السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كالعادة، أواجه مشكلة مع النوم. لم أخلد إلى النوم مبكرًا ليلة البارحة، بل نمت قرابة الساعة الثانية والنصف . ومع ذلك، قررت أن أستيقظ مبكرًا نسبيًا، فاستيقظت في السادسة والنصف صباحًا. بدأت يومي بأداء الصلاة، ثم قرأت وردي اليومي من القرآن الكريم، وبعدها رغبت في تناول مشروب دافئ، فأعددت كوبًا من النسكافيه وقررت أن أبدأ في دراسة الجزء الثاني من العضوية، وهو: المشتقات.
ولأنني لم أدرس هذا الجزء من قبل، اخترت أن أبدأه من الصفر. كان عدد المحاضرات ثماني محاضرات، متوسط مدة كل واحدة منها ساعتان تقريبًا، وإن كانت بعض المحاضرات أطول أو أقصر من ذلك. بدأت بمشاهدة المحاضرة الأولى، ووجدت بها كمًّا هائلًا من المعلومات، فبدأت بتدوين الملاحظات المهمة في الكتاب. وبعد انتهائي من المشاهدة، قرأت ما كتبت، ثم شرعت في حل الأمثلة المحلولة في الكتاب نفسه، وكانت هذه الخطوة من أفضل ما فعلت اليوم؛ إذ ساعدتني على ترسيخ الفهم. قمت بتكرار حل الأسئلة البسيطة عدة مرات حتى شعرت بحاجة إلى استراحة.
أعددت فطوري، والذي لم يكن صحيًا للأسف، إذ كان هو الإندومي. أعلم أنه غير مفيد للصحة، وتُثار حوله أحاديث كثيرة، ولكنني حقًا كنت أشتهي تناوله في تلك اللحظة.
بعدها، عدت إلى المذاكرة وبدأت بمشاهدة المحاضرة الثانية. كانت أبسط قليلًا من الأولى، لذا قمت بتسريع الفيديو قليلًا، وسجلت فقط المعلومات المهمة. أنهيتها في ساعة ونصف تقريبًا، وكررت معها ما فعلته في المحاضرة الأولى: قرأت الدرس وحللت الأمثلة المحلولة.
حين أُذّن للظهر، صليت، ثم شعرت برغبة في قراءة تفسيرٍ لسورة من قصار السور، فوقع اختياري على سورة الواقعة. كانت فكرة رائعة بحق، وتوقفت طويلًا عند قول الله تعالى:
"فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون السابقون، أولئك المقربون."
تأملت في "السابقون السابقون"، وتساءلت: من هم هؤلاء السابقون؟ وكيف بلغوا هذه المنزلة؟ وتذكرت أن السبق في الطاعات، لا في الدنيا، وأن الطمأنينة لا تأتي من الإنجاز وحده، بل من الثبات على طاعة الله والسعي لرضاه. سورة الواقعة ذكّرتني أن ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأن السعي للآخرة لا يقل أهمية عن الاجتهاد في الدنيا.
بعد التفسير، عدت للدراسة مجددًا، وبدأت في المحاضرة الثالثة، لكنني شعرت بانخفاض كبير في التركيز. لم أكن بنفس صفاء الصباح، وبدأ الملل يتسلل إليّ. ومع ذلك، أجبرت نفسي على إتمام المحاضرة، حتى وإن لم أفهم معظم محتواها. بعد انتهائها، لم يكن لدي طاقة كافية للقراءة أو حل الأسئلة، فقررت مساعدة والدتي في إعداد الغداء.
حين أُذّن لصلاة العصر، صليت وتناولت الطعام، ثم حاولت أن أتابع ما بدأته، ولكنني كنت في حالة ملل شديد. قرأت الدرس، وحللت الأمثلة بطريقة سريعة ومن دون تركيز، فشعرت أنني أرهقت نفسي بلا فائدة.
قررت أن أمنح نفسي بعض الترفيه رغم ضيق الوقت، فقلت: ما فائدة الجلوس على الكتب دون فهم؟ وشاهدت كرتوني المفضل "شركة المرعبين المحدودة"، الذي أحبه حبًا شديدًا، وأشعر فيه بطفولتي الضائعةولكن لست هنا لأتذكرآلام الماضي .لذلك ناديت أخي الصغير ليشاركني المشاهدة، وضحكنا وتبادلنا أطراف الحديث بمرح.
حين انتهينا، قررت العودة للدراسة. بدأت بمشاهدة المحاضرة الرابعة، لكن الموضوع كان صعبًا جدًا، لا لصعوبة المحتوى، بل لصعوبة التركيز. كنت أظن أن راحتي القصيرة ستمنحني طاقة جديدة، لكن خاب ظني. حاولت الصمود، لكن كل عشر دقائق كنت أعيد المقطع لعدم تركيزي.
غيرت مكاني وجلست في الصالة، ثم خطر لي أن أبدأ بقراءة الشرح المكتوب أولًا. وكان قرارًا صائبًا. وجدت نفسي أطرح العديد من الأسئلة التي لم أكن أملك إجابتها، فبدأت بكتابتها رغم أنني لم أفهمها تمامًا.
حين نظرت إلى الساعة، وجدت أن أذان المغرب سيُرفع بعد ربع ساعة تقريبًا. فاستغليت الوقت بحل بعض الأسئلة التي وقفت عندها يوم أمس، وتمكنت من حل نحو خمس مسائل. ثم توضأت وصليت المغرب، وعدت بعدها إلى فيديو المحاضرة.
وبينما أتابع الشرح، بدأت تتبدد علامات الاستفهام التي كانت تدور في ذهني. بدأت أفهم معظم ما قرأته، وأجبت عن الأسئلة التي كنت أظنها "تافهة" في البداية، وترددت في كتابتها. ثم حللت الأمثلة المحلولة والأسئلة التي لم أتمكن من حلها بالأمس.
وحين أُذّن للعشاء، صليته، ولكنني لم أعد أملك طاقة للنهوض من سجادتي. عندها قررت أن أكتفي بما أنجزته اليوم. لقد أنهيت أربع محاضرات من أصل ثمانٍ، وهذا نصف الطريق، وأعدّه إنجازًا كبيرًا بالنسبة لي.
وفي الختام، كان هذا اليوم مليئًا بالتقلبات بين النشاط والفتور، التركيز والتشتت، التأمل والعمل، ولكنني خرجت منه بشعور جميل بأنني حاولت، وثابرت، وصبرت قدر استطاعتي.
وسؤالي لكم: كيف تتعاملون مع لحظات انعدام التركيز؟ وهل لديكم طرق أو طقوس معينة تساعدكم على استعادة نشاطكم الذهني؟
التعليقات