عنوان النظرية: "المرض العقلي… صراع السيطرة بين الوعي والظل"
---
مقدمة:
لطالما حيرني التحول المفاجئ الذي يصيب بعض الأشخاص: شخص طيب، كريم، محبوب، يتحول في ليلة واحدة إلى شخص عنيف أو غير منطقي، وكأنه فقد ذاته تمامًا.
هل هذا بسبب "الجنون" كما يسميه الناس؟ أم أن هناك شيئًا أعمق يحدث داخل العقل؟ من هنا بدأت فكرتي.
---
الفكرة الرئيسية:
أنا لا أرى أن المرض العقلي يُفقد الشخص وعيه بالكامل. بل أرى أن هناك نوعًا من الصراع الداخلي بين العقل الواعي (الذي نستخدمه كل يوم في التفكير والتصرف)، والعقل الباطن (ذلك الجزء العميق الصامت من داخلنا).
في نظري، المرض العقلي لا يدمر الوعي، بل يدفعه إلى التراجع. كأن العقل الواعي يُسحب إلى الداخل، ويتم عزله، ليبقى في الخلف يراقب، بينما يظهر شيء آخر إلى الواجهة ويتحكم بالجسد والتصرفات.
أسمي هذا "الشيء الآخر" بـ الظل، وهو صورة رمزية للمرض العقلي حين يسيطر على الجسد.
---
دور العقل الباطن:
العقل الباطن، في هذا السيناريو، لا يُصاب مباشرة بالمرض، بل يظل يقظًا. لكنه لا يمتلك سلطة اتخاذ القرار. ومع ذلك، أعتقد أنه يحاول أن يساعد العقل الواعي على استرجاع السيطرة.
عندما يبدأ المريض بالصراخ أو بضرب نفسه، فقد يكون ذلك محاولة من الداخل – من العقل الباطن – لاستعادة السيطرة. وكأن المريض يصرخ من الداخل: "لست أنا! هناك شيء يتحكم بي!"
وهنا تكمن المأساة: هو يرى، يشعر، ولكنه لا يستطيع فعل شيء. إنه يشبه السجين داخل جسده.
---
المهدئات ودورها في إخماد الصراع:
في اللحظات التي يصرخ فيها المريض أو يظهر سلوكًا عنيفًا تجاه نفسه، عادة ما يُعطى دواء مهدئ. أرى أن هذا المهدئ يُسكت محاولة استرجاع السيطرة، لكنه لا يحل أصل المشكلة. هو فقط "يُسكت الصراع مؤقتًا"، وليس دواءً للروح المتمردة بالداخل.
---
تشبيه بسيط لتوضيح الفكرة:
تخيل أن هناك شخصًا يُدعى "الوعي"، يعيش داخل عقلك. في يوم ما، جاء ضيف ثقيل يُدعى "المرض العقلي"، وأخذ السيطرة على الجسد. الوعي تراجع، العقل الباطن بقي يراقب ويحاول المساعدة. في بعض اللحظات، يحاول الاثنان طرد الضيف. وقد تنجح المحاولة لثوانٍ، فيصرخ الجسد أو يبكي أو يضرب نفسه. لكنها لحظات قصيرة، يعود بعدها المرض للسيطرة من جديد.
---
خاتمة:
هذه مجرد نظرية. لكنها نابعة من تأمل عميق، وملاحظة لسلوك المرضى، وإحساس داخلي بأن المرض العقلي ليس فقط خللًا كيميائيًا… بل ربما معركة داخلية حقيقية بين الوعي والظل.
وأحيانًا، عندما ينظر المريض في عينيك ويرتجف، كأنه يقول لك بلا صوت:
"أنا هنا… فقط لا أستطيع الخروج."
التعليقات