نستهلك معظم أوقاتنا وأعمارنا في الاهتمام للآخرين، تعاطف.. دعم.. مساعدة.. تفكير زائد.. استياء، والكثير من المشاعر والأفعال التي تستنزف طاقاتنا لأقصى حدودها.

إلا أننا في خِضمِّ الحياة ننسى أهم شخص لدينا.. أنفسنا، نتركها مهجورةً خلف ظهورنا، لا ننتبه إلى احتياجاتها وآلامها التي تبكي في صمت بعد أن أسكتنا صراخ استغاثاتها دون وعي.

لذلك سأخبركِ بأهم النقاط التي يجب أن تنتبهي لها لإصلاح المسار وإعادة ضبط حياتك.

· انتظار السعادة من الآخرين

إذا كنتِ تشعرين بفجوة فارغة بداخلك، تحتاج إلى الامتلاء بمشاعر كالحب والدعم النفسي والتقدير، فأنتِ تنتظرين الحصول على كل ذلك من الآخرين، أو من شخص واحد تريدين الارتباط به ليكون شريك حياتك، ويعطيكِ كل ما تنتظرينه لتصبحي سعيدة.

دعيني أخبركِ بأن هذا الطريق خاطئ، ولن تجدي فيه إلا الإحباط والخذلان المتكرر؛ فالقلوب تتغير، ومشاغل الحياة كفيلة بتغيير المزاج والابتعاد أحيانًا، والأهم هو أن إدراك الطرف الآخر باحتياجك الدائم له من أجل شعورك بالسعادة والثقة بنفسك، سيترك في عقله الباطن انطباعًا بضعف شخصيتك وإلقاء مسئولياتك كاملةً على كاهله، مما يجعله في أغلب الأوقات ينسحب ويبتعد عنكِ إراديًّا أو لا إراديًّا.

لذلك يا عزيزتي يجب أن تُعززي ثقتك بنفسك، بحُب ذاتك والاهتمام بها، وتنمية عقلك، وملء جوانب حياتك بتعلُّم أمور جديدة أو ممارسة هوايات تُضفي عليك أجواء من البهجة.

· الاهتمام بآراء الآخرين

إذا كنتِ تتأثرين بانتقاد الآخرين لمظهركِ أو لأفكارك أو لأفعالك، حتى إن مزاجكِ قد يتعكر طوال اليوم بسبب كلمة سلبية أو نظرة غير مريحة، فأنتِ تعطين الأمر أكبر من حجمه بكثير.

من الطبيعي أن نتأثر بما حولنا، ولكن ما أعنيه هو ألا تضعي آراء الآخرين في قالبٍ كبير الحجم، يمكنكِ الاستفادة بنصيحة أو حتى نقد، فقط خذي منه الجزء الذي يجعلك تكسبين إضافة إيجابية لشخصيتك، وتجاهلي ما تبقى منه.

نعم.. تعلمي فن التجاهل، لا تُفرطي التفكير بما سيعتقده الآخرون أو ما سيقولونه، لا تتخاذلي عن فعل أمور جيدة تريدينها بسبب خوفك من در فعل من حولك، لا تبتئسي إذا لم تنالي إعجاب الجميع؛ فالجميع منشغلون بأمورهم الخاصة، وبعد مرور عدة أيام لن يتذكر أحد كيف كان مظهرك ذلك أو ما كنت تريدين فعله، الشخص الوحيد الذي سيتذكر ويتأثر هو أنتِ، فلتجعليها ذكريات جيدة وإضافات تُثري حياتك وتُنمي شخصيتك، حتى وإن اتضح لك أن تصرفك كان خاطئًا فلا بأس، لا يوجد إنسان على وجه الأرض لا يخطئ، ولكن كوني واعيةً وتعلمي درسًا مما حدث، لتُصبح الأمور أفضل فيما بعد.

· عدم الاهتمام بنفسك

لا يعني الاهتمام بنفسك أن تكوني مبذرة في شراء مستحضرات التجميل أو الذهاب إلى صالونات التجميل أو شراء ملابس وحقائب وأحذية فاخرة.

إنما يعني اهتمامك بنظافتك الشخصية، والعناية ببشرتك وبشعرك، وصحتك النفسية والجسدية.

لا تُهملي كل ذلك بحجة الانشغال بأمور المنزل أو العائلة أو العمل، حتى إذا مرت السنوات ونظرتِ في المرآة تجدين أن مظهرك أصبح بشعًا، ترهلتْ بشرتك وتلفَ شعرك وساءت صحتك العامة، صدقيني لن تجدي من حولكِ يهتمون لإصلاح ذلك نيابةً عنكِ، بل على العكس.. قد يستاؤون منكِ وينحط قدركِ بينهم دون أن تنتبهي.

مهما كنتِ منشغلة، خصصي وقتًا للعناية بنفسك؛ فهي أول من يستحق منك الاهتمام، وهي من ستبقى معكِ دائمًا حين يرحل الآخرون.

· المبالغة في الإيثار

الإيثار فضيلةٌ حثنا عليها ديننا الحنيف، وهي طبع في غالبية النساء بسبب غريزة الأمومة وفطرة حب العطاء، لكن الخطأ الذي قد تقعين فيه هو الإفراط في هذا الإيثار، بمعنى أن يكون نهجكِ في الحياة هو تقديم مصلحة الآخرين على نفسك، وتلبية رغباتهم، بل وقد يصل الأمر إلى تحمُّل بعض المسئوليات نيابةً عنهم، حتى وإن تعارض ذلك مع مصلحتك أو تسبب في خسارة لك أو في إنهاكك طوال الوقت.

من الجيد أن تكوني شخصية لطيفة تقدم المساعدة لمن يحتاجها، ولكن ضعي نفسك في حُسبانك وقيِّمي الأمور، إذا كنت تستطيعين تقديم المساعدة بأريحية فافعلي ذلك بكل سرور، أما إذا كان الأمر يتعارض مع مصلحتك فيمكنك الاعتذار بلباقة أو تأجيله لوقت آخر يناسبك.

لا تقلقي بشأن استياء الآخَر من الرفض، فالأشخاص الأسوياء سيُقدِّرون انشغالك واعتذارك بلطف، أما غير الأسوياء فليس عليك إثقال كاهلكِ بهم.