كنت أقوم بمشاهدة دورة تدريبية لعملاق صناعة الموسيقى السينيمائية Hanz Zimmer، حيث كان يشرح الطريقة التي يجب أن يفكر بها الموسيقي أثناء كتابة موسيقته، وجاء من ضمن المعايير أنه يجب أن تكون هناك أسئلة وأجوبة يتم طرحها بالعزف، السؤال يأتي في نغمة من الأسفل إلى الأعلى، والجواب يتم في نغمة من الأعلى إلى أسفل، لقد أكد (زيمر) أن الموسيقى المصاحبة للأفلام يجب أن تكون غالبية نغماتها معبرة عن السؤال وليس الإجابة، لأن الأفلام يجب أن تكون مشوقة، يظل المشاهد يسأل "وماذا بعد؟" وكذلك يجب أن تسأل الموسيقى، وعندما أمعنت التركيز، وجدت أن الموسيقى التي تأتي بنغمات تصاعدية استفهامية لها جاذبية خاصة.
السؤال في الفن
ليس السؤال موجود فقط في الموسيقى، ولكن في كل حقول الفنون على الأرجح، في الرسم مثلًا، أجد لوحات تعبر عن اللا نهائية "ماذا بعد!؟"، وأخرى تخفي خبرًا ما، أيضًا في العمارة نجد تسلسلات من الديكور تجعلنا نسأل "إلى أين"، "أين هي البداية وأين هي النهاية؟"، وكذا الحال في الأعمال الدرامية التي تنتهي بينما قد تركت في داخلنا أسئلة كثيرة سواء كانت سينيمائية أو روائية.
في اعتقادي أن الفن حين يطرح سؤالًا فإنه من الأفضل أن لا يقوم بالإجابة عن هذا السؤال وذلك لسببين، الأول هو أن عجز المتلقي عن الإجابة عن السؤال تجعله يدرك حقًا قيمة الفن، كما أن السؤال المتبوع بجواب يفقد جاذبيته، يمكنني أن أسألك سؤال أنت تعرف إجابته لأعبر عن شيء ما، مثلًا: أنت تخبرني بأن أحدهم سرق محفظتك، فأسألك: هل دام الحرام لأحدهم؟، ثم لا أجيب عن السؤال لأنك تعرف الإجابة، وأني لو أجبتك سيفقد خطابي بلاغته (هذا بصرف النظر عن أن الحرام دام للكثيرين بالفعل).
وهذا تحديدًا ما يفعله الفن، إنه يطرح سؤالًا لتتخيل الإجابة، أو نتوقعها، أو نعجز عن الإتيان بها، وفي كل الأحوال سيجذب هذا الفن الذي يطرح التساؤلات انتباهنا أكثر من ذلك الذي يضع أجوبة محضة، أو يطرح أسئلة ثم يجيب عليها.
التعليقات