أقوم بمشاهدة واحد من مقاطع بيل جيتس وحواراته فسمعته يقول: "أوظّف الشخص الكسول أو الذي تبدو عليه علامات الكسل فعلاً لإنّهُ حتماً سيجد طريقة سهلة للإنجاز، سيجد طريقة سهلة لإتمام أي عمل أطلبه" ما رأيك بهذا الأمر؟ هل تتفق معه أم تختلف ولماذا؟
بيل جيتس: أوظّف الشخص الكسول لإنّهُ حتماً سيجد طريقة سهلة للإنجاز، تتفق أم تختلف ولماذا؟
أنا أعتقد أن هذه المقولة ليست حرفية أو عامة، بل تعكس رؤية بيل جيتس للابتكار والإبداع. فهو لا يقصد بالشخص الكسول من يتهرب من العمل أو يؤجله أو يقلل من جودته، بل يقصد من يسعى إلى تبسيط العمل وتحسينه وجعله أكثر كفاءة وفعالية. فهو يرى أن الشخص الكسول هو من يجد حلا سهلا لمشكلة صعبة، ويوفر الجهد والوقت والموارد في تنفيذه.
وكأنّها المقولة التي أخذناها من أفلام الكرتون في حياتنا، التي كانت تصوّر المسابقة بين الأرنب النشيط السريع وبين السلحفاة الكسولة البطيئة، ودائماً ما كانت هذه القصص تبرز فوز الكسول المستمر في العمل لإنهُ يقوم بالانضباط الذاتي والاكمال والتفكير والتنفيذ بشكل مستمر ولو ببطئ، ربما قد تكون هذه العقلية التي تنفع فعلاً، ولكن برأيي هذا الأمر لا ينفع مع كل المناصب الوظيفية التي في العالم.
بالنظر إلى كلام بيل جيتس، قد أختلف معه فيه، لانه قد يكون من الأفضل توظيف الأشخاص النشيطين والمتحمسين إذا كانوا يتمتعون بالقدرة على العمل بجد والتفاني في إنجاز المهام بشكل مستمر ومنتظم.
ولكن ربما السياق الذي جاء فيه كلام بيل جيتس، يجعلني أفكر أنه لا يوجد إجابة صحيحة أو خاطئة بالنسبة لاختيار توظيف الأشخاص الكسالى، المهم يجب أن نقوم بتقييم كل حالة على حدة واتخاذ القرار الأنسب بناءً على متطلبات العمل وظروفه.
وأحيانا الأمر يعتمد على طبيعة العمل ومتطلباته. في بعض الحالات، قد يكون من الأفضل الاعتماد على الأشخاص الكسالى الذين يمكنهم تحسين الكفاءة وتوفير الوقت والجهد. بينما في حالات أخرى، قد يكون من الأفضل الاعتماد على الأشخاص النشيطين الذين يتمتعون بالقدرة على العمل بجد وتحمل ضغط العمل المستمر.
المهم يجب أن نقوم بتقييم كل حالة على حدة واتخاذ القرار الأنسب بناءً على متطلبات العمل وظروفه.
هذا الأمر فعلاً صحيح ولكن هو صحيح فقط علينا، نحن الذين نقوم بتوظيف شخص أو شخصين أو عشرة، ولكن شخص كبيل جيتس برأيي أو إيلون ماسك وغاري فيي فهؤلاء الأشخاص يقومون بالتوظيف بناءً على فلسفتهم بالأمر الذي كوّنوها من مجموع بيانات كل الأشخاص الذين قاموا بتوظيفهم قبل الآن، مع كثرة توظيفهم يخلقون عقلية تحكم الأمر ومساراته يتعذّر علينا نحن إدراكها.
أعتقد أن أصعب ما قد يتعرض له المرء أن يكون طموحًا ولكن كسول في الوقت نفسه لأنه يمتلك المهارات الإبداعية ولكنه لا يمتلك الدافع أو الشغف لإتمام الأمر لذلك فأنا أتفق مع حديث بيل جيتس ولكن أختلف في نقطة وحيدة وهو أنه لن يكون دائمًا حل فعال وهذا لأننا نملك خيارًا آخر وهو اختيار شخص ذو كفاءة عالية منذ البداية بدلاً من أن نعرض مشروع بعينه للخطر. لهذا فإن اختيار عدد ضئيل من الأشخاص على هذه الشاكلة لن يؤثر كثيرًا لأن عملية الإختيار بالتأكيد تعتمد بشكل كبير على الدقة وليس بشكل عشوائي.
أنا أرى بأن كلامه يصح ولكن ليس في كل المناصب الوظيفية، فهناك بعض المناصب الوظيفية التي تتطلب شخصاً ذكياً وسريعاً وبذات الوقت قادر على أن يتخذ مسارات بطولها بدون أي اختصارات، ربما قد نحتاج لسياسيين كهؤلاء، أو ربما لأشخاص يعمل الواحد منهم في المحاسبة وغيرها من الأمور المعقدة، أو في البناء حتى والعمارة، هناك الكثير من الوظائف برأيي التي لا تناسبها هذه العقلية.
ولكن الشخص الكسول قد يتمتع بكافة المهارات التي تتحدث عنها كأن يكون ذكيًا وسريع في اتخاذ قرارته ومن الممكن أن يتخذ مسارات هي أقصر من الطبيعي وبكفاءة أعلى أيضًا لذا ما هي المشكلة في ذلك ؟
المشكلة أنّ هناك بعض المهم شديدة التعقيد التي لا يجب أن يكون فيها الشخص كسولاً لكي لا يقوم باختصار الطرق نهائياً، مثلاً لا يمكن لشخص يقوم بإدارة أو قيادة وحدة تفاوض تعمل في قسم شرطة أن يكون على رأس عمله وينجح به، سوف يسبب خسائر كبيرة في مجال عمل كهذا، لإنّ مدير في وحدة تفاوض قد يدخل في جريمة احتجاز مثلاً للناس ويفسد كل شيء بتسرّعه! وقس على هذا المثال أيضاً الكثير من الوظائف الأخرى.
في الحقيقة يوجد اقتطاع للمقولة وهذا يغير مفهومنها الكامل عنها فقد قال
"I choose a lazy person to do a hard job. Because a lazy person will find an easy way to do it."
الجزء المقتطع يتحدث عن العمل الصعب والشاق الذي ربما يتطلب قوة جسدية أو عقلية وهنا يختار الشخص الكسهول لهذه المهمة لأنها سيبحث عن أسهل وسيلة وبالتأكيد أفضلها للقيام بالمهمة، لأن الكسل الذي يتحدث عنه جيتس لا يعني عدم قدرة الشخص الكسول على التفرد والتقدم لهذا فاختياره للمهمة الصعبة في الحقيقة يضع الشخص الكسول ما بين اختيارين هما أن يقوم بالمهمة المطلوبة أو الاعتذار عنها وفي الحالة الأخيرة بالتأكيد لن يستمر في الوظيفة.
وهل هناك أعمال سهلة؟ بالطبع لا. وخاصة بالأعمال السهلة نحن نحتاج من يختصرها أكثر وأكثر حتى تنتهي، كما فعلنا ونفعل في الكثير من الأمور اليومية من وظائف إدخال البيانات وتقديم خدمة العملاء، مثلاً إذا كان يعمل موظف خدمة عملاء كسول في شركة معينة، بالتأكيد سوف يحرص على أن يتحصّل على طريقة لإتمام عمله بأكبر كمية ممكنة من الأتمتة التي تقدر على تسهيل عمله أكثر وأكثر
التعليقات