في عالم افتراضي يقوم على الجدل بمجرّد الجدل، ولا هدف من الآراء فيه سوى إثبات الذات وجذب الانتباه، قد لا يكون التعبير عن الرأي له أي عائد أو استفادة ذات قيمة. أتتفق أم تختلف، ولماذا؟
لا جدوى من التعبير عن الرأي.. تتفق أم تختلف؟
لا أتفق معك البتّه إلا لو كنا نتحدث في مجال السياسة، هذا المجال أمقت الدخول في جدال به، لأنّ ثمة نسبة كبيرة لا تؤمن بالرأي والرأي الأخر، لا تؤمن بتاتًا بلغة الحوار، كون من يحكمها هو العاطفة والتعصب الحزبي والفصائلي، فمن خلال التواصل معهم قد تشعر بأنهم متشبثين برأيهم بشكل كبير ولا يمكن العدول عنه أو تغييره. (هذا فقط في الوضع الراهن)
لكن بخلاف هذا المجال، أؤكد لك بأن التعبير عن الرأي وبصوره المختلفة مجدِ تمامًا، ويجلب الحقوق لكثير ممن يعبر عن رأيه طالما هذه الحرية لا تخالف الدين أو تؤثر سلبًا على الناس ممن حولي.
وحتى لو كان هذا الشخص الذي أتجادل معه لا يرغب في العدول عن رأيه، سأعبر عن رأيه معه ولكني أخذ بهذه المعايير:
- إبدأء الرأي يكون يكون بشكل موضوعي ويتم تعزيزه بالحقائق.
- كلماتي محددة وواضحة.
- أحرص على الاستماع واطرح اسئلة، ربما توضح للشخص الذي أحاوره الأمور الضبابية بالنسبة له ورفع الغمامة من على عينه. فأنا لا أجادل لمجرد الجدال.
- أركز أثناء حديثي على استخدام لغة الجسد
أختلف معكِ يا هدى. لأننا هنا لم نغيّر النتائج ما دمنا سنبتعد عن الميادين التي يتشبّث فيها الآخرون بالآراء ويرفضون الرأي الآخر. أنا أرى هنا أن الفكرة تتمثّل في التعبير عن أنفسنا، لا التعبير عن الرأي نفسه. فالرغبة في إثبات الشخص لوجوده هنا هي التي تكون طاغية في رأيي، وبالتالي فإن فكرة إقناع الآخرين إمّا تكون بدافع الانحياز لرأينا الشخصي، أو تكون غير موجودة من الأساس. فإذا كان هذا الرأي عاجزًا عن التغيير، ما الطائل من ورائه!
حسب الموقف الذي يسبب الجدل وحسب شخصية المتكلم ووضعه وعلمه بالموضوع.
فلو أن شأنًا سياسيًا أو اقتصاديًا أثار جدلًا واسعًا، لا أجد أن تعليقي أو رأيي يقدم شيئًا فلا أنا لدي علم كافٍ ولا أنا شخصية مؤثرة.
ولا كل المؤثرين أتقبل منهم تحليلات سياسية واقتصادية بل المختصين منهم.
في هذا السياق نتطرّق جميعًا للإيجابيّة، ونرفض فكرة أن التعبير عن الرأي أمر غير مجدٍ. لكن في المقابل، ذكر الأصدقاء أمثلة عن المواقف التي لا يؤثّر رأي الآخر فيها. أمّا المواقف التي يؤثّر الرأي فيها فما هي؟ فإذا كان الرأي لا علاقة له بالتغيير في السياسة والاقتصاد والأمور الاجتماعية، أو لا جدوى له بمعنى أدق، فلماذا إذن نتعامل بهذه الكيفيّة مع التعبير عن أنفسنا؟ أجد أن فكرة التعبير عن الرأي فكرة عاجزة عادةً، لا تخلق التعبير الصحيح عن وجهة النظر، ولا تجد لنفسها القالب المؤثّر على مستقبلي هذا الرأي. إننا نعترف بأنفسنا أنه لا يغيّر في صلب الأمور المعقّدة.
إننا نعترف بأنفسنا أنه لا يغيّر في صلب الأمور المعقّدة.
هذا هو الواقع، هل إنكار الواقع يفيد؟
ثم لديّ قناعة أخرى ساهمت في تكوين رأيي السابق، وهي أنه ليس كل ما يعرض علينا حقيقيًا وإن كان حقيقيًا فهناك ما لا نعرفه وما لا يعرض.
ليست نظرية المؤامرة ولكن ليس الخبر كالمعاينة، لم أدرس أنا الاقتصاد ولا السياسة ولم أعمل في أي من المجالين ولم أطلع على الزوايا الكاملة فأي رأيٍ أبديه في هذه المجالات!
