لنفترض جدلًا بأنك وجدت عرض عمل شعرت بأنك تستحقه حقًا، وعندما أردت أن تتفاوض مع صاحب العمل حوله، صادفت هنالك الكثير من المرشحين قد ينافسونك بقوة، جاءتك فكرة أو لنقل حيلة ما وهي المبالغة في إنجازاتك قليلًا، هل ستفعلها؟ أم سترفض ذلك؟ ولماذا؟
لو أعجبت بعرض عمل، هل ستبالغ في إنجازاتك قليلاً للفوز به؟
وهي المبالغة في إنجازاتك قليلًا، هل ستفعلها؟ أم سترفض ذلك؟ ولماذا؟
حسنا لا يمكنني إخفاء الأمر، لكلّ شخص طريقته وأسلوبه الخاص في التعامل مع مختلف أنواع المشاريع المعروضة والمفتوحة على منصات العمل الحر، شخصيا، لا أحب أن أتفلسف كثيرا فهذه الطريقة التي أشرت إليها بالمبالغة أعتقد أنها لم تعد تجني شيئا، وأصبح العملاء ينفرون منها، ببساطة، أقوم بإتباع هذه المراحل أثناء تقدّمي للعروض:
- أبدأ بالتحية والسلام على صاحب المشروع.
- أقوم بالتعريف بنفسي، وظيفتي الحالية ومستواي الدراسي.
- أوضح لصاحب المشروع بأني مهتم بمشروعه قرأت تفاصيله.
- أقوم بشرح آلية العمل التي سأتبعها خلال العمل على مشروعه.
أما الحيلة لا أعتقد أني أتفق على تسميتها بالحيلة، فأحاول أن أقدم عرضا مجانيا لصاحب المشروع، مثلا إذا كان يبحث عن كاتب محتوى لفيديوهاته الصوتية، وأنا لدي مهارة التعليق الصوتي، أو المونتاج يمكنني أن أطلعه على ذلك وأنّه بإمكاني عمل له عينة أولية مجانا وهذا كي لا أضيف له التعب والجهد في البحث على مستقل آخر.
لم أخصص العمل الحر تحديدًا، أتحدث بشكل عام ، في اي وظيفة كانت ترغب في الالتحاق بها، ولنفترض بأن صادفت شركة تضع عرض وظيفي، هنا ألا تبالغ في الانجازات التي تمتلكها؟ هنالك حقًا من سيكذب وقد يبالغ، لكن ماذا عنك؟ هنالك وظيفة مرموقة، ألن تبالغ قليلا، لم أقل أن تقول بأن تخصصي مثلا برمجة ولكن في تخصصك غير ذلك، لأن هذا سيُكتشف فيما بعد، ولكن ما قصدته مثلا أن تذكر لديك مهارات مختلفة سواء سواء كانت مهارات لينة أو صلبة وخلافه؟
لكن ماذا عنك؟
يختلف الأمر حقا من شخص إلى آخر بالنسبة لي، أعتقد أن المبالغة هاته يمكن أن تقوم بتنفير صاحب العمل، وفقدان العرض والمنصب والفرصة من أساسها، لكن تعقيبا على كلامك.
هنالك حقًا من سيكذب وقد يبالغ
لا أعتقد هنا بأن المبالغة قرينة الكذب، فهناك فرق كبير بين المبالغة والكذب هنا، قد نبالغ ونحن مصيبون في كلامنا قد يضيف البعض مثلا أنه خبير ومحترف في ذلك المجال، لكنه متوسط هذه مبالغة وليست كذبا صريحا، لأن المستوى لا يمكن أن يتم قياسه بالنسبة المئوية كما يزعم الكثيرون، فالإنسان الذي يتعلم باستمرار ويطور من مهاراته قد يكون اليوم متوسطا وغدا خبيرا وبعد غد قد يتكاسل ويتراجع مستواه وهكذا فهو أمر نسبي.
مثلا أن تذكر لديك مهارات مختلفة سواء سواء كانت مهارات لينة أو صلبة وخلافه؟
بالنسبة لي لا أذكر مهارات لا أملتكها فهذا يعدّ كذبا، أما المبالغة في وصف وإبراز المهارات التي أمتلكها فهذا أعتبره منفّرا لفرصة العمل، فأتجنّبها، وأترك القرار لصاحب العمل كي يختبرني ويعرف مستواي من تلقاء نفسه.
بالتأكيد سأبالغ، ولا يمكنني نفي ذلك بالمرة، الشئ الذي سأحرص عليه و لا تخطى حدوده هو أن تكون مهاراتي بالفعل قادرة على انجاز ما يطلبه العميل، بمعنى واقعية، ومبالغتي سيكون يظهر عبر أسلوب حديثي مع العميل، سأقنعه عبر أسلوب السرد القصصي، سأروي له قصة عن مغامراتي في حل مشكلة أو المزايا التي سأقدمها له لو قام اختيارني للعمل.
