يعاني العالم في الوقت الحالي من مجموعة من الأزمات المتتالية، والتي تنعكس بصورة واضحة على الاقتصاد العالمي وتولّد أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
في رأيك، ما هو المجال الذي تنصح بالعمل أو الاسثمار فيه في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية؟
بالنسبة لي ومع الأزمة الروسية ومعاناة الدول الأوروبية من نقص كبير في الغاز الطبيعي والذي يستخدم للتدفئة وإنتاج الكهرباء سيزداد إقبال الدول الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية على الطاقات المتجددة كبديل للغاز الطبيعي وبالتالي من الطبيعي أن ترتفع قيمة أسهم الشركات المستثمرة في هذا المجال ومن بينها شركة تسلا . لذلك فأنا أقترح إستثمار أموالنا في شراء نسبة من أسهم هذه الشركات عن طريق منصات التداول .
لقد فكّرتُ مرارًا في هذا الأمر خلال الفترة المنصرمة يا صديقي زكريا. لكني عانيتُ قلقًا شديدًا حيال دخول مثل هذا المجال نظرًا لأنني لا أمتلك الخالفية المعرفية المناسبة، وبالتالي لا أستطيع أن أجزم بقدرتي في الوقت الحالي على مجاراة عالم استثماري خطير للغاية مثل عالم الاستثمار في الأسهم.
لكن من جهة أخرى، هنالك العديد من الطرق المعرفية التي يمكننا من خلالها جني المزيد من المعرفة الاحترافية، فهل لديك أي مقترحات في هذا الصدد؟ وهل ترى أننا نستطيع الاعتماد على التعلم الذاتي في هذا المجال؟
في رأيك، ما هو المجال الذي تنصح بالعمل أو الاسثمار فيه في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية؟
أن يتحدد العمل الخاص بالشخص سواء كان موظف أو مستثمر بتيار الأزمات المتلاحقة التي تمر على الكوكب هي فكرة قد تجعل من حياته تعاسة خالصة والأهم أنّها فكرة قد تضعه كل يوم بسوق مختلف، فبين كورونا (الفترة قريبة) حتى الأن مرّت البشرية بالعديد من الأزمات الصحية والسياسية والإقتصادية وهذا ما يجعل الشخص الذي يفكر بهذه الطريقة على تغيير موطنه وعمله عدّة مرات.
برأيي أفضل طريقة للتفكير بهذا الأمر هو العكس تماماً، يجب أن لا يتم العمل أو الاستثمار بأي شيء قد يعني للأزمة أو يخصّها، مهما كان نوع الأزمات، لنتكلّم مثلاً عن الأزمة الإقتصادية العربية، هناك نقص مواد مثلاً بشكل متفاوت وسريع التذبذب من حيث العرض والطلب والسعر، فأي دخول بهذا الأمر قد يسبب خسارات كبيرة (أي مستثمر بغنى عنها).
البارحة مجلس الإفتاء المصري يشير للناس بأنّ أخذ الفوائد من البنوك حلال، برأيي هذه طريقة مأمونة ليست للاستفادة، بقدر التماشي مع التضخم والحماية من التضرر وهذا مكسب وربح بظل الأزمات أيضاً.
لكن الاعتماد على فوائد البنوك أمر لا علاقة له بالاستثمار في رأيي يا صديقي، فإذا قارنا هذا الاعتماد على فوائد البنوك بالاستثمار الشحصي، فإن النسبة التي نخسرها في الاعتماد على البنوك في الاستثمار بأموالنا كبيرة للغاية، بالإضافة إلى أنها مرهونة بحجم الأموال الذي لا يزيد، وهو ما يمنع هذه الأموال من أن تزيد قيمتها، وبالتالي لا يمكننا أن نضمن بقاءها في المستقل. لكن من جهة أخرى، الاستثمار يعتمد في انطلاقته أولًا على حجم الأموال، لكن لا يمنعه من أن يزيد. هذا هو مربط الفرس.
الذهب والذهب فقط.
هذا المعدن الذي يعتبر المستوى الأساس لكل عملة ولكل تعدين ولكل قيمة ولكل سوق في العالم. فهو الاستثمار الآمن في العالم وكل شيء مرتبط به وكافة الاقتصاديات العالمية متعلقة به كمرجع ومخزون أساس.
