في لحظةٍ عابرة، قد تنسى أن تُبلّغ والدك السلام في مكالمة هاتفية مع والدتك، فتبدأ الأفكار تهاجمك:

هل غضب؟ هل شعر أنني لا أهتم به؟

ورغم بساطة الموقف، ورغم أنه قد لا يعني شيئًا للطرف الآخر، تبقى محاصرًا بشعورٍ داخلي يؤنّبك دون توقف.

هذا النوع من التفكير يعيشه كثيرون ممّن يمتلكون قلوبًا حسّاسة وضميرًا يقظًا. ورغم ما في ذلك من صدق وحرص على الآخرين، إلا أنه قد يتحول مع الوقت إلى عبء نفسي يُرهق صاحبه بصمت.

دوامة الأسئلة واللوم الذاتي تتكرر في أذهان البعض أسئلة من نوع:

هل جرحت أحدهم دون أن أشعر؟

هل كنت قاسيًا في كلمتي؟

هل فُهم كلامي بطريقة خاطئة؟

ورغم أن النوايا صافية، إلا أن الشخص يواصل لوم نفسه على مواقف بسيطة، ويضخم أثرها في داخله، كأنها أخطاء لا تُغتفر.

في علم النفس، يُطلق على هذا النمط من التفكير اسم "الأفكار الاقتحامية" أو "الأفكار القهرية"، وهي أفكار تتسلل إلى الذهن دون سبب منطقي، وقد تكون مرتبطة بالقلق العام، أو وسواس فكري، أو شعور مفرط بالذنب والمسؤولية.

من أين تنبع هذه المشاعر؟

توجد عدة عوامل قد تساهم في ظهور هذا النوع من التفكير، منها:

الإحساس الزائد بالمسؤولية تجاه مشاعر الآخرين.

التربية الصارمة أو التعرض لتجارب سلبية في الطفولة.

الاعتماد الزائد على رضا الناس لتقدير الذات.

الشخصية الحسّاسة أو المثالية التي تسعى دائمًا للكمال.

وفي أحيان كثيرة، لا يكون السبب مرضًا، بل فقط قلب طيب لم يتعلم كيف يضع حدًا لتضخيم الأمور في داخله، أو كيف يُوازن بين طيبته وسلامه الداخلي.

1. لماذا نشعر بالذنب تجاه مواقف لم يُظهر فيها الآخرون أي انزعاج؟

2. هل تأنيب الضمير المستمر دليل على طيبة القلب، أم على قسوة داخلية نُمارسها على أنفسنا؟

3. متى يتحول التفكير في مشاعر الآخرين إلى عبء نفسي يفوق طاقتنا؟

4. هل نحاسب أنفسنا بقسوة، أم نخاف من نظرة الآخرين وأحكامهم علينا؟