نسمع كثيرًا المقولة: "فاقد الشيء لا يُعطيه" وكأنها قاعدة ثابتة تُحكم بها مشاعر الناس وقدرتهم على العطاء...
فمن لم يُحَب لا يُحِب ومن لم يُحتَرَم لا يحترم ومن لم يُمنح الأمان لا يعرف كيف يمنحه
لكن في المقابل ظهرت مقولة مضادة: "فاقد الشيء يُعطيه، وبكثرة!"
وهي تُعبّر عن أولئك الذين عانوا من الفقد فصاروا يعطون ما افتقدوه لا لأنهم امتلكوه يومًا بل لأنهم عرفوا مرارة غيابه
كأن يُغرق من لم يُحتضن يومًا أبناءه بالدفء أو من نشأ في بيئة قاسية يتحوّل إلى أكثر الناس لطفًا ورأفة
وعن نفسي أؤمن أن "فاقد الشيء" قد يعطيه وقد لا يعطيه...
فالأمر يعود إلى شخصية الإنسان وطبيعته
من كان رحيماً وودودًا سيأبى أن يعيش الناس نفس الألم الذي عاشه فيعطي ما حُرم منه
أما من كانت طباعه قاسية فقد يتأقلم مع فقده ويعتبره واقعًا لا يستدعي التعويض بل يكرّره دون وعي
للأسف، هذه الصورة تحدث كثيرًا:
نقابل أشخاصًا يُدهشنا كرمهم العاطفي رغم ما مرّوا به
ونقابل آخرين يُبررون القسوة لأنهم لم يتعلّموا غيرها
فلا المقولة الأولى صحيحة دائمًا ولا الثانية.
الواقع معقّد والنفس البشرية عميقة لدرجة أنها لا تُختزل بعبارة ولا يُوصف مكنونها بجملة متداولة
🔹 سؤالي لكم:
هل تعتقدون أن الإنسان قادر فعلًا على تقديم ما لم يُمنح له؟
أم أن فاقد الشيء يعجز عن منحه لأنه لم يعرف طعمه؟
التعليقات