مرحباً يا رفاق !
سأفتتح مساهمتي بسؤال مألوف بسيط في شكله وتركيبه، أيها القارئ لهذه النص .. هل أنت وحيد ؟
سيجاوب البعض منكم مندفعاً بالتأكيد أو النفي، والبعض الآخر سيستهلك ثوان وربما دقائق ليراجع موسوعة علاقاته، وآخر بكل بساطة سيسحب نفسه من السؤال ملقياً بأكثر الإجابات راحة في هذه الحياة : "لا أعلم" !
بعيداً عن إجابتك الخاصة يا صديق دعنا نخوض نقاشاً صغيراً حول هذا المفهوم ومشتقاته .. ما هي الوحدة ؟ ربما أنت تمتلك تعريفك الخاص لها كما أمتلك تعريفي الخاص أيضاً، ولكن ما ألاحظه في إجابات البعض وحديثهم عن أنفسهم أنهم يخلطون بين مفهومي الوحدة والعزلة والبعض لا يفرق بينهما من الأساس .. فهل الوحدة والعزلة وجهان لعملة واحدة كما يقال ؟
وفي ذلك أقول : "العزلة حالة ولكن الوحدة شعور" .. فما معنى ذلك ؟
العزلة هي حالة اعتزالك البشر وانزوائك بعيداً عنهم في حالة خلوة مع نفسك فقط، بغض النظر عن ما تشعر به في تلك اللحظات، ولكن الوحدة تختلف في طبيعتها لأنها شعور كامن في القلب، هو وحشة الروح وافتقارها للأنس، الوحدة قد تكون نتيجة منطقية للعزلة ولكنها قد تترافق مع الإجتماع أيضاً، فمحاوطة الناس لك ليست عازلاً يقيك من تسلل الوحدة إلى أعماقك .. كم من وحيد بين الجموع .. كم من وحيد بين أهله وأحبابه !
العزلة اختيار، ولكن الوحدة ...؟
نحن بشر .. قد نختار العزلة في أحيان كثيرة لأننا نحتاج بعضاً منها لصفاء أرواحنا وعقولنا، ولكن من منا يختار الوحدة بحريته ؟ من منا يختار أن يذوق مرارة الوحشة بمفرده ؟ أن تختفي المشاركة من قاموسه، أن يعيش نصف حياة بلا تفاعلات، ومشاعر مبتورة على الدوام ؟ هل تقوى على ذلك يا إنسان ؟
لماذا نخاف العزلة ؟
تساؤل يأتي دائماً في مقدمة التساؤلات التي تثير اهتمامي، لماذا يخاف الناس العزلة ؟ وأول ما خطر ببالي وأنا أبحث عن إجابة لهذا التساؤل هو ذات السبب الذي تكلمت عنه أعلاه، يخاف الناس العزلة لأنهم يظنونها وحدة أو على الأقل يخافون من أن تؤدي بهم إلى الشعور بالوحدة .. وهنا نأتي لطبيعة العزلة ووقتها وشكلها، فالعزلة شكل من أشكال الإتصال بالنفس .. أنت لست وحيد، أنت برفقة نفسك .. فقط لا تبالغ .
لماذا نحتاج للعزلة ؟
أحتاج العزلة لأعيد اتصالي بنفسي، لأحاورها لأفهمها، لأواسيها وأمنحها استراحة من فرض التلاقِ وما يصحبه من التزامات أخرى قد تكون ثقيلة على النفس الهشة التي نحملها في جوفنا، وأحتاجها لأكتب وأرتب فوضى أفكاري الدائمة، وألقي نظرة خارجية على ما تبدو عليه حياتي وما أبدو عليه أنا .. إنني أتغير ولابد أن أتعرف على نفسي في كل مرة من جديد !
في هذه المساهمة طرحت جمعاً من الأسئلة، لك الحرية لتجيب على ما تشاء منها، ولتختار ما أثار اهتمامك من نقاط لتعلق عليها، أما أنا فسأنتظر تعليقاتكم بكل شوق أملاً في التعرف على نظراتكم المتباينة حول هذا الموضوع .
وأعود لأختم بالسؤال نفسه الذي كان مدخلنا لهذه المساهمة، أيها القارئ .. هل أنت وحيد ؟
"قل لي، هل اختلفت إجابتك الآن؟"
التعليقات