لأوّل مرة أتعرّض لموقف عنصري بحت أثناء تأدية عملي، اقترب منّي شخص، توقّعت أنّهُ يريد مخاطبتي بطلب ما، على أنّهُ حين اقترب قال: أرجع لبلدك! - فأجأني هذا الكلام، سبب لي الدهشة، سكتت بسبب استغرابي ودهشتي من أسلوبه العنيف، والأن أفكّر ما الذي كان يمكن فعلاً أن أقوم به؟ ما الذي كان يمكن أن أقوله وأفعله فعلاً برأيك؟ كيف تتعاملون مع المواقف العنصرية؟
موقف عنصري: أرجع لبلدك! - سكتت لدهشتي. ما الذي كان يُمكن قوله وفعله برأيك؟
العنصرية من اسوأ الأمور التي قد يقابلها المرء في حياته، خاصةً وأننا في مثل تلك الحالات لا نفهم سبب الموقف العدائي الذي يتخده الآخر ضدنا.
لكن ما يزال هناك ما يمكن القيام به في مثل تلك الاحوال فعلى سبيل المثال تنصح الاستاذة بجامعة ألاباما مارشا هيوستن بالرد على الشخص المعادي بسؤال مباشر يسبب له الارتباك مثل أن تسأله عن سبب قوله لمثل تلك العبارة، لكن لا تحاول توجيه النصائح له او الدفاع عن نفسك لان هذا يزيد الامور سوءًا.
اما مركز Splc الامريكي المعادي للعنصرية فإنه ينصح بالاستعانة ببعض الاشخاص المتعاطفين معك لمواجهة الأفراد المعاديين خاصةً إذا كان هذا العداء في محيط السكن أو العمل او اللجوء للسلطات الاعلى او الشرطة إذا استدعى الأمر.
وفي النهاية فالمتعصبون موجودون في كل مكان لكنهم ليسوا القاعدة، فلا تشغل بالك بهم إلا لو تطور الأمر لتشكيل خطورة على حياتك.
وفي النهاية فالمتعصبون موجودون في كل مكان لكنهم ليسوا القاعدة..
برأيي الموقف المذكور أقرب للوقاحة منه للتعصب أو العنصرية..
فذلك الشخص لو قمت بتتبعه خلال يومه، فستجده يتعامل معظم الوقت بنفس القدر من الوقاحة وقلة الذوق مع المحيطين به، سواء أهل أو زملاء عمل، مادام ليست له مصلحة مباشرة معهم!
وتلك النوعية أتعرض لمضايقاتها أحيانا، بداية أتجاهله، وأظن أن هذا التعامل الأمثل مع تلك النوعيات، وإن لم ينتهي فسأواجهه بقلة ذوقه أمام الجميع، وربما أفحمه برد مُحرج لايخرج عن حدود الأدب بالطبع..
مثل أن تسأله عن سبب قوله لمثل تلك العبارة،
فكّرت بهذا فعلاً والأسباب جاهزة عند أي عنصري، سيقول لك بسبب الوضع الاقتصادي وأنتم تأكلون لقمتنا وتأخذون وظائفنا وتعيشون حياتنا رامياً كل المنطق بعيداً وغير مؤمن نهائياً بمسألة أرزاق الله وقدرات الإنسان أصلاً، أي أنّهُ لن يترك لي مجال أصلاً لنتحدّث أنا وهو بناءً على أرضية واضحة جداً وثابتة جداً في هذه المسألة فعلاً، سترينه يحاول أن يسند مقولته بأي شيء ولو كان معارضاً لأي منطق.
قال الله "إني جاعل في الأرض خليفة"؛ الأرض بأكملها عالمي ومكاني
قال رسولنا؛ صلى الله عليه وسلم "وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا"؛ فالأرض بأكملها مقامي ومستقري
الذي يريدك أن تخرج من بلاده هو بالطبع لا يملك هذا الإيمان الذي تملكه يا سيّد محمود، لا يملك أي إيمان بمسألة خلافة الإنسان وأرزاق الإنسان، هو يريد بكل تأكيد أن يقنعك ويقنع نفسه قبل ذلك، بأنّ كل المصائب التي يعيشها الأن بسبب أنّ هناك إنسان آخر شاركه أرضه وأخذ رزقه، ضارباً بعرض الحائط كل من المنطق والإيمان والسعي والقوة الإنسانية والأرض الكريمة، ولهذا أتحاشى بكل تأكيد أن أبدأ حديثي معه بهذه الطريقة ولو منطقية.
