منذ ولادة الطفل تتولد معه احتياجاته النفسية مثل الحاجة إلى عناق، والحاجة إلى اهتمام، والحاجة حتى إلى الإعتراض!

ولكى ينمو الطفل، ويصبح بصحة نفسية جيدة لابد من تلبية تلك الاحتياجات من قِبَل الأب، والأم. وتلك التلبية لابد أن تكون بقدرٍ كافٍ فلا هى زائدة عن حدها، ولا هى منعدمة. وعلى الرغم من كونها احتياجات فطرية لدى الجميع إلا أنها لم تُقدم أبداً بلا مقابل. بل أصبح لزاماً على الطفل أن يدفع ثمنها غالياً، وهذا ما أشار إليه د. محمد طه فى كتابه الخروج عن النص.

هل حُبك لأبنائك حباً مشروطاً؟

"اشرب اللبن حتى أُحبك" مَن منا لم يسمع تلك الجملة، أو شبيهاتها من العبارات التى تربط بين الحب، وفعل الشئ!

وكأن الأب، والأم لن يحبوا أبنائهم إلا إذا فعلوا كذا، وكذا.

ولأن الطفل فى حاجة إلى ذلك الحب، والاهتمام يقوم مضطراً فى سن الخامسة بعمل عملية تجميل لنفسه بحيث يناسب الوضع المحيط به، ويحصل على احتياجاته فى الوقت ذاته. ومن هُنا يدفن نفسه الحقيقية، وتخرج نفسه المزيفة!

تأثير دفن النفس الحقيقية:

إذا نظرت إلى مَن حولك ستجد:

١. الطفل المؤدب كما يسمونه الذى لا يخرج صوته، ولا يعرف أن يقول لأ! كل ما لديه هو الاستسلام. بعدما دفن نفسه الحقيقية القادرة على المواجهة، وأخذ الحق.

٢. الطالب الذى لا يعرف شئ غير المذاكرة، ولا يجيد اللعب، أو المزاح. والذى دفن ابداعه، وحيويته.

٣. الفتاة التى تبالغ فى اظهار مفاتنها، والتى تدخل كل يوم فى علاقة. بعدما دفنت أنوثتها الحقيقية المليئة بالحياء، والحنان.

وغيرها من الشخصيات الذين نراهم فى أنفسنا، وفى مَن حولنا. وكله بسبب الحب المشروط، والعبارات التى تتردد على عقولنا مثل:

لا تبكى أنت رجل، الرجل يعنى صوت عالى!

المرأة تعنى قلة الحيلة!

كيف نعود لأنفسنا الحقيقية؟

يرى د. محمد طه أن عودتنا لأنفسنا الحقيقية يحتاج إلى علاقة. علاقة صحية توصل لك رسايل انسانية غير الرسايل المشوهة التى وصلت من قبل! علاقة مليئة بالحب، والاهتمام للغير مشروطين.

علاقة تخبرك أنك مقبول فى فشلك، ونجاحك، وضعفك، وقوتك، وعجزك، وقدرتك.

ماذا عنكم، هل ما زلتوا تحبون أبناءكم حباً مشروطاً؟

أين أنتم، فى أحضان أنفسكم الحقيقية، أم فى براثن أنفسكم المزيفة؟