إضطررت في الأونة الأخيرة إلى تعلم الكثير من المهارات و العمل في العديد من المجالات, و تبدلت المهارات بين راحتي يدي مرارا و تكرارا و لكن ما ظل ثابتا كان 4 مهارات لن أنسى لها العرفان في مساعدتي في كل هذه الفوضى هي الإبداع, حكي القصص, حل المشكلات و أخيرا الفضول.
أي مهارة مع الوقت أدركت أنها لن تخرج عن تلك المهارات الأربع, فالإعلام بشتى أشكاله هو حكيا للقصص, المونتاج, التصوير, الكتابة, الرسم حتي تصميم المنتجات و بخاصة الرقمية منها أحيانا يكون قصة تريد أن ترويها ولكن بطريقتك الخاصة, وهي مهن الأن نسميها ( تصميم تجربة المستخدم ) و ( تصميم المنتجات ) و غيرها الكثير من المهن التي تدور على حكي القصة.
الإبداع بالنسبة لي هو فن إستغلال المساحات الضيقة, الوقت مساحة, الموارد مساحة, المعرفة مساحة و المكان مساحة. و كلما ضاقت بك مساحاتك لجأت إلى الإبداع لتخرج فكرة تجعل مساحاتك براح تسع الدنيا و ما فيها, و تجربك على التعمق في الأشياء, فتدفعها نحو الحافة, تستغلها أقصى إستغلال فأنت لا تملك غيرها, و الأمثلة عديد فنجد أن المباني قديما كانت تراعي ضوء الشمس و حركة الرياح و إستخدام مواد مستدامة, ليس لحبهم لتلك الأمور بل لضعف الإمكانيات, فالمصمم هنا لا يملك التكييف أو المصابيح, فوجب عليه أن يبني مبنى مستدام فتعلم إتقان ما يملكه من أدوات مهما كانت ضئيلة, و كلما أقتربت من تلك المباني رأيت الإهتمام بأدق لتفاصيل, فالصورة ليس بها الكثير من العناصر و لذا وجب عليه أن يهتم بكل تفصيلة, فعكف على حكي قصة, يشهد لها الزمن بقوتها.
حل المشكلات هي لب عقولنا, فالذكاءات المختلفة تطوف حول حل المشكلات, التحدث مع الأخرين, إستغلال الموارد بشكل أفضل, الكتابة و حتى القراءة هي حل لمشكلة ما, و إن كان حل المشكلات لب العقل, فالفضول قلبه النابض, لم نصل إلى ما وصلنا إليه لولا أن دفعنا فضولنا إلى هنا فلا تسأل ما هو إسمك, بل قل من سماك و لماذا إسمك هكذا ؟ و هل يعجبك أم أردت غيره, عد إلى القصة مرة أخرى, عد إلى قيمة الأشياء, فالقصة هي ما تعطي للأشياء قيمتها.
في عالمنا الحالي لا يوجد "كورس" لتعليم تلك المهارات و أنا أرى أنه لن يوجد أي دورة قادرة على إحتواء مهارة من تلك بشكل كامل بل فقط سردية لا أكثر و لكن في عالما شاغرا بالإبداع وجب علينا أن نبحث عن شيوخنا الخاصين بنا يشربونا عقولهم و رؤياهم للعالم, و الإنترنت بئر لا ينضب يا صديق فأبحث عن صانع محتوى ترى فيه الإبداع و ألتهم محتواه إلتهاما فكر مثله توقع حديثة, أبحث عنه في كل مكان و ليس هو وحده, أفعل ذلك مع أكثر من شخص, أكثر من شيخ, تغترف منهم رؤياهم للعالم, إغترف العقلية وهو ما لا تنقله الكتب أو الدورات و التي بدأت لتنتهي بدأت لتنتهي, أما صناعة المحتوى فلا يحركها سوى الشغف و هو أكثر ما تريد أن تمتلكه أن تكون شغوفا بما تراه و تكتشفه و بالفعل أنت تحبه و لكن تحتاج إلى دفعة شغف تدفعك قليلا نحو الحافة فهناك تضيق بك الأفق لترتفع لك السماء, فتزداد عمقا و يشتعل إبداعك توقدا.
التعليقات