"غناك في نفسك، وقيمتك في عملك، وبواعثك أولى بالعناية من غاياتك، ولا تنتظر من الناس كثيرًا"

هذا الاقتباس مأخوذ من كتاب "أنا" للعقاد، وهو كتاب يتناول سيرة حياته، ويضم مجموعة من المقالات التي كتبها العقاد عن تجاربه، وآرائه في العديد من القضايا.

مثل هذا القول، إذا وعيته جيدًا وطبّقته في حياتك، فإنه سيوفر عليك سنوات من التفكير والتخبط وخيبات الأمل. فلنحاول فهمه بتفصيل أكبر:

غناك في نفسك: لن تشعر بقيمتك الحقيقية إلا إذا استشعرتها من داخلك. لا المظاهر ولا المال قادرة على منحك هذا الشعور. قد تستطيع أن تُظهر عكس ذلك أمام الآخرين، ولكن بينك وبين نفسك، ستظل مدركًا لحقيقتك. فإذا كانت موازينك في الحياة مادية بحتة، وأنت في داخلك فارغ، فلن يكون لما تملكه أي معنى.

وقيمتك في عملك: قيمتك فيما تنجزه، فيما تتركه أثرًا. في استقلالك، في فِكرك، في تميّزك، في أن تكون إضافة لا عبئًا.

، ومن الصعب أن نجد من يرى أن الاعتماد على الآخرين أفضل من الاستقلال، سواء استقلالًا ماديًا أو فكريًا.

وبواعثك أولى بالعناية من غاياتك: لنأخذ النجاح كمثال. قد يكون النجاح هو غايتك، لكن الأجدر بالتأمل والعناية هو الدافع أو الحافز الذي يدفعك نحوه. لماذا تسعى للنجاح؟ ما القوة التي حركتك لوضع هذا الهدف أمامك؟ قد يكون هذا الدافع هو واقع معين تتمنى تغييره. وسبب التركيز على البواعث أكثر من الغايات هو أن الدافع نابع من تجربة واقعية، بينما الغاية قد تكون بعيدة أو غامضة، وقد تشعر بالإحباط في الطريق إليها فتتخلى عنها، لأنها لم تكن نابعة من معايشة حقيقية.

ولا تنتظر من الناس كثيرًا: الكثير من الخلافات بين الناس، حتى بين الأصدقاء، تنبع من سبب واحد: التوقعات. عندما ترفع سقف توقعاتك من شخص ما، وتفاجأ بتصرف لا يطابق هذا التوقع، يصيبك الإحباط أو الصدمة، وربما يصبح رد فعلك حادًا. السبب ببساطة أنك كنت تتوقع منه شيئًا لم يفعله. لذا، كلما خفّضت سقف توقعاتك من الناس، عشت بسلام وراحة بال.