أنا أتفق معك في هذا الصدد. في العالم الافتراضي، قد يكون هناك انتشار للجدل والآراء الجارحة والتعبير بغير مسؤولية. في بعض الأحيان، يصبح الهدف من الآراء هو إثبات الذات أو جذب الانتباه، دون وجود أي هدف حقيقي أو قيمة مضافة.
إن طبيعة العالم الافتراضي والتواصل الإلكتروني يجعل من السهل على الناس إبداء آرائهم بسرعة وبدون تفكير كافٍ في العواقب. وهذا قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات وتزايد التوترات وتقويض الحوار البناء.
ومع ذلك، يجب أن نعترف بأن العالم الافتراضي يمكن أن يكون أيضًا مكانًا للتعبير عن الآراء بشكل بناء وإثراء. إذا تم التعبير عن الرأي بشكل مهذب ومحترم، وتم دعمه بحجج قوية ومعلومات صحيحة، فإنه يمكن أن يسهم في إثراء الحوار وتبادل الأفكار.
لذا، يجب علينا أن نكون حذرين ومسؤولين عند التعبير عن آراءنا في العالم الافتراضي. يجب أن نسعى للتواصل بشكل بناء، ونحترم وجهات نظر الآخرين، ونسعى لإضافة قيمة وفهم أعمق في المناقشات.
إنه شكل التواصل الذي أفضّله والقادر على التغيير يا صديقي. لأن الأمر مثله كمثل التسويق للمنتجات، لن نجني أي نتائج إذا ما اخترنا الشريحة غير المناسبة لإقناعهم بالمنتج. هذا هو الأمر نفسه حيال التعبير عن الآراء. يجب علينا أن نمتلك القرار الصحيح، وأوّل آلياته هو أن التعبير عن الرأي في العلن أمر غير مجدٍ. من الممكن أن يكون التواصل البنّاء وتقديم وجهة النظر بصورة أكثر ابتكارًا هو الحل. لكن التعبير عن الرأي بالطرح ومن أجل النقاش والجدل فهو بمثابة حرب باردة لا طائل منها بالنسبة إليّ.
في الحقيقة يا علي، قد اتفق فيما قلته في زواية محدد وأختلف في اخرى، ارى بأنه عند مناقشة الأفكار والآراء، يجب التركيز على الحوار البناء والمنطقي الذي يستند إلى حجج وأدلة قوية وموثوقة. لذلك فلا جدوى من المجرد التعبير عن الرأي دون تقديم أسباب وحجج تدعمه، ولا يمكن الاعتماد على الأحكام والتقديرات الشخصية دون تحليل وتقييم الحقائق والأدلة المتعلقة بالموضوع.
ما ينقصنا كثيرا في نقاشاتنا هو البحث والتحقق من المعلومات قبل الاستناد إليها، والحصول على الأدلة من مصادر موثوقة وموثوق بها، مثل المراجع العلمية والدراسات الأكاديمية، والتأكد من صحة ومصداقية المعلومات قبل اتخاذ أي قرار أو الاعتماد على أي رأي.
ومن ناحية أخرى ارى اننا مادام الفرد يعيش في بيئة ديمقراطية وراشد فيما يقوله، اذن لا مانع في تقديم الآراء بشكل واضح وصريح ودون التحريض على العنف أو التمييز بين الأفراد. واهم شئ هو الاحترام المتبادل بين جميع الأطراف في الحوار، وتقبل الرأي الآخر.
والحوار البنّاء لا يتأتّى إلّا في إطار بيئته يا عفيفة. على سبيل المثال، هنا على حسوب i/o، الغرض الحقيقي من المنصّة والغرض الفعلي هو النقاش. وبالتالي فإن الطرح يتسبّب في الخروج بأكثر من وجهة نظر فعلًا. أمّا في منصّات أخرى على السوشيال ميديا، أستخدمها بالتأكيد وأستمتع بها. لكن لا أرى أن الأمر في محلّه عندما أعبّر عن رأيي. لأنني أجد أن الدافع هنا هو التظاهر الاجتماعي أمام المتابعين، لا التعبير ذا الغرض عن الرأي.
لأنني أجد أن الدافع هنا هو التظاهر الاجتماعي أمام المتابعين، لا التعبير ذا الغرض عن الرأي.
لكل بيئة ووسيلة معينة لها خصوصيتها، ولكن بالحديث عن منصات التواصل الاجتماعي هي فضاء لابداء الراي والنقاش والحوار والتحليل والتظاهر أيضا، الأمر فقط يتعلق بالهدف من استخدامها كل منا، مثلا بعض المجموعات البحثية التي انا ضمنها على موقع الفيس بوك نتناقش على مواضيع بحثية ونأخذ بأفكار ومعلومات يستحيل للفرد ان يستقيها من منصات أخرى، نظرا لتنوع الثقافي والمعرفي وهكذا الأمر متعلق بالنسبة للمنصة حسوب.
