استوقفني مشهد في مسلسل ولاد شمس، وهو قيام أحد الأسر بإرجاع طفل مكفول بعد كذا سنة قضاها معهم وتعلق بهم لمجرد أنهم أنجبوا، وظل هذا الموقف محفور في ذاكرة الطفل حتى كبر، هناك تحديات كثيرة تواجه الأطفال المكفولين في الأسر الجديدة، لذا برأيكم كيف يمكننا ضمان استقرار الأطفال المكفولين داخل الأسر دون أن يصبح التكافل حلًا مؤقتًا ينتهي عند تغير الظروف؟
كيف يمكننا ضمان استقرار الأطفال المكفولين داخل الأسر دون أن يصبح التكافل حلًا مؤقتًا ينتهي عند تغير الظروف؟
استقرار الأطفال المكفولين في الأسر الجديدة يتطلب نظامًا متكاملًا لكن الواقع أكثر تعقيدًا التقييمات والمتابعة مكلفة وغير شاملة، ولا تضمن استمرارية الالتزام. التدريب والتوعية لا يغيران بالضرورة سلوك الأسر عند تغير ظروفها الشخصية. القوانين، حتى لو كانت صارمة، تواجه مقاومة ثقافية واجتماعية تجعل تطبيقها صعبًا. الدعم النفسي وحده لا يكفي إذا لم يكن هناك إرادة حقيقية من الأسر للالتزام. الاعتماد الكلي على الكفالة الأسرية غير واقعي؛ يجب تعزيز مؤسسات الرعاية البديلة وتطويرها لتكون خيارًا فعّالًا ودائمًا للأطفال الذين لا يجدون استقرارًا في الأسر. بدون حلول جذرية تعالج الثقافة المجتمعية والموارد المحدودة، ستظل المشكلة قائمة.
التقييمات والمتابعات "غير شاملة".
التكنولوجيا الحديثة أصبحت توفر أدوات لمتابعة الأسر بشكل دوري وفعال. بالطبع، هناك تحديات في التطبيق، لكن يجب أن نكون واقعيين ونعترف أن القوانين الصارمة لا تواجه مقاومة ثقافية دائمًا، بل قد تواجه مقاومة بسبب عدم وجود آليات تطبيق حقيقية على الأرض. يجب أن نعمل على تطوير هذه الآليات، مثل توسيع دور مؤسسات الرعاية البديلة، مع توفير تمويل كافٍ لهذه البرامج لضمان استمراريتها وفعاليتها.
الافتراض بأن المشكلة تكمن فقط في غياب آليات التطبيق يتجاهل حقيقة أن المقاومة الثقافية والاجتماعية لا تزال عائقًا رئيسيًا أمام نجاح الكفالة الأسرية. ليس من الواقعية افتراض أن القوانين الصارمة ستكون فعالة بمجرد وجود آليات تنفيذ، لأن الثقافة المجتمعية قد ترفض هذه القوانين أو تتحايل عليها، مما يجعل التنفيذ أكثر صعوبة.
علاوة على ذلك، الرهان على التكنولوجيا وحدها كأداة متابعة يغفل أن المشكلة الأساسية ليست نقص البيانات، بل غياب الإرادة الحقيقية من بعض الأسر الكافلة للاستمرار في التزامها، وهو ما لا تستطيع التكنولوجيا تغييره. فالمتابعة الرقمية قد توفر مؤشرات، لكنها لا تضمن تغيير السلوك أو الالتزام طويل الأمد.
أما فكرة أن توسيع مؤسسات الرعاية البديلة يحتاج فقط إلى تمويل، فهي تبسيط مفرط للمشكلة. التمويل ضروري، لكنه لا يحل معضلة جودة الرعاية داخل هذه المؤسسات، ولا يضمن أن تكون بيئة تعويضية حقيقية للأطفال الذين يفشلون في إيجاد استقرار داخل الأسر الكافلة. لذا، لا بد من التركيز على إصلاح عميق يشمل الثقافة المجتمعية، الموارد المالية، والمتابعة الفعلية، وليس مجرد البحث عن حلول إدارية سطحية.
الطفل المكفول ليس ضيفًا مؤقتًا، بل هو شخص يبحث عن انتماء واستقرار وهذا للأسف ما لا تفهمه بعض العائلات عند تبني هؤلاء الأطفال، وعندما يُعاد بعد سنوات، فهو لا يخسر فقط الأسرة، بل يخسر الإحساس بالأمان والهوية. كثير من هؤلاء الأطفال يكبرون وهم يعانون من مشكلات نفسية مثل انعدام الثقة بالآخرين والخوف من التعلق. لذلك، الحل ليس في تسهيل الكفالة فقط، بل في ضمان استمراريتها من خلال تأهيل الأسر نفسيًا قبل اتخاذ القرار، والتأكد من أنهم مستعدون له على المدى الطويل.
