أسمع الكثيرين من أصدقائي الذين يوكّلهم آبائهم لمراقبة سلوك أخوانهم وقول ما يفعلون له، إذا وكلك أبوك بمراقبة أخيك ونقل ما يفعل له، هل عصيانه هنا يدخل ضمن عقوق الوالدين؟ ولماذا؟
وكّلك أبوك بمراقبة سلوك أخيك ونقل ما يفعل له؟ هل عصيانه هنا يدخل ضمن عقوق الوالدين؟ ولماذا؟
هذا يختلف وفقا لسلوك المراقبة، فمثلا ونحن صغار كان عمي قد توفى وترك أولاده صغار، فطلبت زوجة عمي من اخي مراقبة ابنها لأنها كانت تشك في شربه للسجائر، وبالفعل راقبه اخي ووجد انه يصاحب مجموعة من الفشلة ولا يذهبون للمدرسة ويشربون السجائر، اخبر زوجة عمي، وأخذت معه موقف صارم وبعدته عن الفشلة الذي كان يعرفهم لولا ذلك الله اعلم ماذا كان يحدث
بما أن الأب طلب منك هذا فهو وضع فيك كل ثقته و أيضا لم يطلب هذا من عدم بل بالتأكيد لديه إما شكوك أو خوف من إنحراف أخيك، و في كل الحالات فهو أمر إيجابي و في مصلحة أخيك أيضا، و الواجب هنا طاعة الأب.
ماذا لو اكتشف الأخ ذلك، أنه تتم مراقبته، أعتقد أن هذا بحد ذاته قد يكون مدمراً للثقة بين الأخوين من جهة وبين الأب والإبن من جهة أخرى، إلى جانب أن العلاقة بين الإبن وعائلته ستفسد وقد يجرّ ذلك معه عددًا لا أود حصره من المشاكل، كيف نتفادى ذلك؟
أظن الموضوع يعتمد على الموقف. هل الشخص المراقب طبيعي، وليس هناك مشكلة نفسية أو سلوكية حادثة؟ إذا، موضوع المراقبة سيكون خاطئا. والبديل أن يقول له اعتني بأخيك، وكن معه، واحرص ألا يقع في المشاكل بدلا أن يقول له راقبه. لكن، إذا كان الأخ عنده مشكلة نفسية قد تؤدي به لمصيبة يصعب إخراجه منها (السرقة/المخدرات/صحبة سوء/إيذاء نفسه أو غيره)، عندها قد يكون موضوع المراقبة سببه استبقاء حدوث مشكلة كبيرة جدا.
ولكن أن تعلم أنك مراقب من أقرب الناس لك هذا بحد ذاته شعور مدمر، ناهيك عن حدوثه لشخص في عمر صغير أو في عمر المراهقة، ربما قد يأتي الأمر بنتيجة عكسية بالأخص إذا كان الأخ هو في الحقيقة لا يرتكب جرمًا أو تصرفاً خاطئًا، ربما يفكر فيما بعد بطريقة: "هم يتوقعون مني الأسوء على كل حال، فلمَ أتجنب هذا الأسوء إذًا..دعني أرتكب كل الآثام وأحقق توقعاتهم عني".
كما كنت أذكر: المراقبة في المطلق ليست جيدة؛ وبدلا منها يجب تشجيع الإخوة أن يكونوا سندا لبعضهم البعض، وليس مراقبين لبعضهم. لأن أسلوب المراقبة والفتنة سيء جدا، وله عواقب وخيمة على نفسية الشخص كما ذكرتي. لكن، الاستثناء هو الحالات الخاصة: كأخ لديه تاريخ إدمان مخدرات مثلا. لن تتركه وشأنه يفعل ما يشاء. وإذا رأيته مثلا يرجع لنفس الشلة التي كان يشرب معها، فبالطبع ستخبر الوالدين فورا لضرورة تدخلهم. ومثلا: أخ لديه تاريخ من المرض النفسي الذي يؤدي به للدخول في نوبات هلاوس وذهان، وهكذا.
إذا كان الأخ هو في الحقيقة لا يرتكب جرمًا أو تصرفاً خاطئًا، ربما يفكر فيما بعد بطريقة:
أما إذا كان العكس، وان الأمر مبرر، فغالبًا يكون قلق الأهل له سبب ومؤشرات.
أعمل بالتحاليل الطبية، جاءتني نذ فترة أخت تود السؤال عن إجراء تحليل لأخيها لتعرف ما إذا كان يتعاطى مخدرات أو لا، وأنها ستقنعه بأخذ عينه (لا أعرف كيف)، وبعدها أتتني بالعينة وكانت في ترقب لتعرف النتيجة، وأن والدتها متوترة وأنني يجب أن أخبرها شخصيًا بالنتيجة، كان التحليل إيجابي لنوع شائع بين الشباب، الولد ما زال صغيرًا وأهله صالحون وهو محترم، ولكن صحبة فاسدة اقترحت عليه التجربة، ولولا مراقبة الأهل لما اكتشفوا هذا باكرًا ولأصبحت الأمور أسوأ.
لا أعتقد أنه يمكن عصيانه.
لكن أيضًا المهمة لا يمكن تنفيذها كما يطلب الأب، بل ستكون مضاعفة، فالحكمة ضرورية بنصح الأخ بضرورة تفادي الأمور السيئة التي يحاول الأب اكتشافها، أما ما يصل للأب فيكون عن الأسباب الخارجية التي قد تدفع الإبن لارتكاب ما يخشاه الأب.
مثلًا إن كان الأب يشك في ابنه أنه يأخذ سيارته بدون إذنه، فننصح الأخ بتجنب هذا الأمر لأن الأب يشك فيه، ثم نعرف أسبابه، فلو وجدنا مثلًا أن هكذا كل أصدقائه يفعلون، فهذه هي المعلومة التي يجب أن تصل للأب، فهو سيعرف أن شكه في محله لكن بدون تأكيد، وردة فعله مع الأخ ستكون أهون لأنها على شيء بدون دليل.
التعليقات