على النقيض، نحن مطالبون بإقرار الواقع وبذكر الحقائق وإن أنكرها الجاهلون؛ هب أن شخصا وقف أمامي وقال لي "أنت لست تحمل اسم محمود وإنما أنت مراد"، فماذا أقول؟ هل أجادله بمنطقيات عبثية؟ إن جوابي المختصر له أن أقول "أنا محمود" وكفى وإن أنكر هو اسمي وكذبني، أكون قد أقررت حقيقتي أمام الجميع ونثرت الشكوك من حول شبهته
أوّلا هنيئا لك يا ضياء على حسن تعاملك مع هذا الموقف إذ أنّه يظهر أنّك لم تكن انفعاليّا وسريع الغضب وهو ما لا يُستحسن مع هذا النّوع "الرّديء" من الأشخاص. وهنا برأيي فإنّ أفضل ما يمكن أن تفعله أن تُظهر قدرًا عاليًا من الهدوء ومن ثمّ يمكن الإجابة بسؤال بسيط مثلًا " أهذه هي طريقة إكرامك للضيف؟" فأنا أعتقد أنّ طرح السّؤال هو أفضل ما قد تقوم به إذ أنّك لا تعطيه معلومة بل تشجعه على البحث عن أجوبة وتفعّل لديه مهارة التحليل النّقدي خاصّة إن كان سؤالا على مستوى عالٍ. وإن لم يُظهر تجاوبًا فمن الأفضل التطنيش وطرح القضية أمام الرّأي العام. وبالمناسبة فقد حصل هذا الأمر بشمل متكرّر في لبنان وفي أكثر الأوقات كان يتم التعامل مع هذه المواقف من خلال سؤال الرّأي العام الذي غالِبًا ما يُظهر قدرًت عاليًا من التعاطف والتفهم والوعي والقدرة على التعاطي بجديّة مع هذه المسائل. وق كان غالِبًا ما تنتهي هذه المواقف باعتذار الشخص الذي قام بافتعال هذا الموقف وهو درس له حتى لا يكرّر فعله الشائن.
بسؤال بسيط مثلًا " أهذه هي طريقة إكرامك للضيف؟"
لا أعتقد أن شخصًا كهذا سيهتم لهذا السؤال، بل قد يرد بعنهجية مفرطة مزايدًا على عنصريته التي أظهرها بالفعل قائلًا له: أنتم لم تعودوا ضيوفًا، صرتم تحتلون البلد أو صار عددكم أكثر من سكان البلد أنفسهم.
لدي اقتراح آخر وهو عبارة عن سؤال أيضًا، لكنه سؤال بغرض توصيل فكرة معينة مغزاها أن هذا الشخص يحمل كراهيته في داخله، وهذا التصرف لا ينبع إلا من شخص معقد وتثقله الضغينة والمشاعر السلبية تجاه من حوله.
والسؤال ببساطة: "هل أنت بخير؟ هل عانيت من أي مشكلات اليوم؟ هل واجهت أمرًا جعلك تدخل بهذه الحالة النفسية؟.."
وما على شاكلة ذلك من الأسئلة.
ينبغي أن يصل له إحساس بالشفقة عليه، والثقة بالنفس أيضا من ناحية الشخص الذي تمت ممارسة العنصرية عليه مهمة في هذا الموقف. ينبغي ألا يشعر العنصري بأن الشخص تضايق أو تأثر بكلامه ولو درجة واحدة.
ما أخافه فعلاً هو بالضبط مسائل التفكير النقدي، أي أنّ من يقوم بهذه الأفعال والأمور غالباً ما يستند على اللا منطق بتبرير إهانته، ولذلك لا أعرف كيفية التواصل الصحيحة مع شخص أصلاً يرفض أي أرضية منطقية للتواصل المنطقي الفعّال، إذ أنهُ غالباً لا ينتظر مني بعد كلمة إرجع لبلدك! - مباشرةً أن يكون هناك حوار فعّال بعد هذه الطريقة، هي حركة انتقامية مخطط لها مسبقاً لم أجد لحد اللحظة طريقة للتعامل تضمن سير الأمور بهدوء غير السكوت وتقبّل هذا الأمر.