أعتقد أن الحل لا يكمن فقط في الاستعداد النفسي للأسرة عند اتخاذ قرار الكفالة، بل يجب أن يكون هناك ضمانات قانونية واجتماعية أكثر لضمان استقرار الأطفال المكفولين. للأسف، في بعض الأحيان، حتى الأسر التي لديها نية حسنة قد تجد نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزامات الكفالة بسبب ضغوط الحياة والتغيرات المفاجئة في الظروف، مثل تغيرات اقتصادية أو عائلية. لذلك، من وجهة نظري، الحل يتطلب أيضًا نظامًا قويًا من المتابعة والرصد المستمر من قبل المؤسسات المعنية لضمان الاستقرار على المدى الطويل.
هذا شيء لا يمكن ضمانه برأيي، وإنما يعتمد بشكل أكبر على ضمير الفرد وصدقه في التزامه بمسؤولياته تجاه الطفل، فعلى الرغم من أن النظام يمكن أن يوفر الدعم والإرشاد، فإن استقرار الأطفال المكفولين داخل الأسر يتطلب أناسًا ذوي نية صافية ورغبة حقيقية في تقديم رعاية دائمة لا ترتبط بتغير الظروف الشخصية، فالاستقرار الحقيقي لا يأتي من مجرد التزام قانوني، بل من الارتباط العاطفي والإنساني العميق الذي يشعر به الطفل في محيطه الأسري، مما يجعل من التكافل أمرًا مستدامًا ومستقرًا.
أفضل حل مناسب لهذه المشكلة هو التوعية بتأثير الكفالة على الأطفال وأثرها النفسي طويل الأمد، ومن خلال نشر الوعي بين الأسر والمجتمع حول أهمية الاستقرار العاطفي للأطفال المكفولين وضرورة الالتزام الدائم بهم، يمكننا تقليل حالات التراجع عن الكفالة، كما يجب على الأسر أن تدرك مسؤولياتها تجاه الطفل ليس فقط من الناحية القانونية، بل من الناحية الإنسانية أيضًا، وكيف يمكن للتغيير المفاجئ في حياتهم أن يؤثر على تطور الطفل العاطفي والنفسي.
هذا شيء لا يمكن ضمانه برأيي، وإنما يعتمد بشكل أكبر على ضمير الفرد وصدقه في التزامه بمسؤولياته تجاه الطفل،
الاعتماد على الضمير الشخصي فقط قد لا يكون كافيًا. كثير من الأسر قد تكون لديها نية حسنة في البداية، لكن الحياة قد تطرأ عليها ظروف تتغير فيها رغبتهم في الاستمرار في الكفالة، مثل الضغوط الاقتصادية أو التغيرات الشخصية. لذلك، أعتقد أن هناك حاجة ماسة لتشريعات أو آليات تدعم استمرارية الكفالة وضمان استقرار الأطفال، بدلاً من الاعتماد الكلي على النية الشخصية للأسر. التوعية وحدها لا تكفي بدون تطبيق صارم للمتابعة والرصد المستمر.
أعلم أن الضمير وحده ليس كافيًا بالطبع، ولكن فكرة التشريعات والآليات قد لا تكون الحل الأمثل أيضًا، صحيح من الضروري وجود دعم قانوني، إلا أن التركيز يجب أن يكون على بناء علاقات إنسانية قوية ومبنية على الفهم العميق للمتطلبات النفسية والاجتماعية للأطفال المكفولين، فالتشريعات قد تساعد في تأطير العملية، لكن لا يمكنها أن تضمن التزام الأسر على المدى الطويل إذا لم تكن هناك رغبة حقيقية في تقديم الرعاية، والدعم النفسي والاجتماعي للأسر يجب أن يكون جزءًا من الحل، بحيث يصبح الالتزام بالكفالة خيارًا دائمًا من الناحية العاطفية والإنسانية، وليس مجرد التزام قانوني.
ومن خلال نشر الوعي بين الأسر والمجتمع حول أهمية الاستقرار العاطفي للأطفال المكفولين وضرورة الالتزام الدائم بهم،
بالإضافة لذلك بسمة، يجب أن تقوم مؤسسات رعاية الأطفال أو دور الرعاية، أن تقوم بإلزام الأسر برعاية الطفل المكفول لديهم، مع ضمان إلتزامهم بسلامته وأمنه..
كذلك يجب أن تتم متابعة أحوال هؤلاء الأطفال بشكل دوري من قبل الجهات المختصة؛ وذلك حرصا على نشأتهم ببيئة صحية، وحمايتهم من المخاطر المتوقعة..
يجب وضع قوانين واضحة تمنع إرجاع الطفل المكفول إلا في حالات قاهرة، مع وجود رقابة على الأسر لضمان عدم إساءة استخدام نظام الكفالة، ومتابعة الأسر بعد الكفالة لضمان توفير بيئة مستقرة للطفل.
فرض قوانين تمنع إرجاع الطفل في جميع الحالات قد يؤدي إلى بعض المواقف التي لا تكون فيها الأسرة المكفولة قادرة على الاستمرار في رعايته بشكل مناسب. على سبيل المثال، قد تواجه الأسرة ظروفًا صعبة غير متوقعة، مثل ضائقة مالية حادة أو مشاكل صحية كبيرة، تجعل من الصعب عليها تلبية احتياجات الطفل بشكل سليم. في هذه الحالة، قد يكون الإصرار على بقاء الطفل في تلك الأسرة أكثر ضررًا له، لأنه قد ينشأ في بيئة غير مستقرة أو صحية.
التعليقات