أختلف تماما مع هذا الرأى فالتعبير عن الرأى فى ظنى ليس رفاهية ولكنه واجب انسانى وهو ما يشكل قيمة الأنسان فى مجتمعة
يمكن التفريق بين التعبير عن الرأى والجدال فالتعبير عن الرأى حق لكل أنسان لكن الجدال محدود ببيئات وشروط عديدة يصعب أن تتوفر فى عالم السوشيال ميديا
أحاول دايما تجنب الدخول فى جدال حول الأراء التى أختلف معها طالما أرى أن الجدل لن يؤدى الى نقاش مثمر
لكننى أحترم رغبة الآخرين فى التعبير عن آرائهم وأتوقع منهم ايضا أن يحترموا ذلك الحق
مرحبًا بكَ بيننا في حسوب i/o يا عرفة. أتمنّى أن تستمتع كما نستمتع بهذه المساحة النقاشيّة الرائعة.
بالنسبة لهذا المنظور، فأنا أختلف معه كلّيًا. أنا لا أشعر بهذا الوازع تجاه التعبير عن الرأي يا صديقي. لكنّني لا أنكر بالتأكيد رغبة الآخر أو حقّه في التعبير عن رأيه. أنا أتحدّث هنا بواقع مشاعري أنا تجاه الأمر، لأن الكثير من الأصدقاء يظنّون أنّني انطوائي أو لا أرغب في الحديث. لكن الأمر ليس كذلك، أنا فقط أشعر بانها مساحة اجتماعيّة غير آمنة، ولا أرغب في أن أستعرض أي رأي فيها لأن الإقناع هنا غير مجدٍ بالنسبة إليّ.
شكرا على على ردك
واعتذر للبس اسمى عرفة
ليس عيبا أن تكون انطوائيا فكثير منا كذلك وبعضنا يتقلب بين الأنطوائية والأنفتاح وبالتاكيد بعض المساحات يمكن أن تكون مساحات غير آمنة ويمكننى الموافقة على هذا الرأى فتحديد المساحات الآمنة اجتماعيا يتيح لنا المحافظة على علاقاتنا بالآخرين والمحافظة على سلامنا النفسى
ولكنه واجب انسانى وهو ما يشكل قيمة الأنسان فى مجتمعة
غريب ان اسمع هذا بأن ابداء الراي يساهم في تشكيل قيمة الانسان في المجتمع، لو كان ذلك حقا فلِما الببغاء التي تعيد ما سمعته مكررة للكلام لم يكن لها شأن في المجتمع اذن؟
التعبير عن الرأي أمر محمود لا شك، ولكن ما تعلمته من نبينا ايضا صلى الله عليه وسلم في قوله: "فليقل خيرًا أو ليصمت" أمر بقول الخير، وبالصمت عما عداه، لذلك الرأي الذي لا يجلب المنفعة او لا ينور رايا او يضيف فكرة، فما فائدته؟
مرحبا عفيفة وشكرا لردك
الببغاء تكرر الكلام ولا تقول رأيا لذلك ليس لها شأن فى المجتمع وهذا ( اقصد تكرار الكلام واتباع اراء الآخرين ) مما نهانا عنه نبينا صلى الله عليه وسلم فى قوله ( لا يكُنْ أحَدُكمْ إمَّعَة، يقول: أنا مع الناس، إن أحْسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِمُوا». أخرجه الترمذي عن حذيفة وحدَه،
والواجب الذى أمرنا به الرسول أن نقول خيرا وهذا مقصدى أن التعبير عن الرأى هو ما يشكل قيمة الأنسان فسعينا نحو الخير عن طريق التعبير عن رأينا هو ما يشكل قيمتنا هكذا فهمت وصية الرسول صلى الله عليه وسلم
أتتفق أم تختلف، ولماذا؟
المسألة ليست هل في العالم الإفتراضي أم في الواقع بل في نوعية الناس الذين تخاطبهم و تناقشهم هل هم هناك لأجل النقاش و تبادل الأفكار أم للتباهي و إثبات الذات كيفما قلت... في الحقيقة لا أعرف بما سأجيبك, لكن ما قد أخبرك به و على سبيل المثال هنا بحسوب i/o أجد الكثير من هم فقط يحاولون إثبات أنفسهم للأخرين على أنهم أناس كفؤ و لا يمكنك إقناعهم بفكرة مهما كانت ليس لإختلاف أراءهم و أنما لكي لا تسمع منهم أجل أنا أتفق معك, خاصة على المنصات العربية. غير أنه هناك من الإخوة الذين لا يحلى لي النقاش إلا بهم.
