التوافق والتقارب بين الزوجين في المستوى الفكري لا غنى عنه لضمان حياة زوجية مستقرة، فهذا يضمن استمرار مشاعر المودة والسكينة والوفاق، ويحمي الأسرة من التفكك في المستقبل، لكن دعونا نتخيل غياب التوافق الفكري بين الأزواج هل من الممكن أن تستمر الحياة الزوجية في هذه الحالة أم سيكون مصيرها الفشل بلا شك؟
ما هو تأثير الاختلاف الفكري على الأزواج؟
في الماضي كانت العلاقات تنجح رغم كافة الاختلافات الفكرية والجوهرية بين الطرفين، أما اليوم فلا أعتقد أنها ستنجح ولدينا في الواقع ما يخبرنا بذلك بسبب كثرة حالات الطلاق لأن الإنسان اليوم يشتبك ويتواصل مع العديد من الناس في خلال دراسته وعمله وحياته، حتى يتواصل مع أناس من دول مختلفة وهو جالس في منزله فسقف التوقعات أصبح مرتفعا جدا وبالتالي تحدث مقارنات عديدة بين شريك الحياة وغيره من الناس ومع الوقت يكتشف الشخص مدى الاختلاف الفكري بينه وبين شريك حياته مما يؤدي إلى فشل العلاقة بعد وقت ليس بكبير حتى.
في الماضي كانت العلاقات تنجح رغم كافة الاختلافات الفكرية والجوهرية بين الطرفين
من قال ذلك، أعتقد استمرار الزواج بحد ذاته لا يعني أنه كان ناجح، فمثلا لو نظرنا لنموذج سي السيد وزوجته في بين القصرين لنجيب محفوظ كان زواجهما مستمر لكنه فاشل، فارغ لا معنى له، فقط كان الطلاق وصمة كبيرة فكانوا لا يلجأون له.
هذا هو نفس قصدي تنجح بمعنى أن تستمر ولكن ليس دليل على أنها جيدة أو علاقات صحية، ولكنها بمنظور عام ناجحة! تماما كالممثل أو المغني الذي لا يقدم شيء ولكنه ناجح جماهيريا أو على مستوى شباك التذكار وهكذا فهذا جزء من النجاح ولكن هل هو جيد أم سيء هذا موضوع مختلف، تماما كالمثال الذي طرحته فنموذج سي السيد ليس جيدا ولكنه استمر ومستمر حتى يومنا هذا وهذا نوع من النجاح.
أما اليوم فلا أعتقد أنها ستنجح ولدينا في الواقع ما يخبرنا بذلك بسبب كثرة حالات الطلاق
أشعر دائمًا أن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ساهموا بشكل كبير في هذا الأمر، فقد أصبحت مشاكل الأزواج علنية يتناقش فيها الجميع، وقد نرى نساء يقمن بتحريض غيرهن على القيام بأفعال تفسد الحياة الزوجية والعكس، إذ يتدخل كل فرد فيما لا يعنيه بطريقة سيئة تؤدي إلى الطلاق، لدرجة أن الطلاق أصبح كلمة عادية مألوفة على عكس الماضي عندما كان يتم اعتبار الكلمة وصمة عار، ولا يمكن اللجوء إليها إلا بعد تفكير عميق والتأكد من استحالة الحياة الزوجية مع شريك أو شريكة الحياة.
من غير التوافق الفكري لا أظن أن ثمة زواج سيفلح، لأن الزواج قائم في الأساس على وجود أرضية مشتركة، وبدونها لن يستطيع الزوجان التفاهم أو إقامة أي حوار، أو اتخاذ أي قرار.
واستمرار الزواج لا يعني بالضرورة نجاحه، فكثيرًا ما نرى زيجات مستمرة لعشرين عامًا ومع هذا لا يطيق الزوجان بعضهما، والسمة الأساسية لزواجهما هي الشجار والصوت العالي.
يمكننا اللجوء لحل وسط وهو الاحترام المتبادل، لا يوجد توافق بين شخصين في كل أمور الحياة، فما بالك بزوجين يتشاركان كل كبيرة وصغيرة، فحتى الأخوة يتشاجرون والآباء والأبناء، فلماذا نستثني الزوجين ونطلب أن يكون هناك توافق وتقارب في كل أمور الحياة، وصار ذلك مطلب جماهيرى وإذا وجد أحد الشريكين عدم تحقق هذا المطلب عند أي خلاف وجب الانفصال فورًا! غير معقول.
الواقع يا بسمة يقول أن الاحترام أساس العلاقة ولا يظهر هذا في حالات التوافق بل في حالات الاختلاف، هما متوافقان في الفكر ولديهما الكثير من الأمور المشتركة، لكن مع استمرار الحياة واعتراض كثير من المواقف والمشكلات طريقهما حدث اختلاف بوجهات النظر أو طريقة التعامل مع المشكلة، بالتأكيد لن ينفعهما كل المعاهدات والاتفاقات السابقة ولكن احترام الآخر وتجنب الإساءة، فهما يحرصان على إيجاد أرضية مشتركة لئلا يسيئ أحدهما للآخر (لأنه يحترمه).
التعليقات