(الفرص التي لن تتكرر غالباً) غالباً ما تأتينا فرص كهذه ونضيّعها للعديد من الأسباب والظروف، لذلك أسأل عن كيفية التعامل الحياتي والنفسي والمهني لهذا الموضوع.
كيف تتعامل مع فكرة ضياع الفرص الذهبية في حياتك؟
فاتتني فرصتين إحداهما في مسيرتي التعليمية، حيث حصلت على منحة لإكمال دراستي العليا ولكن لظروف معينة فاتتني هذه الفرصة، والأخرى في وظيفة مرموقة و فقدت الامل ولكن بعد ذلك حصلت على وظيفة أفضل منها وفي شركة أفضل.
لكن كيفية تعاملي مع الفرص الضائعة؛ أذكر نفسي ب بمقولة :"ما لا يقتلني، يجعلني أقوى" ربما لن تعود هذه الفرصة ولكن بالتأكيد هنالك فرص أفضل منها. أذكر نفسي أيضًا بأنني لست الوحيد الذي فاتته فرص عظيمة، هنالك من هم في نفس المركب ولكن الاختلاف هو كيفية استيعابنا لضياع الفرصة.
ربما لن تعود هذه الفرصة ولكن بالتأكيد هنالك فرص أفضل منها
لقد جرّبت التعامل نفسياً مع نفسي بهذه الطريقة، لكن أحياناً تصلني خواطر تجعلني أفترض جدلاً أنّ حتى لو جاءت فرص أفضل لن يزول منّي هذا الشعور الغريب في أنني أحتاج تلك الفرصة الضائعة الأقل قيمة أكثر، ربما فقط لإنني قد تخيّلت نفسي بها مُسبقاً، ألم تشعر بذلك أثناء تسلّمك للوظيفة الافضل؟
(الفرص التي لن تتكرر غالباً)
أحياناً نغفل عن حقيقة أننا من نصنع الفرص غالباً، ونظن أن الأمور كلها تحدث صدفة وليس نتاج جهد وهذا هو السبب الأبرز للندم المصاحب لضياع الفرص، أينعم ثمة فرص تأتي عن طريق الصدفة ولكن غالبية الفرص الحقيقية تأتي من خلال سعينا في طريق محدد، أما القطع بعدم تكرار الفرص شئ غير صحيح طالما نسعى في طريق محدد ونقدم الأسباب.
كيف تتعامل مع فكرة ضياع الفرص الذهبية في حياتك؟
بالنسبة لي فأنا أندم بشكل مؤقت على أنني لم استغل تلك الفرصة كما يجب أو الوم نفسي أنها فاتتني، ولكن في النهاية أحاول من جديد وأكتسب دفعة قوية لصناعة فرصة بنفسي، والعجيب أنني لا أفقد الأمل مهما طال الوقت، وأظل اسعى حتى احظى بفرصة مشابهة.
أما القطع بعدم تكرار الفرص شئ غير صحيح طالما نسعى في طريق محدد ونقدم الأسباب
أنا مُستغرب الصراحة بقطع حضرتك أنّ الفرص دائماً ما تتكرر رغم أنّي واجهت وسمعت عن الكثير من المواقف لفرص لم تتكرر مع أصحابها، لإنّ ذلك شبه مستحيل تقريباً، حيث أنني أذكر القصة التالية التي سردتها لي أمّي، حيث قالت أنّها مرّة دُعيت لكي تشارك فريقها في لعب الجمباز في حفل كان سيُقام لطلّاب المدرسة، لكنّها في يوم الحفل قررت بأنّها لن تذهب لمجرّد توعّك بسيط أصابها يومها، أثناء الحفل قامت الإدارة بتكريم الموجودات وبناءً على اختيار من مُستثمرين في الخامات الرياضية قامت المدرسة بانتقاء أفضل واحدة قد كانت هناك لتذهب في بعثة إلى روسيا لإكمال احترافها في هذا الأمر، أعتقد أنّ هذه الفرص هي تماماً ما أقصد بالفرص الذهبية التي من الصعب أن تتكرر.
إذا ضاعت الفرصة فأرى أنها لم تكن لي من البداية، لنقل مثلًا أن هناك فرصة عمل اضطررت إلى رفضها لسبب ما رغم كونها فرصة ممتازة.. أليس السبب الذي رفضت لأجله الفرصة وضيعها عليّ كان أقوى بكل تأكيد؟ أليس لأن المصلحة في رفض هذا العمل لأن هناك مصلحة أكبر في أمرِ آخر؟
من قال أن الفرص لا تتكرر؟ الحياة مليئةٌ بالفرص.
أحياناً ضياع أكثر من فرصة يؤدي إلى الإحباط خاصة إن كنا ننتظر تلك الفرصة ولكن لم يتسنى لنا استغلالها، في نظرك كيف نحمي أنفسنا من الإحباط والإستمرار رغم ضياع تلك الفرص؟
بالنسبة لي أرى أن الأمر له علاقة وثيقة بالرضا، وعلى المرء أن يسعى لأن يكون راضياً في المقام الأول حتى لا يترك فرصة للإحباط بأن يتسلل إلى داخله.
ماذا لو استبدلنا بالإحباط الحزن؟ لنا الحق في الحزن لبعض الوقت على ضياع الفرصة لكن التوقف عن المحاولة يبدو لي وكأنه جريمة في حق النفس.
