أن تلحق الضرر بشخص أذاك قد يعتبره البعض سلوك مبرر لكن أن تلحق الضرر بشخص مسالم لم يُؤذيك ولا يشكل تهديدًا لك لهو أمر غريب وغير مقبول أبدًا!
لكن لماذا يحدث ذلك؟ هل هنالك أسباب منطقية أو نفسية لهذا الامر؟
هناك العديد من المبررات منها أن يكون شخص غير سوي نفسيا، أو أن يكون شخص متعمد ومحب للأذى وأعتقد أننا نقابل الكثير من هؤلاء الأشخاص الذين يعتبروا مرضي نفسيين يتمتعون ويتلذذون بأذية الأفراد أمامهم، إن كان شخص مثلا لم يحدث على طفولة طبيعية وكانوا دوما يتم أذيته من أحد الأشخاص المؤثرات بحياته مثل والديه هذا بالتأكيد سينشئ عنه شخص غير سوي ومحب لأذية الغير، يعتبر المثال السابق واحد من الأسباب النفسية ولكنها ليست منطقية لا وجود أي منطق أو سبب لأذية أي شخص مهما كان المبرر هام .
ومن الممكن أن يفشل شخص فأذيه شخص معين نجح بأذيته لذا يحاول عكس أذيته على أشخاص آخرون ليس لديهم أي ذنب بالموضوع، وبتلك الأحوال أفراد كهذا يحتاجون وبشدة لمعالجة نفسية وإبعادهم عن مجتمعنا لو رفضوا العلاج والتغيير لأنهم بالفعل يسببون الكثير من الأذى لنا ويساهمون بتحويل أفراد طبيعين ليصبحوا مثلهم.
حسب علم النفس، يطلق تسمية "السادية" على التلذذ بإلحاق الأذى بالآخرين دون مبرر سواء على صعيد معنوي أو جسدي. وللسادية أسباب كثيرة، ففي الغالب هي عارض من عوارض الاضطرابات النفسية مثل الفصام واضطراب الهوية الانشقاقي، ولذلك إن أردنا معرفة جذر السادية، ينبغي معرفة جذر الاضطراب النفسي.
ومن جهة أخرى، قد يتسبب الخلل في الهرمونات بميول سادية لدى الشخص، كما يعتبر بعض علماء النفس أنها قد تنتقل بالوراثة أيضا، سواء جينيا أو من حيث التربية، وربما تكون محاولة غير واعية للفرد في إثبات نفسه أمام الآخرين لشعور نقص داخلي معين. فنحن بالطبع لن نغفر الأفعال السادية، وسنبتعد عن هؤلاء الأشخاص، ولكن يجب أن نعرف أنه يوجد تفسيرات نفسية وفيزيولوجية.
بكل تأكيد أنا لا أشجّع على التفاهم أو التصالح مع مثل هذه السلوكيات. لكنني أعترض بشكلٍ أو بآخر على طرح مثل هذه التساؤلات فيما يخص الطبيعة البشرية. لأن الخريطة النفسية للبشر لم تعد مفتوحة أمامنا بهذا القدر من البساطة، لذلك علينا أن نتعامل معها من خلال آليات أقدر على فهم الإنسان ودوافعه. وبالتالي لا يمكننا على سبيل المثال أن نعتني بذم سلوك مثل القتل أو السرقة، وإنما علينا بشكل بديل أن نعمل على خلق نظام صارم يمنع حدوث هذا الأمر. أمّا التعامل معه على أنه شيء خارج أو غير مألوف في طبيعة الكثير من البشر هو الأمر غير المنطقي في حد ذاته. لذلك لا أرغب في تناول المسألة كشيء خارج عن المألوف أو خاضع للغموض، وإنما أجده سلوكًا متوقّعًا إلى أبعد حد، وأجد أن سقف الأخلاقيات الذي نتصوّره عن البشر هو الأمر غير المنطقي على الإطلاق.
لأن الخريطة النفسية للبشر لم تعد مفتوحة أمامنا بهذا القدر من البساطة
وأنا أوافقك الراي مثلما ذكرت أنا نحن لا نعرف الصورة الكاملة التي حدث فيها الحدث، الشخص المؤذي ربما هذا الأمر كان رد فعل منه لسلوك من الشخص المتواجد معه والشخص هذا يرى هذا السلوك عادي لكن الطرف الآخر تاذى من هذا الأمر.
ربما هذا الأمر كان رد فعل منه لسلوك من الشخص المتواجد معه والشخص هذا يرى هذا السلوك عادي لكن الطرف الآخر تاذى من هذا الأمر.
كما قلت في السؤال الحاق الضرر يكون بدون مبرر!
يكون بدون مبرر!
