شهد عام 2013 أول عهدي باستخدام الهواتف الذكية بثوبها الحالي، وقد كنت مُنبهرًا بما في هاتفي الجديد من إمكاناتٍ هائلة، إذا ما قورنت بما كان قبلها من هواتف محمولة. ولأنني كنت مهتمًا بالأمر، وقعت عينيَّ آنذاك على مقالةٍ مفادها أن استخدام الهواتف المحمولة الذكية، يشهد ارتفاعًا كبيرًا، وأنه يحل محل أجهزة الحواسيب الكبيرة وأجهزة الحواسيب المحمولة (Laptops) بشكل مروّع شيئًا فشيئًا؛ وذلك لأنه بالتقدم التكنولوجي الذي يحصل فيها، بدأت تلك الهواتف تشغل مهامًا كثيرةً مما كانت تقوم بها الحواسيب، بل صارت تُنفذها بشكل أفضل! وذلك مُجرَّبٌ على سبيل المثال من قِبَل مستخدمي مواقع فيسبوك ويوتيوب، والذين سيتفقُ كثيرٌ منهم على أن تصفح مثل هذه مواقع على الهاتف الذكي أكثر إمتاعًا من الحواسيب الكبيرة. ولكن بعد مُضيّ حوالي ثماني سنوات، أقولها وأنا مُقتنعٌ تمامًا، أني أفتقدُ حياتي ما قبل الهواتف الذكية! ولكن من أية جهة؟

تحكمٌ أكبر بالوقت

يتّسمُ الهاتف الذكي بسهولة الاستخدام؛ فبالإمكان استخدامه جالسًا أو نائمًا أو واقفًا أو على أية وضعية، مما يُسهّل أن تمتد إليه اليد! ولكن قديمًا عندما كنت أستخدم الحاسوب الموجود على المكتب، فبمجرد أن أُغلقه، فقد طويتُ صفحته تمامًا، واستطعت قضاء وقتي فيما يفيد وينفع من حياتي الواقعية؛ لأنه إن سوّلت لي نفسي فتحه من جديد، فيستلزم الأمر انتظارًا ليس بقليلٍ حتى يفتح الحاسوب من جديد، وسأكون مُقيدًا بالجلوس على الكُرسي المواجه له. وخلاصةُ هذه النقطة أن الصعوبة في الفتح (الوصول) = قلة في الاستخدام.

تركيزٌ بلا تشتت

تُساهم تطبيقات الهاتف وتنوعها في تعزيز التشتت لدى المرء بشكل هائل، فصار الواحد منا لا يُطيق قراءة عشر صفحات متواصلة من كتاب، أو حتى سماع مقطع فيديو بتركيزٍ كبيرٍ لمدة ربع ساعة. ولكن قبل ذلك أزعمُ أني كنت أستطيع التركيز بشكل أكبر، إذ عندما أنغمسُ في عملٍ ما، موفرًا حولي الأجواء الهادئة، استطعتُ التركيز، المؤدي ولابد للإنجاز، فالجو خالٍ من سماع أصوات إشعارات مُزعجة من تطبيقات الهاتف المُشتتة.

حياةٌ اجتماعيةٌ حقيقية لا افتراضية

قرأتُ مقولةً راقت لي كثيرًا، وهي أن استعمال الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، قد قرّبت البعيد، وبعّدت القريب! فالأولاد مُنغمسون في هواتفهم للحديث مع أصدقائهم البعيدين عنهم عشرات أو ربما مئات الكيلومترات، في حين أن والديهم إلى جانبهم لا يعبؤون بوجودهم!

كما وأفتقد البساطة في إرسال الرسائل النصية عبر الهواتف، فمن ينسى الرسائل النصية للتهنئة بالأعياد ووقعها على القلوب؟ فقد كان لتلك الرسائل مذاقها الخاص بالنسبة إليَّ؛ لأن صاحبها بذل من نقوده ليُهنّئك، عكس رسائل واتساب حاليًا.

هل تفقدُ حياتك ما قبل الهواتف الذكية؟

هل ترى من سلبيات أخرى لها غير الذي ذكرتُ؟