لا بد وأنكم سمعتم هذه الجملة كثيرًا عندما يطلب منكم أحد المقربين منكم أن تأخذوا موقف عدواني أو تجنبي لشخص أو مجموعة أشخاص حدث بينه وبينهم بعض المشاحنات. قد تكون مقرب من هؤلاء الأشخاص أيضًا وهذا يضاعف حجم الحرج الذي توضع فيه، وقد لا تعرفهم ولكن هذا لا يعني أنك ليس عليك أن تهتم. عن نفسي تعرضت لهذه المواقف كثيرًا ووجدت نفسي في النهاية أكره وأتحامل على أشخاص لم يأذوني في شيء على العكس تمامًا لم يفكروا حتى في كراهيتي من أجل نزاعات لا علاقة لي بها! فعن نفسي أصبحت لا أسمح بتعرضي لهذا نوع من الابتزاز بعد الآن مهما كانت النتائج، فما رأيكم بشأن هذا المبدأ؟ إلى أي مدى تعتبرونه صواب وإلى أي مدى تعتبرونه خطأ؟
"إذا لم تأخذ نفس موقفي تجاه الأشخاص الذين أذوني فأنت مثلهم." مع أم ضد هذا المبدأ؟
أتفق معك في أن الابتزاز العاطفي الذي يدفعنا لأخذ مواقف عدائية تجاه أشخاص لم يؤذونا مباشرة هو سلوك غير عادل وغير منطقي، ولكن أعتقد أن الأمر ليس دائمًا بهذه البساطة، فهناك حالات تستدعي إعادة النظر في موقفنا.
العلاقات الإنسانية معقدة، وأحيانًا، الوقوف مع شخص مقرب قد يكون ضرورة أخلاقية وليس مجرد انحياز أعمى. مثلًا، إذا تعرض صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة لإساءة حقيقية من طرف شخص معين، فهل يمكننا أن نبقى على الحياد تمامًا؟ في بعض المواقف، قد يكون الابتعاد عن الطرف المؤذي موقفًا تضامنيًا وليس مجرد تأثر برأي شخص آخر.
عن نفسي، كنت أؤمن دائمًا بعدم التدخل في نزاعات لا تخصني، لكن وجدت أن بعض العلاقات تستوجب الولاء وليس فقط الحياد. مرة كنت في موقف حيث طلب مني أحد الأصدقاء دعمًا معنويًا في خلاف مع زميل آخر، وفضلت البقاء محايدًا. لاحقًا، اكتشفت أن الطرف الآخر كان يتلاعب بالمواقف ليكسب تعاطفي، وعندما وضحت الحقيقة، شعرت أنني خذلت صديقي بعدم اتخاذ موقف واضح في البداية.
لكن وجدت أن بعض العلاقات تستوجب الولاء وليس فقط الحياد
اكتشفت أن الطرف الآخر كان يتلاعب بالمواقف ليكسب تعاطفي، وعندما وضحت الحقيقة، شعرت أنني خذلت صديقي بعدم اتخاذ موقف واضح في البداية
إذن عفيفة من الأفضل أن يكون هناك موضوعية في معرفية الطرفين قبل إتخاذ الموقف لصالح أي طرف، فأنا لديَّ موقف مشابه، وحتى الآن أدعم تلك الصديقة في قرارها، ذلك لأنني كنت على دراية بتصرفات الشخص الآخر، هو ليس سيئًا ولكن لديه صفات تلاعبية واضحة، ربما تتناسب مع شخص آخر، ولكنها كانت غير مناسبة لتلك الصديقة، والحكم الموضوعي هنا كان وجود أخطاء من الطرفين فعلًا، ولكن بخلاف ذلك، قرار الصديقة الأخير كان هو الأوقع فعليًا.
كما أشارت إيريني @ErinyNabil من الضروري أن نكون على دراية بالطرفين وكافة تفاصيل الموضوع ونسمع من الجهتين قبل اتخاذ أي قرار بالتأييد أو المعارضة وهذا قد يكون صعب في كثير من الأحيان لعدم وجود علاقة قوية مع الشخص محل الخلاف معه، سأحكي لك تجربة مررت بها مع صديقة. كنا مجموعة كبيرة من الأصدقاء وفي وسط المجموعة أنا مقربة من أشخاص بعينهم بينما الآخرون كانت علاقتي بهم سطحية وكانوا أقرب لأصدقائي المقربين وفي مرة حدث خلاف بين صديقتي المقربة وصديقتي غير المقربة، أنا سمعت بالطبع لصديقتي المقربة فقط وبدا لي من حديثها أن الطرف الآخر شيطان فانحزت لها وشبه قطعت علاقتي بالصديقة الأخرى، لأدرك وبعد فترة وباعتراف صديقتي المقربة أن القصة كانت مختلفة تماما وما عرفته من معلومات ناقصة يجعل صديقتي المقربة مخطئة جدا وتلاعبت بي وباقي أصدقائنا لننبذ إنسانة لم تستحق كل هذه العدوانية، لا استطيع أن أصف لك كم ندمت وتعلمت الدرس من يومها. لا أحد يجعله نفسه مخطئا فالأفضل ألا ننحاز بشكل أعمى.
