بالتأكيد جميعنا نواجه معضلات كثيرة ومتنوعة منها المتعلق بالعمل ومنها المتعلق بحياتنا الشخصية وأيضا منها الأخلاقي وهذا النوع يكون محير جدًا، عند اتخاذ قرار فيه، والمعضلات كثيرة وأغلبنا اطلع عليها منها معضلة القطار، وغيرها، فعندما نفكر في حل المعضلة وجدت أن أكثر العوامل المؤثرة هي مقدار النفع والضرر من هذا الاختيار، فمثلا النفع أن أنقذ خمسة أشخاص بدلا من شخص واحد بتحويل مسار القطار مثلًا، وبالتالي هل تؤيد أو تعارض اعتماد الضرر والمنفعة كمعيار للأخلاق واتخاذ القرار، ولماذا إن أمكن التوضيح بمثال؟
هل تؤيد أو تعارض اعتماد الضرر والمنفعة كمعيار للأخلاق واتخاذ القرار، ولماذا؟ إن أمكن التوضيح بمثال
بطبيعتنا البشرية يا نورا نحن نجتهد ولا شيء ثابت إن كان صوبًا أو خطأً، ففكرة الحكم على الأمور بمقاييس الضرر والنفع من وجهة نظر كل شخص تختلف عن الأخر، فمثلًا في حوار دار بالأمس هنا كان حول لو طلب منك كتابة كتابة تسويقية لمنتج لا يمثل ما سوف تكتب عنه هل سيكون الأمر أخلاقي أم ستتعامل مع الأمر باحترافية، وكل من سيفسر رأيه سيبرره بوجهة نظره.
وفي ذات الخصوص سألت مرة من أختي كانت وجهت لها وظيفية مبيعات لمنتج" تخسيس بالأعشاب" وقد ادلى عليها المسؤول بأنها مطلوب منها أن تقول هذا المنتج به كذا وكذا ويفعل كذا... الفكرة ان أختي متخصصة بيولوجي وتدرك أن ما قاله حينها خطأ بشكل علمي ولا يوجد أمر يفعل ما يقول فاستشارتني بأن تمضي بالعمل أم تعتذر
وأنا وجدت أنا الأمور تقاس بشكل أخلاقي هنا حيث أنت ستروج وتجعل الناس يدفعون مقابل أمر ليس حقيقيًا وممكن أن يسبب الضرر إذن ندخل في منحى الغش بالعمل ويجب ألا يعمل الإنسان بأي عمل يلحقه شبهة.
ولكن على صعيد حياتي بشكل عام تقاس الأمور بشفافيتها وومقارنة ما الضرر مقابل المنفعة ، ولكن لو كان الامر كمعضلة لاقطار فأنا أجد نفسي فاشلة حقًا في اتخاذ قرارات كهذه ربما حياة شخص واحد كانت ستؤثر على البشرية مقابل حياة خمس مجرمين.
بطبيعتنا البشرية يا نورا نحن نجتهد ولا شيء ثابت إن كان صوبًا أو خطأً
كيف أن الصواب والخطأ ليس ثابت، فالحكم الأخلاقي وفقا للصواب والخطأ هوا واضح ولا خلاف عليه خاصةً إن استندتِ لمعتقداتك، وعقيدتك، ولو قسنا الموقف التي ذكرتيه من حيث مبدأ الصواب والخطأ سترفضين الكتابة لمنتج لا يتوافر به الصفات التي ستضيفيها.
الفكرة ان أختي متخصصة بيولوجي وتدرك أن ما قاله حينها خطأ بشكل علمي ولا يوجد أمر يفعل ما يقول فاستشارتني بأن تمضي بالعمل أم تعتذر
لكن هذه معضلة أخلاقية بحتة، فبكلا المبدئين لو قيمناها من حيث الصواب والخطأ أو النفع والضرر، فالقرار واحد ولا يحتاج لاستشارة هنا لأن الضرر الناجم يمس صحة الإنسان لا خلاف.
كيف أن الصواب والخطأ ليس ثابت، فالحكم الأخلاقي وفقا للصواب والخطأ هوا واضح ولا خلاف عليه خاصةً إن استندتِ لمعتقداتك، وعقيدتك
المقصود ليس ثابتًا لدى الأشخاص فكل يقيس حسب ما ذكرت معتقداته وفكره.
لكن لو نظرنا للصواب والخطأ ومعيارنا كأفراد مثلا أنا وأنت ومن علق على المساهمة كعينة من المجتمع العربي سنجد أن الصواب والخطأ بيننا متقارب ويكاد يكون هو نفسه، قد نجد اختلافات واضح مع اختلاف العقيدة ككل كأن نأتي بشخص عربي وشخص أجنبي ونطلب رأيهم بمعضلة ما يحكمها الصواب والخطأ سنلاحظ الفرق.
