اللغة كمنفى: هل خانتنا المفردات؟

هل سبق لك أن شعرت بأن ما تقوله لا يشبه ما تقصده؟ أن هناك فجوة واسعة تفصل بين ما يعتمل داخلك وبين ما تسمح لك اللغة بقوله؟ أن الكلمات، رغم وفرتها، تضيق بك كما يضيق الحذاء على قدم طفلٍ ينمو أسرع من مقاسه؟ في لحظات الصدق القصوى، حين تفيض المشاعر أو تتكسّر، حين تقترب من حدود اليأس أو الحب أو الفقد، تكتشف هشاشة اللغة. الكلمات تهرب، أو تقف على أعتابك كغرباء لا يجيدون التعاطف، وربما تنقلب عليك، فتبدو كما لو أنها تخونك في لحظةٍ كان عليك أن تعتمد عليها أكثر من أي وقت. هنا لا تعود اللغة وطنًا، بل تتحول إلى منفى، إلى مساحة نعيش فيها غرباء عن أنفسنا، لأن المفردات لا تقدر أن تكون جسرًا بين الداخل والخارج.