نفقدهم، فتخفت أضواء العالم من حولنا، كأن الحياة تتوقف لحظة الرحيل. لكن في أعماق الحزن يولد الأمل، لا كتعويض، بل كدليل على أن الحب لا يضيع، وأن الذكريات لا تموت. نحن لا ننسى، نحن نتعلم كيف نحمل فقداننا بقلوب تنبض رغم الألم، وكيف نرسم في ظلام الغياب نجمة تضيء لنا الطريق.
بين الألم والأمل.. نبض لا يموت
بين الألم والأمل، قد يبدو الكلام جميلًا، لكنه أحيانًا يغرق في المثالية. الحياة ليست دائمًا قصة ملهمة تُختتم بنجمة تضيء الظلام. الألم قد يطحننا، والأمل قد يكون وهْمًا نتمسك به لنسدّ الفراغ. الذكريات قد تبقى، لكنها لا تعيد من فقدناهم. ربما القوة الحقيقية تكمن في مواجهة الواقع كما هو، بقسوته وجماله، دون تزيين أو تهرب.
أنت على حق، فالحياة ليست دائمًا قصة مُلهمة، والألم لا يُشفق على أحد. لكنه أيضًا لا يبقى كما هو، بل يتشكل معنا، يصبح جزءًا منّا، يغير ملامحنا دون أن نشعر. الأمل ليس دائمًا وهْمًا، بل أحيانًا يكون مقاومة صامتة، رفضًا للانهيار، أو حتى مجرد انتظار لا نعرف نهايته. لا أحد يعود من الغياب، لكن أثرهم فينا قد يكون آخر ما يبقينا واقفين. لسنا هنا لنهرب أو لنجمّل الحقيقة، بل لنحاول فهمها، ولو بقلوب متعبة.
يا ليت الأمر بهذه السهولة!
القلوب مثقلة بالهموم، فكيف لها أن تنبض من جديد، وإن كان هنالك نبض فهذا كي نبقي في الحياة ونرى أكثر من المرارة والفقدان، لا أود أن أنشر نظرة تشاؤمية ولكن نحاول أن ننظر للأمور بشكل واقعي، لأنه حقيقة نحاول أن نجابه التحديات والأحزان في الحياة، ولكن نشعر بأن الحياة هي من تلعب بنا .
أعلم أن الحياة ليست عادلة، وأن الأيام تمضي دون أن تعيد إلينا ما أخذته. نحاول الصمود، لكن أحيانًا نشعر وكأننا مجرد أدوار في مسرحية لا نملك نصها. ومع ذلك، ربما ليس المطلوب منا أن ننتصر دائمًا، بل أن نواصل المسير رغم الثقل، أن نجد في كل انكسار معنى، حتى لو كان مجرد إدراك أننا لسنا وحدنا في هذا الطريق. قد تكون الحياة هي من تلعب بنا، لكن في النهاية، نحن من يقرر كيف نواجه لعبتها.
إدراك سبب الغياب وفهم معناه وفهم الغاية من الحياة، قد يجعلنا نتمكن من البدء من الجديد بأمل جديد، الموضوع يحتاج لإدراك واسع لكل ذلك، قد نتوقف ونبكي وننهار ولكن يجب أن ندرك متى يجب أن نقف ومتى يجب أن نعاود مرة أخرى لأن الحياة لن تنتظرنا أبدا
ربما ليس الأمر مجرد معرفة متى نقف ومتى نواصل، بل إدراك أن كل سقوط يترك أثرًا، وأن النهوض لا يعني العودة كما كنا، بل بشيء تغيّر في داخلنا، ربما للأفضل، وربما للأقسى. الحياة لن تنتظرنا، نعم، لكنها أيضًا لن تعلّمنا بلطف، بل عبر انكسارات متكررة حتى نفهم بطريقتها الخاصة. قد يكون السر ليس في البدء من جديد، بل في قبول أننا لن نعود كما كنا أبدًا، وأن الاستمرار لا يعني بالضرورة النسيان، بل التعايش مع كل ما فقدناه ونحن نحاول المضي قدمًا.
قد يكون السر ليس في البدء من جديد، بل في قبول أننا لن نعود كما كنا أبدًا
البداية الجديدة لا تعني أننا سنعود كما كنا، ولكن تعني أننا يمكننا الاستمرار مع النسخة الجديدة منا، الفكرة أن نحاول قدر الإمكان أن التغيير يكون إيجاييا وألا تتغير نفوسنا بطريقة تصعب علينا الحياة وتجعلنا نسخة قد لا نتقبلها ونستغربها أحيانا
صحيح أن البدايات الجديدة لا تعيدنا كما كنا، لكن ربما ليست المشكلة في التغيير نفسه، بل في وعينا به. أحيانًا لا ندرك أننا تغيرنا إلا بعد أن نقف أمام المرآة ولا نعرف من نرى. المسألة ليست فقط أن يكون التغيير إيجابيًا، بل أن يكون مفهومًا، أن نتصالح مع النسخة الجديدة منا بدل أن نهرب منها. لأننا مهما حاولنا، لن نعود كما كنا، ولكن يمكننا أن نصبح شيئًا نستطيع العيش معه دون أن نشعر بأننا غرباء داخل أنفسنا.
نحن نتعلم كيف نعيش الحياة بدونهم وهذا الجزء الأصعب وانا أتكلم عن حالات الوفاة، أما في حالات الفراق الأمر يختلف لا أعلم لماذا يكون الأمر أخف شدةً يمكن لأننا نعلم انهم مازالو معنا في هذه الأرض وأنهم بخير ونستطيع رؤيتهم ومعرفة أخبارهم ، على عكس الوفاة تبقى لقطة الوداع هي الأخيرة رحيل دون عودة
ربما الفارق بين الفراق والموت ليس فقط في إمكانية اللقاء، بل في وهم الأمل. في الفراق، يبقى هناك احتمال، ولو كان ضئيلًا، أن تتقاطع الطرق من جديد، أن تصل رسالة غير متوقعة، أن يحدث لقاء مصادفة. أما الموت، فهو الباب الذي يُغلق بلا رجعة، اللحظة التي تصبح فيها كل الكلمات التي لم تُقل مجرد أصداء عالقة في الفراغ. لكن في كلا الحالتين، نحن لا نتعلم العيش بدونهم، بل نتعلم كيف نحمل غيابهم معنا في كل خطوة، في كل لحظة صمت، في كل مرة ننظر إلى العالم ونعلم أن هناك جزءًا منه لن يعود أبدًا.
التعليقات