أتذكر خلال فترة الحياة الجامعية أن لي أحد الأصدقاء من ذوي الاهتمام العلمي الكبير إلى الاستمرار بتحضير الدراسات العليا، وكان يقول لي دائمًا: " لماذا على الجميع أن يتعب بنفس قدر تعبي؟ حينما تحرص على مساعدة غيرك كُن على ثقة تامة بأن الله سيساعدك أيضًا وسيُرسل لك مَن يعمل على تسهيل قضاء ما تسعى إليه". 

هناك مثال آخر على النقيض، رغم أنه أقل علمًا من المثال السابق ذكره ولكنه لديه فلسفة غريبة بعض الشيء حيث تقوم على فكرة أن ما يصل إليه هو مجهوده الخاص ولا يرتبط بأي إنسان غيره، وهذا الأمر من وجهة نظره لايُصنف كأنانية منه بل هو بذلك يحفظ حقوقه.

لا أفهم في حقيقة الأمر ما العلاقة بين نجاحنا الشخصي وفشل الآخرين، ومازلت أحاول فهم العلاقة الارتباطية التي تكون عند بعض الأشخاص التي تستند على أن وجود الناجحين يستلزم في الوقت ذاته إلى ضرورة وجود الفاشلين. 

لماذا لا نُبدع وندع الآخرين يُبدعون؟ أشعر أن العالم سيصبح أفضل إذا كانت هناك حالة عامة من الروح التعاونية والخير بكل مكان، وفي هذه اللحظة سيُحقق الجميع الأهداف الخاصة به وسنصل إلى أن المصلحة الخاصة لاتتعارض مع المصلحة العامة.

تتزايد المنافسة يومًا تلو الآخر ومن الممكن أن يختلط علينا الأمر فيما يخص قواعد المنافسة الشريفة، سواء عن عمد أو بدون عمد ولذلك يجب مراعاة صفة العطاء وحب الخير للجميع حتى لا تطغى الحياة المادية وتعقدها على أجمل الصفات الإنسانية.

لا أرى أي مُبرر لفرحة شخص ما بتعثر زميله أو صديقه ولا أجد أنه كشعور طبيعي أو منطقي، وخاصة أن لكل إنسان طريقه المختلف وليس نحن في سباق مع غيرنا ولا هناك مَن يتسابق معنا. الجدير بالذكر في حالة تشابه مجالات العمل والاهتمام أن الأمر الهام يدور حول تحسن الفرد باستمرار أي يتقدم ويُصبح اليوم أفضل من الأمس. وتُعد المقارنة من أساسيات الضغط النفسي ودليل على عدم صحتها وفي حالة الرغبة بالمقارنة تكون على حدود الشخص ونفسه فقط ولا وجود لأشخاص غيره.