أما معيار الضرر والمنفعة، بها تباين كبير جدا، حتى بيني وبينك مثلا فما يفيدني قد يضرك، وهكذا، فالحكم استنادا للمنفعة والضرر أجد به عدم موضوعية بالحكم، به نوع من الذاتية كل يحكم وفقا لما سيعود عليه من ضرر أو منفعة.
لقد أشرتي في ردّك على @Amany_izz يا نورا بأن الضرر هو ما يمسّ صحّة الإنسان. دعيني أدقّق النظر في هذه الجملة وأبدأ منها كمدخل أساسي للرأي. أتفق معكِ بشدّى فيما يتعلّق فكرة الضرر والمنفعة كمعيار أخلاقي يصعب الحيد عنه. فعلى الرغم من الطبيعة المماهة للمعايير الأخلاقيّة، فإن الضرر والمنفعة وجهة لا تقارن. لأنها تعتمد في الأساس على الحفاظ على العنصر الإنساني داخل المشهد، أيًّا كانت ظروف الموقف، وبالتالي فهي ترجّح دائمًا كفّة الحدّ من الضرر وصقل المنفعة فيما يتعلّق بالقرارات في مثل هذه المعضلات.
لكن في المقابل، للأسف لا يسعني أن أتعامل مع أي معيار بصورة ثابتة. وذلك نظرًا للطبيعة السائلة غير الثابتة التي تتسم بها المعايير الأخلاقيّة، فالأمر هنا يتوقّف على تفاصيل دقيقة أكثر ممّا نظن. بالإضافة إلى اعتماده على أدق تفاصيل معتقداتنا الفرديّة، فهو يعتمد على عدّة تفاصيل أخرى أدق. منها مثلًا:
- السمات الفرديّة التي تفصل بين كل شخصٍ والآخر.
- رؤيّة الشخص لعناصر الموقف من وجهة نظره الشخصيّة.
- علاقة الموقف بتاريخ الفرد نفسه. لأن ذلك يؤثّر في حكمه الأخلاقي.
لقد أشرتي في ردّك على @Amany_izz يا نورا بأن الضرر هو ما يمسّ صحّة الإنسان.
إشارتي هنا خاصة بموقف أو معضلة طرحتها أماني، وقد أشرت أن المعضلة هذه لو ناقشناها من ناحية الأخلاق الصواب والخطأ أو حتى المنفعة والضرر فالنتيجة واحدة وسيكون الرفض كون المحور هنا هو حياة الإنسان أو صحته.
لكن في المقابل، للأسف لا يسعني أن أتعامل مع أي معيار بصورة ثابتة. وذلك نظرًا للطبيعة السائلة غير الثابتة التي تتسم بها المعايير الأخلاقيّة
معيار المبادىء الأخلاقية والذي يستند غالبا على معتقداتنا أو عقائدنا ليس متغيرا إن قارناها بالفلسفة النفعية، لأن النفع والضرر متغير فردي وما قد يكون نافع لي قد يكون مضر لك، لكن المعيار الأخلاقي أكثر تباتا بالحكم مع اختلاف الأفراد والمجتمعات طبعا بدرجات متفاوتة
مثل هذه المعضلات من الصعب جدا الحكم فيها أو البت بشأنها لأني أعتقد أن الإنسان يقرر فيها بناء عن تحيزه.
الإنسان لا يمكن بأي شكل من الأشكال إلا أن يكون متحيزا، وهذا التحيز يكون لمصلحته.
في مثال القطار الذي ذكرت أنا أجزم بأن أي شخص ستكون ردة فعله البدهية هي إنقاذ الواحد -إن كان قريبا له- بدل المجموع لأن الروابط والمصالح المترتبة على ذلك تغلب عليه بفعل الغريزة.
لكن إذا لم تكن لك أي مصلحة وكان عليك توجيه القطار شخصيا كنت أفضل أن لا أتدخل في العملية برمتها لأن الضوابط التي فرضها الدين تحث على عدم القتل، فحتما سيؤثر ذلك العامل على تقريري أو الحكم بشأن توجيه القطار.
المسألة بالنسبة لي تتعلق بالمصلحة الشخصية أولا كطبيعة غرزية من الصعب التحكم فيها، ثم الاتساق مع المحذورات التي فرضها عليك الدين والتي بلا شك ستراعين فيها مصلحتك أيضا وإن كانت أخروية، ثم بعد ذلك يأتي الاختيار الحر المُجرد الذي ستقدمين فيه المنفعة العامة وستنقذين المجموع بدل الفرد.
الإنسان لا يمكن بأي شكل من الأشكال إلا أن يكون متحيزا، وهذا التحيز يكون لمصلحته.