لقد أشرت إلى نقطة مهمة للغاية هنا يا ياسين، جعلتني أعيد حساباتي في الكثير من الأفكار ووجهات النظر حول فكرة التعبير عن الرأي. هذه النقطة هي فكرة الغرض من النقاش. يمكننا السيطرة على مفهوم الغرض من النقاش كهدف أساسي في طريقنا لحسم الأمر، وعليه، نستطيع التعامل مع المجتمع من باب التجاهل -إذا ما كان الغرض منه التباهي أو الجدال أو شيء من هذا القبيل- أو المشاركة، إذا كان الغرض من النقاش هو إيجاد الحلول والمقترحات وتبادل التجارب.. إلخ.
أجل هي كذلك.. بعد هذه الإشكالية أجد شيء آخر يثير إشمئزازي و إستغرابي, لماذا بضبط نجد هذا المشكل في المنصات العربية خاصة ؟! ففي باقي المنصات الأجنبية أجد نفسي مشنوقا بقوة و حجم الأفكار التي يتجادلون فيها و كيف يتلهفون لمعرفة المزيد و البحث عن المجهول و الغامض و تشعر معهم كأنك تناقش تلك 1400 من الغرامات - أدمغتهم - لا غير, لا الجنس, لا العرق, لا المكتسبات لا الشواهد لا المعتقدات.. لا شيء غير أدمغتهم.
أختلف وبشدّة الصراحة، أكبر مثال على الأمر هو هذا المجتمع الرائع مثلاً، حيث أحلى مافيه أننا نتشارك الأراء. لكن أتفق معك بمسألة الجدل وإثبات الذات، لذلك من المهم القيام بذلك بطريقة مدروسة ومحترمة دائماً أين ما كنّا على الانترنت، سواء منصّات تواصل اجتماعي أو مدوّنات، أي مكان، هذا الأمر يمكن أن يساعد في بدء محادثة. عندما تعبر عن رأيك على الإنترنت فأنت تفتح حواراً مع الآخرين، وبرأيي هذه طريقة رائعة للتعرف على وجهات نظر مختلفة ومشاركة أفكاري وسماع أفكارك. وعلاوة على ذلك برأيي أنّ هذا الأمر يمكن أن يساعد في زيادة الوعي بالقضايا الهامة، إذا رأيت سلوك أو أمر تعتقد أنه خطأ، في السابق كان الكتمان أكثر أمناً، اليوم لتحدث عنه يمكن أن يساعد في زيادة الوعي بالمشكلة وتشجيع الآخرين على اتخاذ إجراء معيّن اتجاهه.
لا أنكر في الحقيقة أنّ هناك أيضًا بعض المخاطر المرتبطة بالتعبير عن الآراء على الإنترنت أو بعض من الخداع والملل والاستعراضية، إلا أنّ فوائد التعبير عن الآراء على الإنترنت تفوق هذه المخاطر.
رائع يا ضياء. وعلى الرغم من تمسّكي بوجهة نظري في التعليقات السابقة، فقد أدركتُ أثناء تبادلنا الحديث أننا في تجربة مثاليّة لوضعها في الاعتبار في سياق الإجابة على سؤالي. لذلك يمكنني الاستقرار على أن المجتمع الذي يتبنّى النقاش، والغرض الحقيقي من هذا النقاش، هما العاملان الأهم في المسألة برمّتها.
أننا في تجربة مثاليّة لوضعها في الاعتبار في سياق الإجابة على سؤالي.
تماماً، نسخ هذه التجربة وتعميمها مجتمعياً في قطاع التعليم والصحة وغيره من مؤسسات المجتمع وأيضاً في العلاقات الأسرية والزوجية هو أمر قد ينتقل بنا إلى تجربة أكثر غنى فعلاً وأكثر قدرة على عيش حياة فيها معنى فعلاً وليست مفرّغة، الحوار والنقاش يقوم بكل ذلك، سواء عبر الانترنت أو في الحياة الواقعية.
برأيي فإن التعبير عن الرأي هي إحدى أعم القيم في حياتنا اليومية. فمن خلال حرية التعبير نتعلم كيف نعطي آرائنا وكيف نشتكي بدون أن تخاف وكيف نعبر عن مشاكلنا دون أن نهاب أحد. أنا أجد أن الرد قد يفيد غالبا في التخفيف من حدة آلامنا والتعبير بأريحية عما نحس به ليسس باشتراط الرد الصاعق بل بكفاية اقتصار ما نقوله على حقيقة تعبر عن الحقيقة بدون زيادة ولا نقصان.
التعليقات