومية حتى في أبسط التفاصيل قد يرى كل منهما الأمور من منظور مختلف تمامًا وهذا أمر طبيعي جدًا بسبب اختلاف التربية والبيئة والمشكلة أن هذه الاختلافات لا تظهر دائمًا في البداية لكنها تبدأ بالظهور مع الوقت وتُحدث احتكاكات فالحب والتفاهم مهمان ولكن دون تقارب في أسلوب الحياة والقيم اليومية تكون هناك تحديات صعبة فعلًا
كرجل، لا تُقدم على الارتباط بفتاة تفوقك مكانة اجتماعية، فهذه العلاقة محكوم عليها بالفشل منذ البداية. الأحاديث عن الحب والتفاهم وغير ذلك من المثاليات التي لا أساس لها لن تكون كافية لبناء زواج ناجح.
أنا أرى أن فرق المكانة الاجتماعية قد يكون عائقًا حقيقيًا ليس لأن الطرفين سيئان بل لأن الواقع لا يرحم فالضغوط من الأهل والمجتمع وطبيعة الحياة اليومية كلها تجعل تلك الفروقات تظهر وتكبر مع الوقت حتى لو وجد الحب أو التفاهم في البداية سيأتي وقت ويحدث تصادم سواء في طريقة التفكير أو التوقعات أو حتى في أسلوب المعيشة فالحب ليس كافيًا دائمًا وهناك من يحاولون ويفشلون ليس لأنهم لا يحبون بعضهم بل لأن الفجوة بينهم كانت أوسع من قدرتهم على تجاوزها وأضف إلى ذلك أن نظرة الناس من حولهم تلعب دورًا كبيرًا سواء من أهل الطرفين أو من المجتمع بشكل عام فهناك من يكثر من المقارنة وهذا يخلق ضغطًا نفسيًا مستمرًا حتى إن لم يكن الشخص يشعر بالنقص في البداية فقد يبدأ مع الوقت في الشعور بأنه غير كاف أو أقل وهذا يؤثر على العلاقة كلها فالفروقات تتحول للأسف مع مرور الوقت إلى عبء بدلًا من أن تكون مجرد اختلاف عادي
انها فتاة داروينية الطباع تحاول اخفاء سلوكها النمطي تحت عناوين تافهة ....هذا فقط ...لا يوجد شيء آخر في مجتمعاتنا الداروينية سوى التغليف لكن ماتحت الغلاف متشابه ( الكل يحب داروين وان لم يقرا له ) الكل يحسن تغليف داروينيته في غلاف ما ..هنيئا لهذا الشاب لانه لم يتزوج بفتاة داروينية والافضل له ان لا يتزوج اطلاقا.....
من حيث المبدأ، فمن حق أي شاب أو فتاة رفض الزواج من أي أحدٍ لأي سبب كان، فهذا لا يعيبهما أبدا وإن دل عند البعض على سطحيةٍ أو أوهامٍ في التفكير، أما اختلاف الثقافات والعادات والطباع فيمكن معالجته بتسوياتٍ واعية من الزوجين، حتى المتزوجون من أشخاصٍ يماثلونهم في الطبقة الاجتماعية اكتشفوا بعد الزواج بأن هنالك سلوكيات عند أزواجهم تسبب الضيق والمشاكل من حينٍ لآخر، هنا يختلف الأمر بين كل زوجين، هنالك من سيلجأ لمنطق التحدي والعند ومحاولة فرض رؤيته بدون تنازلات، وفي الجهة الأخرى هنالك من سيتحمل شيئاً من الضيق مع المحافظة على حوارٍ هادئ حتى يصل لتسويةٍ تعينهما على استكمال الحياة. لا يوجدُ قواعدٌ مطلقة في العلاقات الإنسانية برأيي ، صحيحٌ أنه من الأسلم من الناحية النظرية الزواج من شخصٍ يماثلك في الطبقة الاجتماعية وغيرها، ولكن الكثير من التجارب الواقعية نجحت رغم الاختلاف الشاسع أحياناً.
إن الزواج من سليلة الأرستقراطية - مع هوة التفاوت الطبقي - مغامرةٌ تُزرع في تربةٍ ملغومة، فالفجوة بين "قصر الترف" و"بيت الكفاف" لا يردمها الحب وحده. سرعان ما تتحول هدية الثراء إلى سيفِ منّةٍ مسلط، وكل خلافٍ يتحول إلى معركة طبقية: "لولا أهلي لكنتَ..".
وإن أخطر ما في هذه المعادلة أن تدخلَ إلى دائرة نفوذ أهلها، فتتحول إرادة الزوج إلى ظلٍّ يرقص على جدران عائلتها، ويصبح عمله عندهم إهداراً لكرامته، وتذكيراً يومياً بتبعيّته. فالقبول بالتفاوت يحتاج إلى نبلٍ نادر من الطرفين، وإلا انفجر البركان عند أول منعطف.
إن استمرار هذه العلاقة يستلزم شرطين: أن تتنازلَ هي عن ترفِ الماضي طوعاً دون نبرة شفقة، وأن يحافظَ هو على استقلاليته المادية كحائط صدٍّ ضد ثقافة "المنّة". وإلا فليحذر عاقداً.. فما أسرعَ أن تتحول قصة الحب إلى مأساة كبرياء.
التعليقات