إن تحدثنا عن التحيز، فنحن هنا نحكم من مبدأ النفعية وفقا للفسلفة النفعية لذا بمعضلة القطار قد يختار الشخص قريبه ويضحي بالخمسة أفراد لأن الفائدة التي تعود عليه أكبر.
المسألة بالنسبة لي تتعلق بالمصلحة الشخصية أولا كطبيعة غرزية من الصعب التحكم فيها، ثم الاتساق مع المحذورات التي فرضها عليك الدين والتي بلا شك ستراعين فيها مصلحتك أيضا وإن كانت أخروية، ثم بعد ذلك يأتي الاختيار الحر المُجرد الذي ستقدمين فيه المنفعة العامة وستنقذين المجموع بدل الفرد.
أجد أنك قدمت مصلحتك الشخصية والتي تقع ضمن الضرر والنفع على الصواب والخطأ من وجهة نظر الدين، ألا تجد أن هذا سيوقعك بالتأكيد في مواقف تتخذ فيها قرار ضد مبادئك وأخلاقك فقط لأنك ترى أنه بمصلحتك.
أتذكر في هذا الصدد معضلة حول إن احتاج شخص مقرب جدا إليك (أقرب الأشخاص لديك) إلى التبرع بكلية، ولكن لا تملك المال لشراء هذا العضو ولا تجد متبرعين، ولكن وجدت أمام المشفى كلية محفوظة بطريقة صحيحة ولا أحد يقربها، هل تأخذها لتنقذ قريبك أم تتركها لأنها تعد مسروقة؟
إن تحدثنا عن التحيز، فنحن هنا نحكم من مبدأ النفعية وفقا للفسلفة النفعية
النفعية لا مفر منها حقيقة. لكن الشخص في اختيار مصلحته -التي قلنا أنها غرزية فيه- سيختار منفعة الفرد على المجموع، وهذا في الحقيقة المجردة ليس منفعة خالصة، لأنه إنقاذ لكيان واحد يُوَلّد منفعة بدل خمس كائنات تنتج عنها منافع أكثر.
هذا سيوقعك بالتأكيد في مواقف تتخذ فيها قرار ضد مبادئك وأخلاقك فقط لأنك ترى أنه بمصلحتك.
نعم أنا متأكد من هذا. لكني قلت أن هذه هي الطبيعة البشرية وأي شخص سيفعل المثل بحكم تحيزه.
لا أتصور أنك لو رأيت أحد أبويك في هذا الحال إلا قمت بنفس الفعل.
الإنسان كائن يقدم مصالحه دائما، هذا التحيز للمصلحة يأتي من ضمن الأسباب التي جعلته ينجو ضمن سلسلة الأنواع المتواجدة على الكوكب.
الفكرة محمد أنه فعليا قد يكون أغلبنا يحكم من باب النفع والضرر الواقع عليه، لكن عندما يتعارض مع المبدأ هنا الأمر يستحق التوقف والتفكير فيما قد ينتج عن هذا القرار، يعني لو أخذت الكلية الموجودة وسرقتها من أجل والدي هل أضمن بذلك تحقيق المنفعة له، ألا يمكن أن يكون سببا لضرره سواء بالحياة أو بالآخرة بالنسبة لي.
الإنسان كائن يقدم مصالحه دائما، هذا التحيز للمصلحة يأتي من ضمن الأسباب التي جعلته ينجو ضمن سلسلة الأنواع المتواجدة على الكوكب.
قد تكون هذه الفطرة لكن جاءت المعتقدات والعقائد لتعديل الأمور الفطرية التي قد تتعارض من الصواب والخطأ وبالتالي إن كان لدينا إيمان غير مشروط بعقائدنا فستسبقنا للحكم قبل مبدأ النفعية الذي قد يكون مرسخ بنفوسنا.
فهناك أمور كثيرة بها منفعة لنا لكن لا نفعلها لأننا نعلم أنها تخالف عقائدنا ومبادئنا
الفكرة محمد أنه فعليا قد يكون أغلبنا يحكم من باب النفع والضرر الواقع عليه، لكن عندما يتعارض مع المبدأ هنا الأمر يستحق التوقف والتفكير فيما قد ينتج عن هذا القرار،
أكيد يجب التوقف، لكن هذا الذي لا يحصل ومن الصعب أن يحصل إلا لشخص صافي الذهن جدا -بحيث يقارن بين المسائل وتضح له أي تلك المسائل أكثر أخلاقية- وأن يكون أيضا متقيدا بالأخلاق حتى لو تعارضت مع مصلحته.
إن كان لدينا إيمان غير مشروط بعقائدنا فستسبقنا للحكم قبل مبدأ النفعية الذي قد يكون مرسخ بنفوسنا.