و المهم عندي هو إبراز إنجازاتي ومهاراتي، بنفس القدر أنني ساكون صادقًة في سردها.
بالتأكيد سأبالغ
من وجهة نظري، إن المبالغة في الإنجازات ليست السلوك الصائب. يمكن أن يؤدي التوتر أو الحماس الزائدين في بعض الأحيان إلى تضخيم الأمور بشكل غير دقيق. في اللحظة التي تصل فيها مرحلة التطبيق الفعلي، قد يشعر الشخص بالحرج إذا لم يتمكن من تحقيق ما تم تبنيه بالمبالغة.
لذا، أفضل أن نقدم أنفسنا بصدق وشفافية، ملتزمين بتقديم ملخص دقيق وواقعي لمهاراتنا وخبراتنا. هذا يساعدنا على بناء سمعة قائمة على الكفاءات الفعلية والنزاهة. بالتركيز على ما يمكن تحقيقه بناءً على مؤهلاتنا الحالية، يمكننا أن نحقق نجاحًا مستدامًا دون تكبد أي حرج في مراحل لاحقة.
اذا كنا نملك المؤهلات وواثقين من أنفسنا بأننا قادرين على انجاز المطلوب وأكثر، فما المانع من عدم المبالغة في حديثنا عن تلك المؤهلات.
لو تقرأ جيدا يا شهاب قد اشرت لنوع مميز يمكننا استخدامه واسلوب ناجح السرد القصصي الذي هو اشبه بسرد مقدراتنا على شكل قصة ممتعة تلفت انتباه لكل من يقرأها يعتقد اننا نبالغ ولكن في الحقيقة هي مهاراتنا الحقيقية والواقعية، فأين الخلل هنا؟
لكل من يقرأها يعتقد اننا نبالغ ولكن في الحقيقة هي مهاراتنا الحقيقية والواقعية، فأين الخلل هنا؟
بالتأكيد، السرد القصصي يمكن أن يكون طريقة فعّالة لعرض مؤهلاتنا وقدراتنا بشكل مميز. تحويل مهاراتنا إلى قصة ملهمة يمكن أن يلفت انتباه الآخرين ويجذب اهتمامهم. ومع ذلك، الخلل الذي قد يحدث هو عندما يتم المبالغة في السرد لدرجة تفوق الحقيقة. على الرغم من أهمية التسويق لقدراتنا، إلا أن الإفراط في التهويل يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة والمصداقية عندما يتم الكشف عن الحقيقة.
لذا، يجب أن نتعامل مع السرد القصصي بحذر وصدق. يمكن أن نعرض قصتنا ومهاراتنا بشكل جذاب وإيجابي، لكن يجب ألا نتلاعب بالحقائق أو نضخم قدراتنا بشكل غير واقعي. الهدف هو أن نكون صريحين ونعرض ملمحًا حقيقيًا لإمكانياتنا، مما سيساهم في بناء سمعة جيدة ومستدامة على المدى الطويل.
تمثّل هذه الجزئية مربط الفرس في الظفر بالوظيفة محلّ الإعجاب. إنها المرحلة الأكثر حساسيّة على الإطلاق. خصوصًا في حالة ما إن كنّا مرشّحين فعليين للمركز. لأن التعامل في هذه الحالة مع طاقم التعيين Hiring Team يتطلّب المصداقيّة في المقام الأول. لقد كنت أفضل في البدايات أن أبالغ في تعزيز خبراتي بالسيرة الذاتية وخلال اللقاءات. لكنني في المقابل أدركتُ أن ذلك سيعود عليّ بالضرر. إمّا سيكون كلامي غير مقنع، وبالتالي سأضع نفسي في مأزق يمنعني حتّى عن الترشّح للجهة مرة أخرى، وإما يتم قبولي، وهذه مشكلة أكبر. لأنني في هذه الحالة أضع نفسي في مهمة لستُ أهلًا لها، وبالتالي لن أستفيد. وسيقع ضرر كبير على مساري المهني.
البحث عن فرصة للعمل هي غاية من الغايات التي تحكمنا في دنيا المجتمع. وفي مثل الحالة التي تفضلتم بالسؤال عنها، قد تختلط على المرء السبل فتمتد رجله للطريق الخطأ في البحث عن حظوة حقيقية لدى صاحب عمل بطريقة الحيلة واللف والدوران. والرأي عندي في هذه القضية أن نُحسن عرض قدراتنا وكفاءاتنا. فما دامت لدينا مهارات عالية عن يقين، فلنعملْ على اتقان تقديم أنفسنا لغيرنا لنحظى بثقتهم... وبهذا نكون منسجمين مع ذواتنا .. وبهذا نظفر بالحسنين: حُسنى الصدق، وحسنى الفرصة المستحقة.
طالما الحصول على وظيفة غاية، اذًا لماذا لا نبالغ قليلا في انجازاتنا، هنالك رجال أعمال كشفوا بأنهم بالغوا في انجازاتهم في بداية حياتهم ووصل إلى ما وصل إليه الآن!
