كيف ستكون شكل العلاقة بينكما إن لم يستمع لنصحك؟، بل هو الذي يحاول إقناعك وأنت ترد عليه في جدال لا ينتهي.
ماذا لو وجدتم صديقكم المقرب في رحلة بحث فكرية، توصله إلى قناعات لطالما كنتما ترونها سيئة أو غير علمية؟
كيف ستكون شكل العلاقة بينكما إن لم يستمع لنصحك؟
اللحظة التي سأشعر فيها أن بدأ يغلبني سأتركه وشأنه. حقه عليّ بحكم الصداقة التي بيننا سيكون إلى حد معين. إذا كسر هذا الحد فلا يلومن إلا نفسه. هو عاقل كفاية ليختار أفكاره وقناعاته في الحياة. لا يستطيع أحد أن يجبر أحدًا على شيء.
من وجهة نظركِ، ألا يمكن أن يصل الصديق المقرب إذًا إلى مرحلة الأخوة؟، فمع الأخوة لا نفترق أبدًا، ولا نستسلم ونتركهم إن كنا نظن في توجههم سوء.
ألا يمكن أن يصل الصديق المقرب إذًا إلى مرحلة الأخوة؟،
وختى لو كان أخوك، فمن حقه أن يقرر في حياته ما يراه مناسبًا له ولأسلوب حياته الذي يتطلع إليه، وأن يخوض في الحياة تجربته الخاصة، لا مانع من النصح(في كلا الاتحاهين)، لكن طالما أنه عاقل بالغ فلست وصيًا عليه، ربما يسلك الطريق الصعب ويتغلب على المصاعب ويمعد طريقًا لنفسه بطريقة لم تكن لتفكر بها، وقد يغير هو وجهة نظرك وتفكيرك لاحقًا
أول ما خطر في ذهني هو: على أي أساس تعتبر سيئة؟ ربما الأشياء التي نراها نحن سيئة قد يراها هو جيدة ومنطقية، فكل شخص له معتقداته وآراؤه، ولا يجب علينا فرض معتقداتنا وآرائنا على أحد، يمكننا التحدث معه في البداية، ولكن إذا ظل مؤمناً بقناعاته، فهو حر في ذلك، ما لم يكن هذا الفعل مؤذياً.
من تجربتي الشخصية، لدي الكثير من الأصدقاء الذين أختلف معهم في بعض المواضيع والمعتقدات لكننا نحتفظ بالود والمحبة، ففي النهاية، نتفهم أننا لا يجب أن نشبه بعضنا البعض، لأن لو كانت البشرية نسخة واحدة فقط بكل الأفكار والمعتقدات المتشابهة، لما تطورت الحياة ولما تقدمنا أو كانت هناك حياة، والصداقة والمحبة أهم من المعتقدات والآراء، لكن إذا كان الفعل مؤذياً، فعلينا كأصدقاء أن نحثه على الخير، وأن لم يسمع لنا، فلن نرغمه على شيء لأن الحياة ستعلمه عاجلاً أم آجلاً
أول ما خطر في ذهني هو: على أي أساس تعتبر سيئة؟ ربما الأشياء التي نراها نحن سيئة قد يراها هو جيدة ومنطقية،
صحيح. لكني أقصد القناعات التي ظللنا عمرًا نتفق عليها وننكر غيرها، فربما كانت هي أصلًا من أسباب توافق أفكارنا وصداقتنا بالأساس.
أتفهم ذلك تماماً، ولكن أليس من الطبيعي أن يتغير الإنسان كثيراً خلال رحلته في الحياة؟ نحن دائماً قابلون للتغيير بل يمكن للإنسان أن يتحول تماماً خلال شهر واحد بفضل التجارب الجديدة التي يمر بها لذلك من الطبيعي أن نتغير مع مرور الوقت، بينما العكس هو غير طبيعي وغير مفيد لذلك من المهم أن نكون مستعدين لتقبل التغيرات في العلاقات بشكل عام، قد يتغير الطرف الآخر في سلوكه أو معتقداته أو آرائه والخ، وربما يحتاج كلا الطرفين فقط إلى تقبل واحترام آراء الآخر دون إجباره على شيء، مع الحفاظ على الصداقة، لكن يبقى السؤال: هل أنت مستعد للمحافظة على هذه الصداقة والود بينكما رغم اختلاف المعتقدات والآراء أم لا؟
نعم من الطبيعي أن تتغير أفكار الإنسان خلال رحلته في الحياة، لكن مع هذا التغير يأتي أيضًا تغير في المحيطين به، والأصدقاء أساس علاقتهم مبني على التوافق والتفاهم المشترك، فنحن نزامل ونناقش وننافس المختلفين عنا فتتطور أفكارنا سويًا، لكن في علاقاتنا الشخصية نحتاج لمن أفكارهم تتقارب معنا من أجل هدوء ذهني بعيدًا عن صخب العلاقات العامة.
ولذلك جوابًا على سؤالكِ أرى أن قوة العلاقة تتأثر بتغير الأفكار، فماذا عنكِ؟، أليس هناك حد قد تتوقف عنده قوة الصداقة أو تنتهي؟
إذا كان الحوار يستهويني سأذهب معه إلى أبعد نقطة وإلا ساتعامل معه بعيدا عن تلك القناعات في الجانب الذي كان يريحني منه ، طبعا بعد نصحه وإرشاد وإن بقي متمسكا بمعتقداته فكلّ منا بالغ ومسؤول عن فكره ولا سلطة لأحدنا على الآخر ..
هذا يختلف على حسب نوع القناعات، إذا كانت تتعلق بالدين والثوابت التي لا يمكن النقاش فيها ففي هذه الحالة سأقوم بمحاولات عديدة لإقناعه دون ملل، ولكن في حالة استمراره على هذا الأمر ومحاولته التأثير بالسلب على شخصيتي سأبتعد، ولكن بعد أن تنفذ جميع الحيل لإقناعه، إذ يقول رسولنا الكريم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
بعد أن تنفذ جميع الحيل لإقناعه
أتفق معكِ على هذه النقطة، لكني لا أعتقد أن عدم الابتعاد يعني أنه لا يزال خليلًا، بل أعتقد أنه يفقد درجة القرب في العلاقة فلا يعد خليلًا، فالخليل هو شريك فكري، وهذا الصديق لم يعد بيننا علاقة تفكير.
أم تقصدين تفاديًا لتأثيره السلبي علينا؟
مع الأسف إذا كان كما تقول بسمة، وهي قناعات أساسية يبنى عليها أمور كثيرة، فلا أظن أن صداقتكما ستظل كما كانت. فالإنسان يتخذ خلال يومه الواحد مئات القرارات التي هي بناء على معتقداته الأساسية. فإذا غيرها، فهو سيتغير تماما عما كان عليه؛ لأنها ليست مجرد رأي في شيء لا يبنئ عليه أفعال. حاولت من قبل التمسك بعلاقة صداقة كهذه، لكنها انهارت من نفسها للأسف؛ لأنه لم يعد لدينا ما نتفق عليه. فكلا منا صار يذهب لأماكن مختلفة، ويصادق ناس مختلفين، ويعيش الحياة محاولا تحقيق قيم مختلفة.
التعليقات