وكما قلت أنا ما هو غير مبرر بالنسبة لك هو مبرر بالنسبة لي ولكل شخص وجهة نظر وليس كل من نتعامل معه يفكر بنفس الطريقة التي أفكر بها أنا، كل منا له زاوية نظر في المجلس مثلا أنا تؤذيني شخص يخفي عني أمر وانا أخبره بكل ما يقع معي وبعدها أنا أقوم بسلوك مؤذي بالنسبة له أو أقول كلام مؤذي ردا على ما أخفاه على هذا فقط مثال للتوضيح. هو يرى أن أسلوبك غي مبرر وأنت ترى أن أسلوبه غير مبرر وهذا كله يرجع لطريقة تفاعلنا مع الأحداث.
. لأن الخريطة النفسية للبشر لم تعد مفتوحة أمامنا بهذا القدر من البساطة،
لماذا هي غير مفتوحة، اليوم الدراسات والأبحاث التي تجرى من قبل علماء النفس قد تكون مهمة في تحليل الشخصية النفسية للشخص، تدخل في أعماق الشخصية، فكرة عدم الخوض في هذه الاسئلة والاجابة عليها هي فكرة خاطئة، نحتاج إلى الاطلاع على اراء وتحليلات
يبدو أنني أسأتُ اختيار الجملة للأسف، وذلك سبّب أنك فهمتُ ما أعنيه بشكل خاطئ. أنا لم أعنِ أنها لم تعد مفتوحة، وإنما أعني ما تشير إليها، أنها مفتوحة بالمزيد من التشعّبات والتفاصيل التقنية والعلمية الأكثر تطوّرًا وفهمًا وعمقًا. أعني أنها لم تعد بسيطة كما كانت، كصفحة مفتوحة تحتوي عدد مختصر من التفاصيل. وإنما أصبح الأمر أكثر تشعّبًا، أقدر على المزيد من التفسير والمزيد من الإحاطة بفهم أنفسنا بقدر لا بأس به أعمق من ذي قبل.
لكن أن تلحق الضرر بشخص مسالم لم يُؤذيك ولا يشكل تهديدًا لك لهو أمر غريب وغير مقبول أبدًا!
كيف تلحق الضرر بشخص آخر يختلف مفهومه من شخص لآخر، كيف تتأذى أنت تختلف عن الطريقة التي أتأذى بها أنا، ربما هذا الشخص يتأذى بمجرد نقدك له أو قول له رأيك أو صفة لا تعجبك هو يأخذ الأمر بشكل شخصي ويردلك الأذية ولكن هناك أشخاص لا تكون أذيته إلا بالضرب وغيرها من الطرق التي تترك أثر في الجسم، لهذا لا يمكن القول ان هذا الشخص أذاني بدون او أؤذيه لأنه يمكن أنه تأذي من مجرد نظر أو كلمة تقليل القيمة وكان رده بتلك الطريقة.
الأمر ليس له سبب واحد، الأسباب كثيرة نفسية ربما، جينية، أو حتى سلوكية.
بعض الأمراض النفسية تكون سبب في أن يرتكب الشخص أفعالًا مؤذية تجاه العديد من الأشخاص بدون قصد، وللتوقف عنها يحتاجون إلى الحصول على العلاج النفسي.
أحيانًا كذلك يكون الضمير متوقف عند الشخص أو يتسم بالأنانية المفرطة التي قد تجعله يؤذي أي شخص في سبيل نيل مراده.
من رأيي أن الأذى لا مبرر له، ولا شيء يمكن قوله لمنطقته، ومحاولة منطقته هي وسيلة لمحاولة التهوين منه أو جعل المرء يصدق أن هناك سببًا لاستحقاقه هذا الأذى ليس بالشيء الصحيح
لأسباب كثيرة:
إما نفسية كأن يكون مصاب باضطراب نفسي (السادية) أو ربما يكون مبدأ الإزاحة هو السبب (عندما يغضبك موقف أو أحد ولكنك لسبب أو لآخر لا تستطيع الرد على ذلك الحدث فتقوم بإزاحة المشاعر السلبية لأحد آخر).
أو ربما من الموروثات الشعبية (اضرب المربوط يخاف السايب) وما شابهها من أمثال أخرى.
وفي أحيان أخرى يكون الأمر مجرد احتراس من شيء لا يحدث إلا في عقل المؤذي كأن يتخيل أن ذلك الشخص سيؤذيه فيبادر في أذيته..