هذا ما لا أوافقك عليه.
نعم، الدين أو المعتقد سلطة قوية جدا تضبط سلوك الفرد لدرجة اللا شعور أحيانا، لكن ما سيسبق دائما وأبدا هو المصلحة العاجلة خصوصا أن مبدأ التوبة عندنا سيساعدنا في الاختيار.
أعتقد أن الإنسان لا شعوريا سيقدم المصلحة الشخصية الآنية على تلك اللاحقة.
بالمناسبة هذا الموضوع ممتع جدا، وأنا أحب التفكر فيه ووضع المزيد من المعضلات الأخلاقية في طريقي ليتضح لي موقفي أكثر.
أتذكر في هذا الصدد معضلة حول إن احتاج شخص مقرب جدا إليك (أقرب الأشخاص لديك) إلى التبرع بكلية، ولكن لا تملك المال لشراء هذا العضو ولا تجد متبرعين، ولكن وجدت أمام المشفى كلية محفوظة بطريقة صحيحة ولا أحد يقربها، هل تأخذها لتنقذ قريبك أم تتركها لأنها تعد مسروقة؟
في معيار الصواب و الخطأ و الأخلاقي و اللاأخلاقي، أعتقد أن الصخرة الثابتة التي لا تتزعزع هي صخرة العقيدة. مها قال من فيلسوف من مذهب في النفعية او غيرها أو في الأخلاق فإنً كل ذلك سوف يهتز عند أول اختبار لنا مع الواقع. أما المثال الذي ضربتيه ففي الفقه ما يمكن أن يجيزه بحجة أن الضرورات تبيح المحظورات. وهناك مقاييس أخرى في ميدان الفقه يمكن ان نرجع إليها. وإن كنا نرى مقياس النفع و الضرر في تحديد الأخلاقي وغير الأخلاقي فأي فضل يكون لنا على الحيوان؟! لان الحيوان بطبعه ينفر مما يؤذيه جسدياً. هل نحن نتسامى فوقه فقط بأن ننفر و نفر ممن يؤذينا نفسياً؟ أعتقد أن مقياس الأخلاق لابد أن يتكأ على صخرة ثابتة وليس رأي لفيلسوف او مذهب أو غيره. لاننا أحياناً قد نعلم أننا نتضرر جسدياً و نفسياً ثم نأتي فعل معين لأننا نراه أخلاقي بامتياز.
هل تؤيد أو تعارض اعتماد الضرر والمنفعة كمعيار للأخلاق واتخاذ القرار، ولماذا إن أمكن التوضيح بمثال؟
أعتقد أن إعتماد هذا المبدأ أي مبدأ المنفعة والضرر في إتخاذ مختلف قراراتنا لهو أمر ضروري في حياتنا، لكني لست أفهم هنا علاقته بالجانب الأخلاقي، فهل تقصدين أن عدم إعتماد المنفعة والضرر سيكون غير أخلاقي!
بالنسبة لي حينما أقع في مشكلة ما أدرس جوانبنا وحلولها بحيث لا يكون لها أثر سلبي على شخصي من جهة وعلى من حولي ومن عندي تأثير مباشر فيهم من خلال شخصي أو عملي وبذلك يكون هذا الأمر أخلاقيا في نظري.
أعتقد أن إعتماد هذا المبدأ أي مبدأ المنفعة والضرر في إتخاذ مختلف قراراتنا لهو أمر ضروري في حياتنا، لكني لست أفهم هنا علاقته بالجانب الأخلاقي، فهل تقصدين أن عدم إعتماد المنفعة والضرر سيكون غير أخلاقي!
المقصود أننا إن حكمنا على الموقف وفقا لمبدأ النفعية، فقد يأتي موقف تتعارض المنفعة مع الصواب والخطأ، وبالتالي قد لا يكون من الصواب اعتماد النفعية والضرر كمعيار أخلاقي عند اتخاذ القرار.
وبالتالي قد لا يكون من الصواب اعتماد النفعية والضرر كمعيار أخلاقي عند اتخاذ القرار.
فهمت الآن، ووجهة نظرك سديدة إذ أن إعتماد النفعية والضرر حقا قد يؤدي إلى نتائج سلبية..
لكن لماذا نقوم بإعتماد المعيار الأخلاقي فقط، أو مبدأ النفعية والضرر، إتخاذ القرار يجب أن يكون محاطا بمجموعة من المعايير التي تؤطر جميع المعلومات والنتائج وتدرسها على حدى قبل الخوض في أي قرار خاصة إن كان مكلفا وتأثيره يتعدى حدودنا كأفراد ليصل إلى المحيط من حولنا
التعليقات