هذا المبدأ قد يكون غير عادل لأنه يضع الآخرين أمام خيار غير منطقي: إما أن يتبنوا موقف شخصي لا يخصهم أو يُعاملوا كأنهم جزء من المشكلة. العلاقات بين البشر ليست دائمًا بالأبيض والأسود، فقد يختلف شخصان دون أن يكون أحدهما بالضرورة مخطئًا. من الأفضل أن يكون لكل شخص الحق في تقييم المواقف بنفسه، دون إجباره على تبني مشاعر أو مواقف لم يكن طرفًا فيها. الولاء لا يعني العداء لمن يختلف مع المقربين منك، بل يعني تقديم الدعم دون أن تفقد قدرتك على الحكم بموضوعية.
هذا المبدأ قد يكون غير عادل لأنه يضع الآخرين أمام خيار غير منطقي: إما أن يتبنوا موقف شخصي لا يخصهم أو يُعاملوا كأنهم جزء من المشكلة. العلاقات بين البشر ليست دائمًا بالأبيض والأسود
أعتقد أن تبني موقف غير محايد قد يحدث بشكل لا شعوري لو كان أحد أطراف المشكلة مقرب جداً، مثل: أخ، أخت، أب، أم، زوجة.
لا أتخيل أن زوج قد يقف مع غريب له حق ضد زوجته مهما فعلت.
وماذا لو كان الطرفان مقربين منك؟ مثلا زوجتك واختك أو زوجتك ووالدتك أو أخويك أو اثنين مقربين من أصدقائك؟ التحيز هنا ليس حل بل تأجيج للصراع لأنك تميز طرف على حساب الآخر، وتدخلك على حساب أحد الأطراف سيجعل هذا الطرف لن ينسى لك أبدا موقفك وإن نسى وتصالح مع الشخص الذي كانت معه المشكلة من الأساس، فماذا أنت بفاعل؟
في حالة أن الطرفين مقربان -وكان الخطأ بسيط ومتساوي من الطرفين- فمحاولة إصلاح الأمور هي الأقرب للتعقل، لكن بمناسبة سؤالك: مذا ستفعلين إن كان الطرفان مقربين منكِ لهذه الدرجة، والخطأ يقع على أحدهما وتم وضعك في وضع الاضطرار لإعلان رأيك؟ (مثال: زوج اختلف مع أخ الزوجة في بيت العائلة فقام وطلب من زوجته العودة معه إلى بيت الزوجية).
المشكلة الأكبر عندما يكون الشخص المهم بالنسبة لي مخطأ فعلا! وعندما أحاول توضيح ذلك له يلومني لأنني لا أقف بصفه وكأن العلاقات مبنية على السمع والطاعة والتأييد غير المشروط! كيف يمكن أن أدعم ما يخالف مبادئي وما لا أرضاه على نفسي! وتعلمين ما يحدث في النهاية قد يتصالحان مع بعضهما البعض ولكن سأظل أنا السيء بالنسبة لأحدهما!
أنا أعتبر هذا المبدأ صواب في بعض الحالات: قرب الشخص مني ومكانته من نفسي، كذلك معرفتي بالآخرين الذين لديه مشكلة معهم.
من الطبيعي أن يألم الشخص لمصاب المقربين منه، ويزداد ذلك بازدياد القرب، وهو رد فعل طبيعي يمكن من خلاله معرفة مكانة الناس عند بعض.
كما يتوقف ذلك على ممن صدر الخطأ، وموقفي من الآخرين، فلو كان الجميع بنفس القرب فأنا أجد نفسي ابتعد عن النزاع ككل، مهما كانت نتيجة ذلك.
لكن لو كان طرف واحد هو المقرب (حتى لو كان مخطئاً) أجدني أتعاطف معه وأؤيده، وأحاول إخراجه من أي عواقب، لكن ليس تحت شرط بدء نزاع مع أخرين، فذلك من الممكن أن يزيد الوضع سوءاً، ويمحي فرصة إصلاح الأمور.
لكن لو كان طرف واحد هو المقرب (حتى لو كان مخطئاً) أجدني أتعاطف معه وأؤيده، وأحاول إخراجه من أي عواقب
ولكن حتى لو فعلنا ذلك بطبيعة الحال، نحن نعلم أننا على خطأ، بمعنى أن المنطقي هنا أن أنتظر قليلًا حتى زوال الانفعالات الأولى، وأحاول التحدث إلى الصديق/ة بموضوعية عن خطؤه، وليس تشجيعه دون وجود ما يثبت حقه في هذا الموقف.
أنا لا أرى أن عمل الذكاء الاصطناعي هنا له قيمة ولا أرى أن الاعتماد عليه قرار صائب بالمرة.