درس العلم هذا الأمر بشكل جيد جداً وحتى هناك تجارب علمية كثيرة منذ عام 1961، كتبت من فترة موضوع عن سجن ستانفورد، الأحرى تجربة سجن ستانفورد التي أقيم بها سجن لمحاكاة بين السجناء والشرطة، محاكاة متخيّلة من قبل الطلاب، مسرحية انتهت بكارثة يمكنك الاطلاع على الأمر بشكل ممتع عبر فيلم Stanford experiment
وقبل ذلك أيضاً أجرى عالم النفس الاجتماعي ستانلي ميلغرام تجربة نفسية اجتماعية لقياس مدى انصياع الإنسان للعنف وفق توجيهات الآخر، بهدف قياس الاستعداد البشري لإطاعة سلطة تأمر بسلوك عنيف تجاه الغير. فأعلن عن تجربته، ولكنّه لم يُعلن الغرض الحقيقي منها، فأخبر المشاركين أن الدراسة تقيس فقط العلاقة بين العنف وأثره على التعليم والذاكرة.
وبذات الطريقة انتهت التجربة، عنف مفرط لا حدّ له.
قام عالم النفس فيليب زيمباردو بتلخيص الأمر في كتاب "تأثير الشيطان" lucifer effect وهو ليس كتاباً دينياً، إنّما علم نفس محكم، ذكر به كل ما يمرّ في دماغ الإنسان وطريقة عمله وأسباب عنفنا.
ليتضح معك رويداً رويداً بأنّ لكل سبب مسبب وإن لم نراه بالعين المباشرة أو كان سبباً مباشراً، ربما الأمور تراكمية حتى في النفس البشرية.
لا أدري إن كانت منطقية، ولكنها نفسية بكل تأكيد، سأذكر لكم جانبًا من الجوانب التي يبدأ فيها الشخص بالتحول وإلحاق الأذى بالآخرين (عن عمد)، وهو أن يكون الشخص نفسه تعرض لسلسلة كبيرة من الأذى، حتى وصل إلى اعتقاد بأنه يجب أن يفعل ذلك هو أيضًا حتى يستطيع أن ينجو في هذه الحياة.
فيصبح الوضع أشبه بدائرة أو سلسلة لا تنتهي من التحول لمثل هؤلاء الأشخاص.. أستطيع أن أراهن على أن معظم الأشخاص الذين يسعون لإيذاء غيرهم كانوا هم أنفسهم يمثلون الطرف الذي قام الآخرون بإيذائه ذات يوم.
أعتقد أن الأمر نفسى وجانب إجتماعى فكثير ممن يلحقون الأذى بالشخص المسالم يوجد بداخلهم ضعف شخصية شديد وإلحاقهم الأذى بمن هم أقل قدرة منهم على الأذى يشعرهم بالقوة والزهو .
بالإضافة إلى الجانب الاجتماعى فى الكثير من المجتمعات الذى صار يحترم الشخص المؤذى بشكل كبير ويرضخ له هذا الأمر جعل الكثيرين من ضعاف الشخصية يضعوا أنفسهم تحت هذه الراية لما يرونه من قوة لأنفسهم فى هذا الأمر وضعف فى السلام مع الأخرين .
وقال المفكر والفيلسوف والدبلوماسي الإيطالي نيكولو مكيا فيلي إن "الاضطرابات والفوضى من صنع الزمن لا البشر". فقد أُجريت كثير من الدراسات والأبحاث على هذه الظاهرة والسلوك، وأشارت نتيجة أغلب الدراسات أن السبب وراء هذه التصرفات هو خلل نفسي داخلي يحث الشخص على هذه الأمور فهي تجعله بطريقة ما يحس بشعور أفضل، إضافة إلى أن الطفولة لها دور كبير في الاضطرابات النفسية التي تحدث للشخص وتسبب له مشاكل كبيرة عند الكبر، وقد يكون هذا الفعل لتجنب الشعور بالألم الذي يعيشه.
إضافة إلى أن الشخص قد يشعر بالتهديد من شخص آخر حتى وإن لم يكن له علاقة لكن هذا شعور داخلي يجعله يلحق الضرر بالآخرين بدون أي سبب ظاهر إلا أنه شعر بذلك. ويطلق على هذه الفئة ب"السادية".
ويوجد نوع الآخر من الأشخاص الذين يلحقون الضرر بالآخرين من أجل تحقيق هدف أو غرض ما ليس فقط الإستمتاع ويطلق عليهم "السايكوباتيين"، وهذا لأنهم أقل عرضة للشعور بالخوف او الندم رغم معرفته بمستوى الأذى الذي ألحقه بالآخرين، ولا تتعدى نسبيتهم إلى .5% في الحياة العامة، لكن تصل إلى 80% في السجون.
بالنسبة لنا كأشخاص عاديين او مشاهدين لما حدث نراها أفعال غير مبررة، لكن بالنسبة لمن أحدث ضرر فهو لسبب ودافع أكيد.
التعليقات