شيء عادي .. اقصد التعرض لهكذا مواقف
فهناك أشخاص مستاؤون من وجود غرباء في بلدهم
لذلك من الممكن الرد عليه بقول شيء مهذب .. مثلا : شكرا
قد يكون السكوت أو الرد بوقاحة له عواقب وخيمة .. فأحذر
أوافقك الرأي أنه أحد المواقف التي تحدث كثيرًا وأنه يجب توخي الحذر في الرد وأن يكون الأسلوب مهذب في الرد أو يمكن التحدث معه لمعرفة ماهية مشاعره أو الحقيقة الكاملة وراء ذلك ولكن عند نقطة معينة يجب أن يكون الرد عنيفًا لكي لا يضع نفسه في موضع قوة محاولاً إلحاق الأذي به طوال الوقت لذا حينها يجب أن يكون هناك رادع.
قد يكون السكوت أو الرد بوقاحة له عواقب وخيمة .. فأحذر
أسوء ما يمكنك أن تعايش في حياتك أن يُعتدى عليك ولو لفظياً وبأدنى الدرجات أي بهذه الطريقة مثلاً: إرجع لبلدك! - وتشعر بأنّ السيّء هو من يجب أن يُحترَم والمُعتدى عليه أن يسكت، لا أعرف الصراحة حالة شعورية نفسية أسوء من هذا الأمر ولا افهم حقيقة معالجتها والانتباه منها فعلاً في حال تراكمت هذه المواقف، غريب الإنسان وما يحمّل أخيه الإنسان من أمور لا طاقة له بها حتى ولو كانت غير منطقية.
والأن أفكّر ما الذي كان يمكن فعلاً أن أقوم به؟ ما الذي كان يمكن أن أقوله وأفعله فعلاً برأيك؟ كيف تتعاملون مع المواقف العنصرية؟
لا شيء، أي كلام غير مدروس في تلك اللحظة التي قد تتسبب في إشعال فتيل فتنة أو صراع وشجار، حينها أول شيء يجب أن نتحلى بالصبر والتريث مع أي رد سنردّ به، من المهم التواصل مع الجهات المختصة على حسب حدّة الموقف، فما دمت تؤدي في مهامك بشكل عادي ولم تظلم أحدا، وما دامت قوانين الدولة التيتعمل فيها تخول لك هذا فيمكنك تقديم شكوى ضد المتهم وأن تأخذ حقك بشكل هادئ فلا يمكن أن يكون جميع من هنالك عنصريين فهذه حالات مشتتة تستمد قوتها بإثارة المشاكل وخلق الفوضى وتستدرجك لتقف في فخ الإنفعال والتصرف المباشر الغير محمود العواقب.
أي كلام غير مدروس في تلك اللحظة التي قد تتسبب في إشعال فتيل فتنة
هل برأيك أفضل طريقة للتعامل مع هؤلاء الناس هو تجنّب الفتنة وتحمّل أذيتهم؟ وهل تجنّب أي فتنة يأتي على حساب وأكتاف الأشخاص الذين يتقبلون الإهانة ويصمتون؟ ولماذا فقط في المنطقة العربية يتم الحديث من الصباح للمساء عن الفتنة وكأنّ العالم فعلاً لا يعيش ذات الظروف! لا أفهم حقيقة وجود الفتنة فقط في مجتمعاتنا! ألمانيا تستقبل ملايين العرب سنوياً ولم يتم التحدّث إلى هذه اللحظة عن هذا المصطلح رغم وجود بعض الحالات العنصرية شديدة الأذى والعنف! كلها أسئلة في خاطري لا أعرف الإجابة عليها.
لا أعتقد أن هنالك طريقة أحسن من تجاهل الجاهل فذلك علاجه، فإن لم نتجاهله فلننصحه بالتي هي أحسن، وإن أثار حفيظتنا واستفزنا أكثر فلنقدّم شكوى ضده ولنترك القانون يأخذ مجراه، يعني إن تلفظنا بأقوال غير جيدة فبذلك يقلل من قيمتنا ومن شأننا وإن تصرفنا بسلوك طائش تم التحريض علينا فأبناء بلده سيقفون معه على كل حال ولا نعرف كيف سيكون السيناريو وغيره ورأينا نماذج مشابهة، أيضا لو غضبنا عليه وتصرفنا بتصرف مؤذي لوجدنا أنفسنا أمام مركز الشرطة، فبذلك ضيعنا حياتنا في أمر لا يستحق.
