عندما أريد أن أصرخ بأعلى صوتي لأخبر العالم أني هنا، لكنني فجأة أتوقف، أين هذا العالم بالأساس؟

عندما أريد أن أثبت للكل أني موجود، أشك أنا الأول في ذلك. هل أنا موجود حقا؟

عندما أرى حلما أكون فيه أميرا و أستيقظ، فإذا بي لا أعرف أأنا هذا الإنسان البائس حلم بنفسه أميرا أم أمير يحلم بأنه إنسان بائس. و من قال أن الأمير ليس بإنسان بائس؟

أريد أن أعرف فقط من أنا؟ لأني بت أراني غير موجود بل لا أرى أحدا موجودا. تبدد شخصية حاد أو مجرد اضطراب عقلي، لا يهم فهو موجود. من الموجود يا هذا؟ ألم أقل لك لا تستعمل كلمة ''موجود''، ما أدراك أنت ما الوجود؟

حسنا، لن أستعملها (لا تصدقوني فسأفعل)، لكن دعني و دعوني أنتم يا من لا أعرف من أنتم؛ إني أريد أن لا أكون، و أنقرض مع نغمات شوبان، أتركها تحملني إلى اللاوجود ، أريد أن أذوب في رائحة المطر حتى أرى الوجود إن كان موجودا.

أريد أن أحزم حقائبي حيث كوب شاي، كتب، حسوب و مسجل موسيقى و أذهب في أرجاء الكون أو الأكوان من يدري. فإليكم ما فعلته في رحلتي:

سألت فلاسفة العصورِ

سألت الرياح

و الجبال

و الأشجار

سألت ساكني الخيام و ساكني القصورِ

بالله عليكم أخبروني : من أنا؟

أأنا قطرة ماء في خضم الوجودِ

حبة رمل

في الصحراء

أم تراني ذرة تائهة في الكون

بين العدم و الخلودِ

بالله عليكم أخبروني: من أنا؟

بحثثت في صفحات الكتبِ

في ضحكات الأطفال

في الأطلال

بحثت في إشراقة الشمس

و في الغروبِ

بالله عليكم أخبروني:من أنا؟

إني شخص يخاف من وجودهِ

من صورته في المرآة

من نظراته

من ضحكاته

شخص يخاف من رؤية يدهِ

فبالله عليكم أخبروني من أنا؟

لكني لم أتلق جوابا يشفيني، فأعدت فض حقيبتي التي اهترأت معي، لملمت أفكاري المبعثرة مع نغمات شوبان و وقع المطر. ثم قلت لنفسي التي لا أعرفها:

ستضيع حياتك يا عزيزي و أنت تبحث عن ما أو من تكون، فلا أنت بعارف جواب سؤالك و لا بمستمتع بالحياة بين يديك. لقد قالوا، أولائك الذين يعرفون أحسن منك (إن كانوا موجودين) حبا بالله أبعد عني كلمة الوجود و مآسيها. قالوا فيما معناه أننا ننسى أن نعيش و نحن نبحث عن معنى الحياة.

هكذا لن أكون و أنا أبحث عن من أكون. إذا سأعيش و حسب مبسطا الحياة و مبتعدا عن هذه الأسئلة الفلسفية المعقدة. يا سلام، وجدت حلا لمأساتي.

رائع، حزمت حقائبي ثانية؛ سأذهب في رحلة على نغمات موازرت و نسمات الريح لا لأسأل هذه المرة و إنما لأعيش.

لكن ما معنى أن أعيش؟ ما معنى أن أكون حيا؟ . . .