أثناء قيامي بإنجاز المهام اليومية والأعمال المختلفة ألاحظ رغبتي الدائمة في الوصول إلى الكمال، بمعنى أنني إذا قمت بعمل ما أحاول ترتيبه لدرجة تجعله لا يحتوي على أي أخطاء من أي نوع رغم أنه يمكنني التغاضي عن أشياء كثيرة لن تؤثر على جودة العمل النهائي. هذا الأمر يرهقني بشدة ويسرق وقتي وسعادتي اليومية، برأيكم كيف يمكنني التخلص من هذه العادة أو جعلها لا تؤثر سلباً على حياتي؟
كيف اتخلص من عادة البحث عن الكمال التي تدمر سعادتي اليومية؟
لقد بحثت كثيرا في تقنيات التخلص من المثالية في العمل، وأعتقد أن أحد أفضل الحلول لهذا الأمر هو "التمرين على عدم الكمال" عن طريق تحديد مهمة صغيرة وترك بعض الأخطاء فيها عمدًا. لا أقصد أن تفعلي هذا في العمل طبعا لكن من الممكن أن تفعليه في بعض المهام الشخصية أو ما إلى ذلك. لاحظي كيف ستشعرين بعد القيام بذلك، وستجدي أنها ليست نهاية العالم. هذه التقنية تساعدك على تقليل الضغط الناتج عن توقعاتك العالية وتمنحك الفرصة للاستمتاع بالعملية بدلاً من التركيز على النتائج المثالية
هذا قد يشعرني بعدم الرضا ويصيبني بالتوتر، أعتقد أن حل المشكلة ينبغي أن يأتي بشكل تدريجي خاصة أنني معتادة على إنجاز أعمالي بطريقة معينة، ربما تصلح طريقة ترك الأخطاء عمداً كتدريب مع البعض ولكن بالنسبة لي أعتقد أنني سأكون بحاجة إلى حلول جذرية تساعدني على إدارة وقتي أو التخلص السريع من تلك العادة.
صراحة لا أعتقد أنه يوجد طريقة للتخلص من العادات "سرعة"، فالعادات هي نتاج تكرار فعل ما لعدد كبير جدا من المرات حتى ينتقل الفعل إلى العقل اللاواعي فيصبح الفعل شيء تقومين به بشكل لا إرادي. وبالتالي إذا أردتي التخلص من عادة ما، فلا بد من الإقلاع عنها واستبدالها بعادة أخرى وتكرارها مع الوقت حتى تضمحل الوصلات العصبية المتعلقة بالعادة القديمة وتختفي تماما
ما الضامن من أن استراتيجية كهذه ان تسبب الإهمال والتقصير الغير متعمّد على المدى البعيد؟ لأني صراحة أرى أننا نِتاج الممارسات التي نعتاد عليها سواء نشاط أو كسل، إتقان أو إهمال ... وهكذا.
إذا كان ما تفعليه لا يسبب إرهاق نفسي لك، أو يتسبب في تأخير مواعيد التسليم أو خسارة العملاء فأنصحك بالاستمرار به، فحتى لو لم يلاحظ ذلك العملاء فبطريقة ما ستزداد فرص عملك، وسيمن الله عليكي بالرزق وتذكري أن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه، أما لو كان البحث عن الكمال مرهق أو متعلق بالمغالاة في تحسين السمات الشخصية فيمكن لي مساعدتك بنصائح لو كان كذلك.
للأسف أنا أعانى من هذا الأمر أيضاً حيث يمكننى أن أشبه الأمر بأنه كفوبيا برغم أنه أعلم أن العميل لن يلاحظ ذلك ولن تتأثر نظرته نحو العمل، ويكون هذا صعب جداً بالنسبة إلى عندما أكون أعمل بين فريق حيث هذا يجعلنى أرى عملهم ليس منظماً كفاية وأرغب فى إجراء تعديلات عليه وهذا قد يشعرهم بالسوء أيضاً !
فكيف أفرق إذا كان هذا متعلق بالمغالاة في تحسين السمات الشخصية أم لا ؟
يجب أن تعلمي أن الأخطاء شيء طبيعي أن تحدث، فلا يمكن أن نقول كل شيء سوف يحدث كما نريد! لا هذا مستحيل. كل شيء يجب أن يشمل نسبة من الأخطاء.