ولكن ألا يعتمد هذا على تقدير كل شخص لحجم الألم ومدى استحقاقه؟ أعني كيف لي أن أشعر بألم شخص وأنا لا أرى أن الموقف الذي يتألم من أجله يستدعي هذا! ولو كنت محله لم أكن لأبالغ في رد فعلي بهذه الطريقة! أليس من الظلم أن تتم محاسبتي بناء على معايير أو توقعات أشخاص آخرين بعيدة عن شخصي!
أنا لا أرى أن عمل الذكاء الاصطناعي هنا له قيمة ولا أرى أن الاعتماد عليه قرار صائب بالمرة.
أظن أن الاقتباس السابق خاطىء...لكن:
أليس من الظلم أن تتم محاسبتي بناء على معايير أو توقعات أشخاص آخرين بعيدة عن شخصي!
التضامن مع شعور الآخر أو أخذ موقف مؤيد له، غير مرتبط في رأيي بإلزام الطرف الآخر لنا أن نفعل ذلك، زيادة على ذلك محاسبتنا إذا لم نفعل.
بل تأييدنا نابع منّا بحرية كاملة، وطريقة إظهارنا له وتعبيرنا عنه تعود إلينا بشكل كامل.
تذكرت مجموعة مواقف رنا!! للأسف وجدت نفسي مضطرة وقتها إلى الانحياز لأصدقائي، وفعلًا خسرت أشخاص لم يؤذوني في أي شيء، لأنني استمعت إلى القصة من طرف الأصدقاء فقط، ولكن في السنوات الأخيرة، بدأت أتجنب هذا النوع من المشاحنات كليةً، لا أضع نفسي طرفًا وسيطًا إلا في أقل الحدود وفي حالات ضئيلة جدًا، عدا ذلك، أنا لا يهمني العلاقات الشخصية بين طرفين ما دام ذلك لا يؤثر في تعاملاتي مع كليهما في أي شيء، لا أنكر أنني سأحاول قدر الإمكان ألا أؤذي مشاعر الأصدقاء، ولكنني لن أكلف نفسي فوق طاقتها وأتجنب الأشخاص بطريقة طفولية دون سبب.
أنا أيضا إيريني تعرضت لمثل هذه التجارب ولهذا أحببت أن أشارك هذه المساهمة لأسمع كافة وجهات النظر لأن الموضوع نفسه شائع جدا ويعرضنا لتجارب محرجة جدا. فحتى وإن كان الشخص الذي تجنبناه غير مهم لدينا ولكنه إنسان في النهاية لديه مشاعر ويتأثر بالظلم والاحساس بالنبذ والكراهية، بل من الممكن أن يكون ما فعلناه معه سببا في أذى نفسي كبير له قد يؤثر على مفهومه حول نفسه وقيمته واستحقاقه، حقا لماذا نكون سببا في شعور أي إنسان بالعزلة أو أي نوع من المشاعر السلبية! المبدأ غير عادل بالمرة فقد يكون مجرد خلاف يدافع فيه كل طرف عن حق أو وجهة نظر وإذا وضعت نفسي مكان هذا الشخص لم أكن لأحب أن أشعر أنني مكروهة لأنني أدافع عن نفسي!
موقف صعب، ولا أحب أن أجد نفسي فيه.
لكن في مثل هذه الحالات، أحاول أن أكون الشخص الذي يسعى لإصلاح العلاقة بين الأطراف المتنازعة، مستفيدًا من كوني لم أتأذَّ من أي طرف. أعتقد أن هذا يمكن أن يساعد في تهدئة الأمور وتحقيق التفاهم بين الجميع. بدلاً من الانحياز لأحد الأطراف أو التورط في النزاع، أفضّل أن أكون صوتًا محايدًا يسعى للصلح ويحاول توجيه كل طرف نحو التفكير بشكل أوسع وأكثر شمولية.
إذا كان شخص قريب من قلبي قد تعرض للأذى من شخص آخر، لا أستطيع أن أتعامل مع الشخص الاخر بشكل عادي أو أظل محايدًا. مشاعر الأذى التي يشعر بها من أحبهم تؤثر عليَّ أيضًا، وأنا أعتبر من حقي أن أدافع عنهم وأقف إلى جانبهم. حتى إذا لم يؤذوني شخصيًا، أظل أعتبر أنه من الطبيعي أن أتعاطف وأساند من هم قريبون مني.
فما رأيكم بشأن هذا المبدأ؟ إلى أي مدى تعتبرونه صواب وإلى أي مدى تعتبرونه خطأ؟
هذا المبدأ فيه قدر من التسرع في الحكم على الآخرين. فكوني لا أشارك شخصا موقفه تجاه من آذوه لا يعني أنني مثلهم، بل يعني أنني أملك قراري الخاص في التعامل مع الناس بناءً على تجربتي معهم، وليس بناءً على تجارب غيري. هناك فرق بين التضامن مع شخص قريب والتخلي عن استقلاليتي في الحكم على الآخرين. ليس من العدل أن نحكم على الناس من منظور واحد فقط، فكل علاقة لها سياقها الخاص، ومن الأفضل أن نترك مساحة للتفكير الموضوعي بدلاً من الانجراف وراء العواطف وردود الفعل الفورية.
التعليقات