الإحباط ما هو إلا مشاعر في النهاية.. لو استسلمنا كليًا للمشاعر لما تقدمنا للأمام خطوة واحدة.
الرضا والنظر للأمام والاستمرارية واليقين التام بأنّ كل فرصة ضاعت لم تكن الأنسب.. كلها أمور في نظري قد تساعد في الاجتياز والعبور إلى ما هو أهم.
هُناك فرص لا يمكن فعلاً أن تتكرر، مثلاً أنا أحب الكتابة للصورة "السيناريو" منذ فترة طويلة، أكثر من خمس سنوات، أحاول يوم بعد يوم أن أبيع نص كنت قد اشتغلت عليه طويلاً، وكان في بالي دائماً أن أقوم أنا بإخراجه أيضاً، عُرض عليّ مبلغ بسيط من شخص كان يستثمر في الأفلام القصيرة لدخول المهرجانات والمسابقات، لكنّي رفضت بناءً على العائد ونسيت أنّ القيمة الأساس التي كان يجب أن أبحث عنها وقتها هي أنني سأكون قادر على اقتراح اسمي للإخراج بسهولة، وهذا ما لا يمكن أن يحصل بأي من الشركات الضخمة، مثل هذه الفرص لن تتكرر لإنّها تحمل طابع زماني محدد. وهذا سؤالي بالضبط، كيف نستطيع التعامل مع هذه الأمور؟
بناءا على نظرية العود الابدي ، التاريخ دائري ويعيد نفسه في كل مرة ليعود لنقطة الصفر، هذا يعين بأن احتمالية تكرر الفرص كغيرها من الأحداث هو شيء وارد بنسب كبيرة، هذا ما يجعلني أؤمن بأن ضياع الفرصة هي أحسن فرصة، بما أن إحتمالية وقوعها مرة أخرى وارد دائما فإن خسارة الفرصة الأولى سيجعلنا ندرك ونجتهد في فهم كيف نقتنص الفرصة الثانية والفرص المشابهة، فينما يمكن لمن ربح الفرصة الأولى بنسبة 10 بالمئة مثلا، سيكون خاسرها رابح في الفرصة الثانية ب نسبة 90 بالمئة وسيستمر في الربح طول حياته لأنه تعلم الدرس غاليا جدا، الأشياء التي تأتينا بمجهود نقدرها وننجح فيها أكثر من التي تأتينا من المرة الأولى جاهزة.
بناءا على نظرية العود الابدي
أعتقد أنّ هذه النظرية لنيتشه صح؟ أنا لا أومن تماماً بقدرة أيّ عامل على إعادة أي أمر إلى ما كان عليه، قد تمنح الحياة فرص أفضل، لكنّها بالغالب الأعم لن تمنح ذات الفرصة، وفي الإنسان برأيي شعور غريب قد يصيبه مرّات، في أنّهُ يريد أن يحصل لهُ أحياناً ما يريد هو لا الأفضل لنفسه دائماً.
وفي هذا الأمر قصّة كتبها ليو تلستوي على ما أذكر في كتابه "23 حكاية على طريق النور" عن قصّة ملاك حقّق الله لهُ أمنياته الأرضيّة لكنّهُ سخط رغم ذلك لإنّ الأمر لم يتحقق بالطريقة التي رسم وتعب من أجلها.
تقريبًا عشت هذه التجربة في اليوم السابق، اكتشفت بسبب عدم وصولي اشعار على جيميل فلم أرى رد شركة عليي فكنت متقدمة على وظيفة لديهم، الامر احبطني جدًا ولومت نفسي بسبب عدم انتباهي للرد أبكر، لكن أعلم انها لم تكون من نصيبي فلو كل ما هو مكتوب لنا سوف نأخذه بصورة أو بأخرى.
بصورة مهنية قمت بالرد على الHR بالاعتذار وأنني متاحة للعمل إذا وجد شاغر آخر مستقبلًا وتركت معلوماتي للاتصال. واستكملت البحث عن غيرها.
لم تكن بالتجربة الجيدة ولا شعور جيد.
كنت دائماً أشعر بالإحباط عندما يحدث معي ذلك ولكني بعد ذلك قرأت الحديث الشريف (يـا غـلام! إني أعـلمك كــلمات: احـفـظ الله يـحـفـظـك، احـفـظ الله تجده تجاهـك، إذا سـألت فـاسأل الله.
وإذا اسـتعـنت فـاسـتـعـن بالله، واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى أن يـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك، وإن اجتمعـوا عـلى أن يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـك، رفـعـت الأقــلام، وجـفـت الـصـحـف).
الفرص الضائعة قد تكون ليست من نصيبنا، إذا أردت أن تتخلص من الإحباط يجب عليك تغيير صوتك الداخلي و أن تجعل الشعور بالرضا هو الأساس.
وأن تجعل الشعور بالرضا هو الأساس
أن يشعر الإنسان بالرضا ليس بالأمر السهل نهائياً وهل كل ما نرى تقريباً من مشاكل ومظالم وتعاسات في الحياة تُعزى إلى سبب غير قلّة الرضا؟ كُلّنا نرغب أنّ نكون راضين عن أنفسنا، لكننا من الصعب أن نكون كذلك فعلاً عندما يفوتنا أمر انتظرناه لسنين أو تعبنا من أجله سنين وسنين.
التعليقات