ماذا تقصد بكلمة نبالغ قليلا؟
إن كانت المبالغة تعني الطرح القيم للمهارات والخبرات بشكل ملفت فربما يكون مفيد، ولكنه مهارة لا أعتقد أن الكل يمكنه فعلها، أما المبالغة بمعنة المزايدة وإضافة مهارات ليست من صلب ما نتقنه فهذا خداع وسينكشف فعليا، حتى المبالغة في تقدير مستوى الفرد، فمثلا أقول لمديري أني محترف بالتسويق، فيحتاجني بمهمة بهذا المجال وعندما أنفذ تكون النتيجة محبطة، إذن الضرر أكبر من عدم ذكرها من الأساس
أقول لمديري أني محترف بالتسويق، فيحتاجني بمهمة بهذا المجال وعندما أنفذ تكون النتيجة محبطة،
هذه ليست مبالغة بسيطة، هذه مبالغة كبيرة جدًا.
أعتقد أن المبالغة البسيطة قد تتحقق في ذكر شركة لم يسبق للشخص أن ربطته بها علاقة، ولكنه يذكر أنه عمل بها لفترة ما ويدرج ذلك ضمن إنجازاته.
أو قد يخبر العميل بأنه يتحدث لغة أجنبية بكفاءة عالية، رغم أن مستواه بها جيد فقط. بشكل عام هناك بعض الكلمات المحايدة التي تحقق الهدف دون أن يستطيع أحد أن يثبت خطأ الشخص؛ فجملة "أتحدث الإنجليزية بكفاءة" مثلًا، من يحدد الكفء؟ لا أحد.
وقس على هذا.
هل ستفعلها؟ أم سترفض ذلك؟
بالطبع سأرفض وأقوم بتقديم خبراتي وما يمكنني تقديمه دون تهويل أو تقليل.
ولماذا؟
هنالك أسباب عديدة بالنسبة لي ومن أهمها الأمانة حيث إن إضافة خبرات لا أمتلكها والمبالغة في الإنجازات يعتبر نوعاً من الغش أو الكذب وهذا لا يجوز، ومن الأسباب الأخرى أيضاً هي أنني أضع نفسي مكان صاحب العمل فإن كنت مكانه بالطبع لا أريد أن يتم العمل بصورة سيئة أو دون المستوى الذي كنت أتوقعه من الشخص الذي قام لي بالعمل بناءً على مبالغته في إنجازاته، وأيضاً أحب أن أظهر مدى إتقاني من العمل المطلوب، ومن الأشياء الجديرة بالذكر ألا وهي أنني لا أخشى على رزقي فإن لم يتم قبولي في هذا العمل سيتم قبولي في واحد آخر، كل ما عليّ فعله هو السعي المستمر.
من وجهة نظري أنه من الأفضل أن نظل صادقين في ما يتعلق بما نستطيع إنجازه، وما نمتلكه من مؤهلات عند التفاوض على عرض العمل مهما كان مرغوبًا أو مستحسنًا بالنسبة لنا؛ لأن هذا غالبًا ما سيدفعنا إما لأن يحمِّلنا ما لا نقدر على تحمله مما سيجعلنا نخسر جهداً مضنيًا مقابل تلبية إدعائاتنا، وإما أن نخسر ثقة العميل فينا نتيجة عجزنا عن تلبية إدعائتنا، وفي اسوء الأحوال أنه غالباً ما سننال الجانب السلبي من كلا الإحتمالين.
ويسود إعتقاد مضلل مفاده أنه كلما حمّلت نفسك ما لا طاقة لك به إدعائًا كلما كانت محاولاتك في سبيل التحمل ما ستكلل بالنجاح، وهذا يجانبه بعض من الصواب في حالة إن كنت متحمّل بالإلتزامات تجاه نفسك وذلك تجنبًا للقلق الناتج عن خوفك من تعرضك للفشل أمام عميلك لأنه سيعيقك عن متابعة تقدمك أثناء التنفيذ.
بدلاً من ذلك بإمكانك تسليط الضوء على نقاط قوتك وتؤكدها وتثق فيها وتثق بوجود الفرص التي ستتلائم مع طبيعة نقاط قوتك.
تعرضت لموقف مشابه منذ وقت بعيد، ولكن كان إدعائي لا يعتمد على الحيلة بقدر ظني أنني قادر فعلا على أداء العمل، مما جعلني أغير من أسلوب تعاملي من خلال النظر الى نقاط قوتي وتنميتها ومحاولة ابرازها دون غيرها للعميل، وهذا ما جعلني أكسب العمل على المشروعات التي أرغب بها تحديدا، هل تظن أن هناك طرق أخرى غير الحيلة يمكننا بها اجتذاب العمل الذي نريده بشكل نزيه؟ أظن أن هناك وسائل تخفى علينا بإمكانها مساعدتنا مثل الثقة بالنفس ألا توافقني الرأي؟
التعليقات