«البدايات للجميع، والاستمرارية للأقلية» لعل بعضنا سمع بهذه المقولة، ففي أغلب الأحيان نبدأ بأشياء جديدة بحماس غير محدود وآمال وتوقعات عظيمة. فنقضي جل وقتنا في محاولة المضي قدمًا في الطريق سعيًا وراء إنجازات عظيمة تزيدنا حماسًا يدفعنا للمواصلة، ولكن مع الوقت تبدأ طاقتنا في الفتور رويدًا رويدًا، وذاك الحماس الذي بدأنا به يبدأ في الفتور، حتى نجد نفسنا في النهاية قد تخلينا عن الطريق من الأساس، وانتقلنا إلى غيره ففعلنا نفس ما فعلناه في سابقه، ثم انسحبنا مجددًا دون مواصلة، وهكذا نفعل مع كل شيء بلا نهاية تقريبًا. ويكون المبرر الجاهز على الدوام أننا لم نجد شغفنا بعد، لذلك تخلينا في منتصف الطريق.
فهل الشغف هو السبب بحق؟ وهل سنظل طويلًا نبدأ في طرق جديدة ثم نتركها بحجة أنها ليست الشغف المأمول؟ فماذا إن لم يأتي هذا الشغف من الأساس هل سنظل نقف هكذا إلى ما لا نهاية في انتظاره؟
إن الاستمرارية في أمر ما نعتمد من الأساس على الخطة التي وضعناها لأجل السير في هذا الطريق إضافة إلى امتلانا سبب قوي لأجل السير بلا توقف ربما أو التوقف بعد قطع شوط ما.
لنبدأ بالسبب الذي يدفعنا إلى السير في أي طريق نختار، هذه نقطة غاية في الأهمية، فإن اخترنا الدخول لسوق العمل الحر مثلًا لأنها موضة ربما من وجهة نظرنا، أو لاعتقادنا بأنه أكثر راحة من العمل بدوام كامل، أو أن دخلنا سيصير ضخمًا على عكس حالنا الآن، فصدقني سوف نتوقف عاجلًا أم آجلًا متحججين بأن الطريق لا يناسبنا، أو ليس شغفنا. أو صعب. على عكس إن دخلت لأجل سبب قوي يدفعنا للنهوض من السرير باكرًا، وقضاء ساعات طوال أمام حاسوبنا على سبيل المثال أطول من وقت الدوام الكامل لأجل الوصول. سبب كأننا في حاجة ماسة لتحسين دخلنا وإيجاد لقمة العيش، سبب كأننا لا تجد وظيفة بداوم كامل، وعلينا متطلبات وحياتنا متوقفة على هذا. إن كان السبب ليس قويًا صدقني ستفشل في المواصلة.
ننتقل إلى الخطة والاستراتيجية، والتي يجب علينا أن نضعها من الأساس قبل السير في الطريق، مع مراعاة أن تكون واقعية تناسب يومنا ووقتك وطاقتنا، فلا نضع لأنفسنا مثلًا خطة تضمن قضاء يومنا جله في السير في هذا الطريق دون أي شيء آخر، وتستمر هكذا لأيام متواصلة، ستمل في النهاية، أو ستتراكم علينا المسؤوليات الأخرى التي أهملناها، ونكتشف بأن علينا حمل ثقيل لا بد من تخفيفه سريعًا، حينها سنتخلى في محاولة التخلص من ذاك الحمل.
أن نفعل شيء واحد في اليوم أفضل من أن ننتحر في بداية الطريق من كثرة المهام، ثم تنهار في النهاية وتتخلى عن الطريق.
وأنت عزيزي القارئ ... ما الذي تظن أنه يجب فعله حتى يستطيع المرء الاستمرارية في الطريق؟
التعليقات