يمكن أن تجعلي الأخطاء جزء تستهدفيه بدلا من شيء تحاولي ان تتجنبي، على سبيل المثال اذا كان لديك رغبة بترتيب الكتب بشكل منتظم، أجعلي إحدي الكتب مائل ومع الوقت سوف تتخلصي من عادة الكمال وسوف تتعاملي مع تلك الأخطاء بشكل طبيعي.
بالفعل هناك ذلك ، فتجربتي في العمل تكون اشبه بذلك وهو تخيل مسار العمل وعدم اتاحة فرصة للخطأ الصغير
ويتم النظر بعدها في العمل النهائي ومراجعته وإن وجد به شائبة يسبب لي الضيق وألوم نفسي على عدم التركيز والانتباه لمراحل سير العمل التي تسببت في ناتج نهائي يشوبه خطأ حتى ولو كان صغيراً
وأعلم بالفعل أن ذلك أشبه بمرض أو متلازمة ولكني لا أرغب في التخلص منها
حيث أجد سعادة ورضا عند النظر إلى الناتج النهائي عندما لايشوبه خطأ ولو صغير
لدي نفس العادة وأتمنى استمرارها معي، البحث عن أفضل جودة ممكنة - حتى في الافعال البسيطة - يدل على شخصية مُنظّمة وينعكس هذا الفعل على جودة الأعنال النهائية ككل وهو ما يشعرنا بالانجاز والسعادة.
دار مؤخرًا نقاش بيني وبين صديق لي في العمل حول أمر مشابه: أنا دائمًا أحب تنسيق وترتيب التقارير المطلوبة مني في أفضل تصميم وهو عكسي تمامًا يكفيف رميها في ملف Word بحجة أنه إجراء روتيني وغالبًا لن يطلع أحد عليها بشكل تفصيلي! رغم أنه قد يكون محقًا في دعواه إلا أني لا أوفقه الفكر، فالمدوامة على عدم التنظيم والترتيب صحيح ستتيح قدر جيد من الوقت للراحة، إلا أن هذه العادةى لاحقًا لها آثار سلبية تتعلق بجودة أعمالنا الآخرى.
لذلك أرى ضرورة الاستثمار في هذه. العادة وتحمل آثارها السلبية كونها في المُجمل تُعد شيئًا إيجابيًا.
أفهم تمامًا كيف يمكن أن يكون السعي للكمال مرهقًا ويؤثر على سعادتك اليومية. إليك بعض النصائح التي قد تساعدك في التغلب على هذه العادة:
- تحديد الأولويات: حاول تحديد ما هو مهم حقًا في كل مهمة. ليس كل جزء من العمل يحتاج إلى أن يكون مثاليًا. ركز على الأجزاء التي ستحدث فرقًا كبيرًا في النتيجة النهائية.
- تقبل الأخطاء: تذكر أن الأخطاء جزء طبيعي من عملية التعلم والنمو. حاول أن ترى الأخطاء كفرص للتعلم بدلاً من إخفاقات.
- وضع أهداف واقعية: حدد أهدافًا يمكن تحقيقها بدلاً من السعي وراء الكمال. الأهداف الواقعية تساعدك على الشعور بالإنجاز وتقلل من الضغط النفسي.
- تقسيم المهام: قسم المهام الكبيرة إلى خطوات أصغر وأكثر قابلية للإدارة. هذا يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بالإرهاق ويجعل من السهل تحقيق تقدم تدريجي.
- الاحتفال بالنجاحات الصغيرة: بدلاً من التركيز على ما لم يتم بشكل مثالي، احتفل بما أنجزته بنجاح، مهما كان صغيرًا.
- الحد من الوقت المخصص للمهام: حدد وقتًا محددًا لكل مهمة والتزم به. هذا يمكن أن يساعد في منعك من الانغماس في التفاصيل الصغيرة التي قد لا تكون ضرورية.
تذكر أن الكمال ليس ضروريًا لتحقيق النجاح والسعادة. من خلال تبني هذه الاستراتيجيات، يمكنك تقليل تأثير الكمالية على حياتك اليومية والاستمتاع بمزيد من الراحة والرضا.
التعليقات