ينظر إلى الذهب على أنه ملاذ آمن من التضخم والانحدارات في السوق. فعلى سبيل المثال، خلال السوق الهابطة 2007-2008، هبط سوق الأسهم بشكل عام بنسبة 33%، بينما تراجع سعر الذهب بنسبة 2% فقط. الذهب هو حافظ على الثروات عبر آلاف الأجيال، ولا يمكن قول الأمر نفسه على العملات الورقية.
على سبيل المثال كانت أونصة واحدة من الذهب تساوي 35.9 دولار في أوائل السبعينيات. في ذلك الوقت كان بإمكان أي شخص شراء نفس الأشياء بكلتا العملتين، سواء أراد شراء بدلة جديدة أو دراجة لكن في حالة احتفظ الشخص بأونصة الذهب كل هذه السنوات، وباعها بأسعار اليوم، فمن الممكن أن يشتري بها بدلة، وهو الأمر الذي لن يستطيع فعله بمبلغ (35 دولاراً).
بمعنى آخر من المؤكد أن أي شخص كان سيخسر قدراً كبيراً من ثروته، إذا قرر الاحتفاظ بمبلغ (35 دولاراً)، بدلاً من أونصة واحدة من الذهب، ذلك لأن قيمة الذهب زادت، بينما انخفضت قيمة الدولار بسبب التضخم.
لكن في المشكلة الأخيرة يا صديقي وفي إطار أزمات نقص الموارد في الغرب، فإن قيمة معدن مثل الذهب تعاني عدم استقرار غير مسبوق، وبالتالي فقد واجهتُ العديد من التصريحات لبعض الخبراء ممن يحذرون من الاعتماد على الذهب. وقد تناولنا الموضوع بنقاش رائع على هذه المساهمة من قبل هنا:
فما رأيك في ذلك يا صديقي؟ عل تتفق مع الرأي الذي يحتفظ بوجهة نظره عن الذهب كمعدن نفيس وقيمة احتياطية لا يمكن أن تفقد قيمتها؟ أم أنك مع القلق المعاصر من تلاعب مؤشرات الذهب في الآونة الأخيرة؟
الإستثمار في المجال الرقمي، هذا المجال الرائج المنفتح والذي يتطلع علي المستقبل بقوة وفي ظل الأزمات المتلاحقة التي يعيشها العالم يكون الإنترنت هو الإختيار الأول والواجه الأولي للعمل والبيع والشراء والكثير من التعاملات التي تتم من خلاله، ولهذا فإن الإستثمار الرقمي بمختلف أشكالة مثل التجارة والتعليم والتسويق وإدارة الأعمال وغيرها من أوجه الإستثمار الرقمي الواسع، حيث يتحقق فيها عوامل نجاح اللإستثمارات بصورة كبيرة، حيث رأس المال المنخفض، وكذلك إمكانية البدء والعمل في أي وقت وأي مكان دون تحمل أعباء المصاريف الإدارية والإنشائية وغيرها من هذه الأمور، ليبقي التركيز منصبََ علي تقديم الخدمة بمهارة عالية.
هذا أمر في غاية الروعة والعقلانية فعلًا يا مصطفى. أسعى في الآونة الأخيرة إلى إتقان العديد من التفاصيل التي تؤهّلني إلى تدشين مشروع مقنع في المجال الرقمي. لكن من جهة أخرى، لا أرغب في التسرع على الإطلاق، لأنني أسعى إلى اتخاذ المسار نفسه الذي اتخذه أي شخص نجح في تدشين مشروعه في هذا المجال، حيث أن كل رواد الأعمال في المجال الرقمي يشتركون في ميزة ملفتة جدًا، وهي دراستهم للاقتصاد قبل أن يبدأوا مشروعاتهم. وبالتالي فأنا أسعى خلال الفترة الحالية إلى تنمية خلفيتي المعرفية في الاقتصاد ومبادئه أولًا، مع تنمية خبراتي في المجال الرقمي بالطبع، والتي بدأتها منذ فترة ليست بقريبة. من هنا أستطيع تكوين تصوّر واضح عن مشروعي.
التعليقات