عنصري؟
لماذا عليك ان تحكم عليه بالعنصرية، في الحقيقة هو موقف عادي جدا وطبيعي ألفته البشرية منذ بداياتها، - حماية المكان كجزء من التركيبة الوجودية لاي كائن حي، اعتقد ان الترفع عن هذا لفعل هي خاصية انسانية بحته، ما يعني ان وجودها طبيعي وليس شاذا بأي حال حتى نصل الى تسميته بالعنصري ، لكن مع ذلك يبقى سلوكا عدائي وغير حضاري، لذلك احب ان اسميه تحيز بدائي وصبيانية لا أكثر ولا أقل.
والأن أفكّر ما الذي كان يمكن فعلاً أن أقوم به؟ ما الذي كان يمكن أن أقوله وأفعله فعلاً برأيك؟ كيف تتعاملون مع المواقف العنصرية؟
لا تفكر.... بكل بساطة تجاهل ما تسمعه وهذا سيجعله يشتعل غيضا منك اكثر واكثر...
للحقيقة اشفق على من يقول لسبب واحد وهو أنه لم يجد اين يشبع لهفته وحنينه للشعور بالقوة والسيطرة الا من خلال ايهام نفسه انه اعلى منك لانه صاحب الارض ، فهو سيشعر بنشوة المسيطر من واقع ضعفك وخوفك لا مكان قوة فعلا وهذا ما يجعل اجمل رد عليه هو السكوت مع ابستامة ساخرة ، وكأنك تقول له بصوت عالي : هذا فقط ما استطعت ان تفعله؟ كم انت مثير للقرف.
عانيت من هذا التصرف في كثير من الاحيان واظن ان القليل من لم يعش هذه الحالة ولو لمرة واحدة في حياته، فهذه التصرفات تجدها بمجرد الخروج من مدينتك وليس بالضرورة بلدك او قارتك ، طبعا سيزيد عنفها ووقعها عليك كلما ابعدت عن مكانك الاصلي.
اذكر اني كنت اعاني من هذه الحالة في سنواتي الجامعية الأولى بشكل فضيع، اذ كنت ادرس في جامعة في مدينة أخرى غير مدينتي، وكان يُنظر إلى مدينتي أنها مدينة متخلفة مقارنة بها، فكان كلما مررنا يوم الخميس ونحن ننظر في المحطة للركوب لمدينتي، نسمع جملة شهيرة: "كابتك ولايتك" أي احمل حقيبتك واتجه الى مدينتك او ولايتك في دلالة على انك مطرود .
لا تفكر.... بكل بساطة تجاهل ما تسمعه وهذا سيجعله يشتعل غيضا منك اكثر واكثر...
تماماً، هذا بالضبط الحاصل مثلاً في لبنان، بسبب التجاهل وعدم سن قوانين واضحة في مضرورية هذا الأمر وعقوبته، وعدم وجود نشاط شعبي مضاد لهذه الحركات السيئة من الإنسان فتحوّل الأمر من كونه ظواهر طبيعية يومية إلى حالة اشتعال رسمي بين البلدين، وهنا أقصد سوريا ولبنان، مع أنّ من يعرف البلدين يدرك إتصالهم العميق ثقافياً ومعرفياً وسياسياً وإنسانياً وفي كل الميادين، لكن برأيي الصمت شيطان أخرس في هذه المواضيع بالذات وتجعله كما تقولين يغضب أكثر وبالتالي يتمادى.
في موقف كهذا أود منك أن تؤمن قبل أي شيء أن الأرض لله و لا ملك فيها لمن قال لك هذا و تعامل معه بلين فأنت خير من أن ترد عليه بنفس أسلوبه و وضح له أنك تعمل و تكسب المال و تدفع إيجارك فما يضره من ذلك و أخيرا لا تدع مثل هذه المواقف تؤثر عليك أو على قراراتك فالناس منها الحلو و المر في كل مكان و زمان.
أنك تعمل و تكسب المال و تدفع إيجارك
يقول لي صديقي بأنّهُ مرّة تحدّث مع هذا المنطق أيضاً بموقف مشابه للموقف الذي تعرّضت له، حيث قال صديقي بأنّه يعمل فعلاً بعمل رائع من خارج البلاد ويدخل للبلاد شهرياً 1100 دولار ويعيش في أحلى المناطق وهكذا على أنّ الرد أتاه مفاجئاً بأنّهُ قال أنّ تكلفة الاستضافة مهما كان هي أعلى. أنا فعلاً مقتنع من حضرتك بمسألة أول سطر، أن أومن بأن الأرض لله، ولكن بالسطر الثاني هذا الأمر لا يمكنك أن تناقش به شخص متعصّب وغير منطقي فيما يطرح للأسف.
التعليقات