خلال الآونة الأخيرة، بدأتُ أرصدُ ظاهرةً بكليات الطب؛ وهو شهودها حالات زيجات كثيرة بين طلابها، وهي الأولى في ذلك بين الكليات، ولا عجب بالتأكيد؛ إذ هي كليةٌ تتطلبُ سبع سنين من الدراسة، فيتحصّلُ الطبيب حديث التخرج على شهادته وهو قرابة سبعة وعشرين عامًا، وهذا رقمٌ كبيرٌ نوعًا ما إذا ما قورنَ بخريج التجارة مثلًا، والذي يتخرج وهو ابن اثنين وعشرين عامًا، ويصير ذي خبرة تساوي خمس سنين في سوق العمل، بينما يكون حينها خريج الطب يتلمّسُ خطواته الأولية في ممارسة الطب.

 إن الحاجة للزواج أمرٌ فطريٌّ فينا كبشرٍ، يبدأ مع كثير منا في فترة مُراهقته، أي في أواخر عهده بالمدرسة تقريبًا، ولكن هل مجرد الحاجة إليه كافيةٌ لإقامته؟ وهل ننتظرُ حتى نفرغ من الدراسة بكاملها؟ أم نحذو حذو كثير من طلبة كلية الطب وغيرها من كليات؟ لنناقش موضوع الزواج المبكر من خلال طرح إيجابية تُقابلها سلبية. 

استقرارٌ يساوي إنتاجية دراسية أكبر، ولكن ماذا عن مدى النضج؟

يزعم الكثير أن الزواج يُعطل ويُعرقل مسيرة التعليم، ولكني أرى غير ذلك؛ فإنْ توافر النضج في الزوجان، واستطاعا تخطيط حياتهما وتنظيم أوقاتهما، فأزعم أن الزواج سيساوي تفوقًا ونجاحًا مبهرًا؛ حيث يُشبعُ المرءُ الحاجة المُلحة للزواج لديه، والتي كانت تُشتته قبل ذلك عن التركيز، فيُقدِّم إنتاجية أكبر، إضافةً إلى أنه سيجد بجانبه شريكه الذي يُعينه ويُساعده ويشجعه على القيام بأعباء دراسته. ولكن الزواج مسؤولية بلا شك، وليس هزلًا على الإطلاق، فاللذين سيتزوجون وهم على قيد الدراسة، هم حديثو سن بالتأكيد، وهنا يأتي دور الأهل في تهيئة أولادهم لهذه المسؤولية وهذه التبعات المرتبطة بالزواج، ولكن هل سيستوعبُها الزوجان حديثا السن؟

أولادٌ مُقاربين في السن بشكل جيد من والديهم، ولكن ماذا عن المادة؟

كلما تزوج المرء مُبكرًا، كلما كان أقدر على تقويم ابنه؛ إذ سيصير صديقًا له أكثر، بسبب أن الوالدين وأولادهم إنما هم من جيل مُتقارب، فيستطيع الوالدان فهم تفكير أولادهم وتقويمهم بالشكل الأمثل. ولكن مجيء الأطفال يساوي مصاريف مادية كبيرة، فهل سيستطيع الوالدان أن يوفوا بها وهم في هذا السن؟

عملٌ بجانب دراسة، ولكن هل يستطيع؟

على الزوج النفقة على ذويه، هذه هي القاعدة، كبر الزوج أو صغر، فينبغي على من يُقدم على هذه خطوة، أن يكون رجلًا مُتحملًا للمسؤولية بما تحمل الكلمة من معنى، يستطيع أن يعمل ويكدَّ إلى جانب دراسته، وإلى جانب الاهتمام بأسرته. ولكن هل يقدر الزوج أن يوفي بكامل الحقوق في حياته (العمل والدراسة وأهل بيته) في هذه الفترة؟ 

ما رأيكم في قضية الزواج المبكر؟ وهل تُغلّبون جانب الإيجابيات أم السلبيات؟

وهل ترونه أمرًا يمكن أن يكون واقعيًا في حياتنا المعاصرة أم أنه صعب المنال؟