يعد الاقتصاد السعودي أحد الأسواق القليلة التي تشهد ازدهارًا في ظل الأزمة العالمية الحالية. ذلك لا يتحقق من فراغ بالتأكيد، وإنما من خلال استراتيجية واضحة ومسار مختلف.
ما هي أسباب نمو الاقتصاد السعودي رغم الأزمة العالمية؟
لأنهم كانوا يفكرون بطريقة حديثة، ويستغلون جميع التقنيات وكل تفكيرهم للأمام وتفكيرهم الشامل لإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي. فقد ساعدت الحكومة من خلال "رؤية المملكة 2030" على وضع إطار عام لإدارة السياسة المالية بصورة تفاعلية غير ساكنة وتقليل الاعتمادات النفطية وتنويع الاقتصاد؛ ما أسهم في الحفاظ على الاستقرار المالي على الرغم من التطورات المتسارعة في الاقتصاد العالمي.
عملت على ذلك من خلال إطلاق برنامج الاستدامة المالي، وبرنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج تطوير صندوق الاستثمارات العامة.
حيث عملت الرؤية في إعادة هيكلة إعداد الميزانية العامة ورفع كفاءة تحقيق الإنفاق الحكومي، مما حقق وفورات خلال السنوات الماضية تزيد على 540 مليار ريال، أعيد توجيهها في مصروفات لها أولوية لخدمة المواطن والمقيم، والاقتصاد العام للمملكة. الأمر الذي انعكس على ثبات وتسارع الأداء المالي وتسارع.
الأمر بشكل عام اعتمد على التفكير السعودي المتقدم وحاجته إلى خطط عملية تخدم المملكة، برأيي لو اتبع الجميع نفس الأسلوب لكان الامر مختلف.
فقد ساعدت الحكومة من خلال "رؤية المملكة 2030"
هنا السر غدير، بشكل عام عند تأسيس مشروع، قيادة شركة أو أي مهمة نود تحقيقها، نحتاج إلى التفكير في وضع خطة للأمام والمستقبل، تشمل أهداف عامة ، أهداف قابلة للتخطيط والقياس، تحديد الجمهور والفئة والمستهدفة ومرحلة التقييم.. وهذا ما فعلته السعودية، ويبدو هذا ما تحتاجه دولنا العربي، لكن بالتأكيد يجب أن نؤمن بأنّ اقتصاد السعودية قوي، هنالك الموارد في حين أنّ بعض تفتقر إلى هذا الموارد.
لكن بالتأكيد يجب أن نؤمن بأنّ اقتصاد السعودية قوي، هنالك الموارد في حين أنّ بعض تفتقر إلى هذا الموارد.
لا جدال في أن السعودية غنيّة بالموارد، خصيصًا على صعيد قطاع الطاقة، والذي يعتبر أحد أكثر الكروت ربحًا في الوقت الحالي، وفي سياقا لأزمة التي يعانيها العالم. لكن ما يبهرني بصورة أكثر عمقًا هو القدرة على الاستثمار وتحقيق التحوّل في هذا الصدد، ففكرة جودة الموارد لا تعني على الإطلاق أنها مشروطة بالنجاح. من الممكن أن نجد الكثير من الدول التي لديها احتياطي من المحروقات يساهم في بناء أجيال، لكنها لا تستطيع استغلال استثماراته بالطريقة المثلى للأسف.
أتفق جدًا معك علي، ما حقق تميز كبيرًا للسعودية هي تفكيرها واستغلالها للموارد التي لديها، فهي لم تمتلك مواردها من جديد لكن الجديد هو طريقة استغلالهم لها.
عملت منذ فترة مع شركة سعودية عبر الإنترنت تهتم برؤية المملكة والتحول الرقمي، ولاحظت توجهها لم يعد يقتصر على الموارد والطاقة التي تمتلكها بل توظف التقنيات الجديدة لتحسين وضعها اكثر.
أوافقك الرأي يا غدير. وفي سياق الرؤية الجديدة لإدارة المملكة العربية السعودية، أرى من جهة أخرى أن ريادة العديد من المجالات المستحدثة خلال الفترة الماضية كانت الأقدر على النهوض بالاقتصاد السعودي، خصوصًا فيما يخص الاستثمار السعودي في العديد من المجالات التي شهدنا تطورها المتسارع خلال الفترة الحالية، مثل مجال الرقميات بشكل عام، والتكنولوجيا، وغيرهم من مختلف العناوين التي لا تنتهي في إطار هذه الرؤية.
