مشهد سريع من مسلسل رمضاني يعرض قتل زوجة لزوجها في مشهد يدعو للتساؤل، أقتله كان مبررا؟
لاحظت مع مشاهدة الحلقة كاملة أن المشكلة لا تكمن في هذه اللحظة تحديدا، ولكن المشكلة الحقيقية في الطرفين، شخص يتسم بالنرجسية والآخر بالسلبية والخنوع. لذا، هل الكبت والاستفزاز يمكن أن يؤدي للقتل؟
الغضب من أكثر الأمور وحشية في نفس الإنسان، لا يمكنني تقديم التبرير للغضب القاتل. القتل هو عمل عنيف وغير أخلاقي، وينتهك حقوق الإنسان الأساسية والقوانين المعمول بها. يجب أن نتذكر أن الحياة هي قيمة عظيمة وتستحق الاحترام والحماية، عن أبي الدرداء «أن رجلاً جاء إلى رسول الله، فقال له: دلني على عمل يدخلني الجنة، قال رسول الله: لا تغضب ولك الجنة
أنا معك أن دخول الغضب وتحوله إلى عنف داخلي هو أمر يجب عدم التغاضي عنه لأنه قد يدفع الشخص تحت ظروف ضاغطة لارتكاب أي جرائم حتى لو لم تصل لفعل القتل نفسه، فكرة التفكير أصلًا في إيذاء أحدهم أو الوصول لنقطة الضرب الجسدي، أو استخدام أي آلات حادة حتى لو للتخويف فقط، هذه كلها مظاهر لوجود غضب متراكم وعنف قد يصل غلى مراحل خطيرة في وقت بسيط، فكيف ترى الأسلوب السليم حتى لا نصل لتلك المرحلة من تراكم الغضب داخليًا؟
هناك العديد من الأساليب من تفريغ الغضب، يكفي توصية رسولنا الكريم بالوضوء وكفى بها وصية
هل الكبت والاستفزاز يمكن أن يؤدي للقتل؟
واقعيا يؤدي، للأسف هو ذريعة وحجج واهنة لنفوس ضعيفة انتزعت من قلوبها الرحمة، تبرر قسوتها وكراهيتها بأسباب كان يمكن التعامل معها بألف طريقة أخرى غير القتل، ولكن ما بداخلهم من حقد ورغبة في الانتقام تفوق أي منطق في أن لا حاجة مطلقا للقتل، ففي المثال المطروح، لماذا تقتل زوجها؟ بامكانها أن تتطلق، هل لا تستطيع لأنها تخشى بطش زوجها؟ فلتلجأ للقانون كي تحتمي، تخشاه حتى في هذه الحالة، يمكنها الابتعاد فترة إلى أن تتخلص منه بالقانون، أي هناك دائما حلول أخرى للمشكلات، فماذا يعني أن يكون القتل هو الحل! هي بذلك لا تريد الخلاص مما تعانيه من زوجها هي تريد الانتقام منه فقط، وها قد حولت نفسها من ضحية لجاني! فماذا استفادت من ازهاق روح!
كثير من البيوت في مصر تُحل فيها المشكلات بالصوت العالي واختلاق الخلافات. لا أحد يعرف التفاهم أو وضع نفسه مكان الشخص الآخر، وهذا ما يوصل إلى الطلاق بالنهاية في أحسن الأحوال إن لم يكن القتل مثل هذا المثال بالمسلسل.
التسرع في اختيار شريك الحياة، عدم اختبار العلاقة، وعدم وضع مسألة "الاختلاف" على طاولة النقاش بين الطرفين وكأنهما يعيشان في عالم مثالي لا يُتوقع فيه أنْ يختلفا. أنا أرى أن من أهم الأمور التي يجب على الطرفين النقاش بشأنها قبل الزواج هي "كيف سنحل مشاكلناا واختلافاتنا؟ بأي طريقة؟"
وعدم وضع مسألة "الاختلاف" على طاولة النقاش بين الطرفين وكأنهما يعيشان في عالم مثالي لا يُتوقع فيه أنْ يختلفا.
أرى أن هناك نقطة محورية يفرضها علينا المجتمع وحتى الناس من خلال وضع وظائف محددة لكل طرف وتوقع كيفية سير الحياة بينهما في كل المواقف حتى قبل أن يتزوجوا، ليصدموا بالواقع والحقيقة بعد الزواج، وان لكلًا منهما جانب في الشخصية لم يكن باستطاعته إظهاره قبلًا في مراحل الإعجاب والخطوبة، وأيضًا التعامل نقطة التعامل بعقلية الضمان من قبل الطرفين، وهي متجلية جدًا في هذا العمل، بمعنى هو كان ضامنًا لوجودها طوال الوقت ومهما فعل، وهي شخصية سلبية لا تعرف كيف تواجه ودائمًا تبرر لسلوكه الهجومي الفظ، ومع ذلك هي تريد الحفاظ عليه.
لا أرَ أنّ هناك في هذا العالم ما يبرّر القتل. أنا أرى أنّه فعل وحشي لا يبرره أي سبب. وإن كان القتل يدل على شيء فهو يدل على حدم الكبت لمشاعر الحقد والكره الدفينة التي خرجت بموقفٍ بلحظةٍ ما. نعم يمكن أيضًا للطباع الغاضبة التي لا تُعالج أن توصل إلى القتل (أحيانًا لأتفه الأسباب). ومن هنا فإنّ المشاعر التي لا نستطيع التحكّم بها قد تكون أحيانًا خطيرة جدًّا علينا وعلى الآخرين.
وإن كان القتل يدل على شيء فهو يدل على حدم الكبت لمشاعر الحقد والكره الدفينة التي خرجت بموقفٍ بلحظةٍ ما
ولكن ألا ترين أن هناك دور لما نراه حولنا من وحشية وانتشار حالات القتل كنوع من التريند؟ أعتقد أن التعامل مع القتل كأمر بشع ومخيف، قلت حدته بالنسبة لنا في اللاوعي، أي اننا الناس أصبحت تبرر للقتل، بل والأعقد من ذلك تتعاطف مع القاتل، وقد راينا في حوادث قتل الفتيات المشين والمفجع.
الغضب هو الأقبح في أي تعامل إنساني، لأنه يجعل المرء يعطي لنفسه حقا بدون حقا، ليس في القتل فقط، بل ولا أبرر لأي شخص أن يتعامل معي بشكل غير لائق، بحجة أن يومه السيء (كل واحد فيه اللي مكفيه).
التعليقات