كثيرا ما نسمع ونقرأ عن التأمل، وكيف يساعد على الاسترخاء وصفاء الذهن، ويحسن جودة الحياة على المستوى الجسدي والنفسي والعقلي.
كيف تشرح لي التأمل؟ وكيف تمارسه؟ وما هي حسناته عليك؟ وكيف كانت حياتك قبل ممارسة التأمل، وكيف أصبحت بعده؟
أظن أن أقرب صورة للتأمل في ديننا هي التفكر، ذلك الذي دعا الله إليه في مواضع كثيرة من القرآن، حين قال
«ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك...»
فالتأمل في الإسلام ليس انفصالًا عن الواقع أو تمرينًا عقليًا مجردًا، بل هو وقفة صادقة مع النفس ومع خلق الله. هو أن تهدأ قليلًا، وتغلق ضجيج الدنيا، وتتأمل في نعمةٍ بين يديك، أو آيةٍ تمرّ بها، أو مشهدٍ من الطبيعة يذكّرك بعظمة الخالق. حين نمارسه بهذه النية، يصبح نوعًا من الذكر العميق، يريح القلب ويصفّي الذهن ويقرّبنا من الله أكثر. قبل أن أعتاد التأمل بهذا المعنى كنت أشعر بأن أفكاري متشابكة وضغوطي كثيرة أما الآن فأصبحت أجد لحظات السكون تلك كفيلة بأن تعيد لي التوازن وتخفف عني التوتر، تمامًا كما يفعل الدعاء أو قراءة القرآن بخشوع.
التأمل هو تمرين ذهني يهدف إلى تهدئة العقل، التركيز على اللحظة الحالية، وملاحظة الأفكار والمشاعر دون الانغماس فيها أو الحكم عليها.
برأيي التأمل ليس الحل الحقيقي كما يظن البعض. قد يجعلنا نشعر بالراحة قليلًا، لكنه لا يغيّر الواقع ولا يحلّ المشكلة. الأفضل أن نواجه ما يزعجنا ونحاول إصلاحه بدل أن نهرب منه. التأمل يريحنا وقتًا قصيرًا، لكن الحل يكون في الفعل لا في الجلوس بصمت. أظن سبب انتشار فكرة التأمل هو أن كثيرًا من الناس تراه طريقًا أسهل للهروب من الضغط بدل مواجهة ما يؤلمهم فعلًا، لذلك يعتقدون أنه الحل بينما هو مجرد راحة مؤقتة.
غالبا لا يرجى من التأمل حل المشاكل وتغيير الواقع، وإنما تهدئة النفس، وتخفيف الضغط، والتفكير بهدوء، مما يجعلنا نتفحص المنغصات بموضوعية ومحاولة إيجاد حلول لها. والتساؤل المطروح الآن، هل التأمل يحقق لنا ذلك بالفعل؟
أشارت @Lina_Amer1 ما أمرنا به الله فى القرآن من تدبر وتأمل للكون ولأنفسنا وأحوال الناس
وهذا معنا ببساطة أن نتفكر فى كل شئ حولنا قدر المستطاع قبل أن ننغمس فيه ونأخذ العبر والحلول لما نحن مقدمين عليه وفى هذه الحالة ستكون خطواتك فى رحلة الدنيا ثابتة وواضحة وحتى لو اختلت بعض الشئ ستقف سريعا .
أعجبتني زاويتك كثيرًا، لكن دعيني أختلف قليلًا معك، لأن التفكر الذي أمرنا الله به أوسع من مجرد التأمل الهادئ أو التدبر الساكن. فالتأمل الحديث غالبًا يركّز على السكينة و صفاء الذهن، بينما التفكر القرآني دعوة للحركة والفعل والتغيير بعد الوعي. أحيانًا، الإفراط في التأمل يجعلنا نغوص في الداخل وننسى الواقع الذي ينتظرنا في الخارج، وكأننا نطلب الطمأنينة بدل المواجهة. لكن الله لم يأمرنا فقط أن نتأمل في الكون، بل أن نعمل به بعد أن نتفكر فيه.
التعليقات