نعم اهتمامها كبير في هذه المجالات، قديمًا مثلًا السعودية لم تكن تتمتع بمثل هذه النهضة القوية ولا حتى التعليم، فكان تعميرها يعتمد على الآخرين من الخارج. لكن منذ اكثر من عامين أصبحت لا توظف إلى سعوديين في شركاتها حتى تستغل مواردها البشرية وطاقتهم وانهم اولى، دولة أخرى تستقطب العاملين من الخارجين عوضًا عن تشغيل أبناء البلد او حتى تطويرهم ليتناسبوا مع العمل أكثر!
يعجبني في المملكة العربية السعودية امتلاكهم نظرة شمولية لاقتصاد الدولة، بداية من المرونة في إنشاء المشروعات ومتابعتها وصولًا إلى العمل على المخاطر وتقليلها ومحاولة صدها. تمتلك السعودية بنية اقتصادية قوية والتي تعتمد على عدة جوانب مثل:
على الرغم من أن رحلات الحج تمثّلًا أحد أهم الأشياء في سياق الاقتصاد السعودي، فإنني قد أختلف معكِ في تناولها كسبب، فأنا أرى أن السبب الرئيسي يتمثّل في توظيف موارد النفط والمحروقات التي تمتلك السعودية احتياطي عملاق منها بالطريقة المثلى، لأن العائد الذي يتأتّى من هذا النطاق من التجارة لا يضاهى على الإطلاق.
من جهة أخرى، فكرة انخفاض تكاليف المعيشة بالتأكيد تمثّل نقطة محورية. وسببها في رأيي حسن الإدارة، وهو ما تفتقر إليه للأسف العديد من الدول العربية الأخرى.
قد يختلف رأيي عنك قليلا يا علي أنا أرى أن السعودية وبعض الدول الخليجية بالكاد تبذل مجهود يذكر لنمو اقتصادهم وحتى إن تم بذل مجهود فيتم بذله بطرق غريبة وبعيدة عن ثقافتنا ومعتقداتنا العربية!
أتعجب كثيرا من طرق تعاملهم مع الغرب وسهولة اندماجهم معهم لدرجة تكاد تفرق بين العربي والأجنبي منهم؟
الدول الخليجية هي واحدة من الدول التي كانت ثروتها أسفل أراضيها ولم تبذل الكثير من الجهود لتنهض باقتصادها لم أرى أنها فعلت شيئا يذكر يجب أن يذكر لها.
تنهض باقتصادها عن طريق التنازل عن حضارتها العربية وثقافتهم ومعتقداتهم، شيئا فشيئا سنتنازل عن هويتنا فقط لإرضاء الغرب ونمو اقتصادنا!
هذه أسوأ طريقة للحفاظ على الدولة واقتصادها.
لا أتفق معكِ على الإطلاق يا رحمة، فأنا لا أرى أي أسباب تدفعنا إلى عدم الاندماج بثقافات أخرى، ومن ناحية أخرى لا أرى أن فكرة اطلاعي على الآخر تحتّم عليّ أن أفقد هويّتي. بالعكس، أنا أرى أن الدول العربية تحسن استغلال الأمور في الوقت الحالي، وتستطيع أن تستوعب الثقافات الأخرى أكثر من أي فترة مضت. فكرة المعسكرين هذه لن تؤدي بنا إلى أي مكان على الصعيد الثقافي والحضاري من جهة. وعلى الصعيد الاقتصادي من جهة أخرى، المؤشرات والتقارير لا تشير إلى أن السعودية ودول الخليج بالكاد تنعش اقتصادها، وإنما تشير إلى انها إحدى أكثر المناطق انتعاشًا في الوقت الحالي.
أسرع معدل نمو في المملكة منذ عام 2011، كون الأساسيات الاقتصادية للمملكة تتحرك في الاتجاه الصحيح مع تسجيل فائض في الميزانية، وتقلص الدين العام، واحتواء معدلات التضخم وهذا بالضبط ما تقوم بعكسه باقي الدول أو تفشل بتحقيقه، وما هو برأيي يزيد من ثقة السوق عندهم الاعتناء الكبير بمسألة الناتج المحلي أيضاً، ودعمهم الكبير للقطاعات الإقتصادية، يُقال أن ما ضخ فقط لهذه السنة هو 28 مليار ريال.
التعليقات