يظهر لنا أحيانًا أن الفكرة هي التي تولّد الشعور وفي أحيانٍ أخرى يبدو الشعور أسبق من الفكرة.
من خلال تجاربكم ومعارفكم أيهما أسبق برأيكم؟
من خلال تجاربكم ومعارفكم أيهما أسبق برأيكم؟
أعتقد أن هناك وجود للحالتين، ولكن الغلبة للفكرة أنها سابقة للشعور، حيث أننا في أكثر الأحيان تأتي عقولنا بالفكرة ثم تتبلور حولها مشاعرنا، بينما الحالات التي يسبق فيها الشعور الفكرة ليست بشيوع الحالات التي يكون السبق فيها للفكرة .
ومن منطلق تجربتي أقول أنه من الممكن أن يولد لنا شعور ما أفكاراً معينة، على سبيل المثال من أكثر المشاعر التي تدفع عقلنا لإنتاج المزيد من الأفكار هو الشعور بالملل، فعندما يشعر الفرد بالملل يبدأ عقله بصناعة ألف فكرة حتى يتخلص من هذا الشعور كمشاهدة فيلم أو لعب لعبة أو الذهاب في نزهة أو قراءة كتاب .
من ناحية أخرى نجد أن الشعور يأتي مقترناً بالأفكار لأنه جزء أساسي من عملية تحليل الفكرة، فعندما أفكر مثلاً بأن أقوم بتجربة معينة تحتمل نسبة من الخطورة بالتأكيد سينتابني شيء من القلق أو الخوف تجاه الفكرة، والأمر عينه مع أي فكرة رائعة تلمع في ذهني ستشعرني بالحماس لتطبيقها .
لا مفر من تواجد كلاهما معًا ولكن شخصيًا أعتقد أن الشعور يسبق الفكرة أحيانًا.
فالشعور مجموعة من المستقبلات العصبية التي تتجمع بسرعة وتبدأ ببثه فحين حدوث حدث حزين مثلًا قد يسبق ارتفاع ضربات القلب وعمل المؤثرات الدمعية وانقباض الصدر ما نفكر فيه حيال الأمر بكثير.
وأحيانًا نشعر مشاعر لا نستطيع وصفها أو التفكير فيها وهنا أنا أتحدث عن موقف له شعور وله تفكير فالشعور حينها يسبق.
ولكن عندما نتحدث عن تسبيب أحدهما للأخر فالمسبب يسبق دائمًا فقد نشعر شعورًا يدفعنا للتفكير وقد نفكر في أمر ما حتى نشعر شعورًا مرتبطًا به وهكذا
حتى من منطلق علم النفس، لا يوجد إجماع على رأي واحد. فمما لا شك فيه أم الإجابة ستختلف باختلاف الموقف فقد أشعر بالإحباط ثم تتوالى في رأسي أفكار عن الفشل وقد تخطر في ذهني فكرة عن إمكانية حصول فشل معين فيتولد لدي شعور يالإحباط. ولكن إن تعمقنا بالموضوع بشكل أكبر، سنجد أن أساس المشاعر والأفكار على حد سواء هو اللاوعي. وإن سألنا نفسنا عن مكونات اللاوعي، سنجد أنه مزيج لا ينتهي من الأفكار والمشاعر والأحداث والتصورات على حد سواء.
كلاهما في علاقة ترابطية تكاملية، قد ينبث إحساسنا نتيجة الأفكار التي تغذونا في مرحلة من المراحل وقد يحدث العكس، ولكن ذلك مرتبط بالظرف الذي يعيشه الشخص.
وقد تذكرت يا دليلة قول يقول الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام بأن : "كل متوقع آت" بمعنى أن المشاعر التي قد تراودنا قد تجذب ما سيكون واقعنا، وقد مشاعرنا قد تكون سبب في توليدنا بعد الأفكار.
وكما يقال بلا عقل لا يوجد لا تفكير ولا شعور، والإنسان قد تميز بلا هذه الخاصيتين عن باقي الكائنات الأخرى، تخيلي يا دليلة لو مررت بأزمة معينة تستدعي منك التفكير في كيفية الخروج منها وفي نفس الوقت يتطلب منك شرح ما تمرين به، أليس هنا ستعتمدين على تفكيرك ومشاعرك في أن واحد، لذلك لا يمكن الفصل بينهما.
من خلال تجربتي ، يستحيل مني أن أفرق بينها كونها يأتيان متتاليان وأحيانا قد تراونا أفكار وفي نفس الوقت يغمرنا إحساس ومشاعر مصاحبة للأفكار.
الأهم من معرفة أيهما أسبق أن نتمكن من التفرقة بينهما، فهناك الكثير من الأشخاص الذي يخلطون بين المشاعر والأفكار.
فتجد إنسان يقول أنا أشعر بأني فاشل، والحقيقة هي أن هذا ليس شعورًا بل فكرة، تولدت نتيجة شعوره بالغضب أو الحزن... الخ.
وإن تتبعنا هذه المشاعر سنجد أنها نتجت نتيجة فكرة ما تكونت في عقلنا بسبب فعل ما أو سلوك أو شيء وقع معنا.
وهنا أود اضافة أمرين،
الأول هو أننا قادرين على تغيير مشاعرنا بتغيير أفكارنا.
فمثلًا إن قام طفلك بضربك، لو تولدت في عقلك فكرة أنه يفعل هذا بسبب عدم تربيته سيتكون عندك شعور الغضب، وبالتالي سيأتي فعلك ممتزجًا بهذا الغضب.
على عكس إن تولدت في عقلك فكرة أنه فعل هذا لأنك غير منتبهة له، وأنه يحاول لفت انتبهاك لتلعبي معها، ستكون مشاعرك أكثر هدوءًا وتفهمًا ويأتي رد فعلك هادئًا متفهمًا كذلك. باختصار الاسهل من تغيير الشعور تغيير الفكرة والشعور سيتغير تلقائيًا دون أدنى مجهود.
الأمر الثاني هو أننا جميعًا نخلط بين مشاعرنا وأفكارنا مما يترتب عليه سلوكيات ربما غير صحيحة أو غير مجيدة في تحسين الوضع. كما اوضحت في بداية الحديث
أتفق معك في ذلك سارة، فهم المشاعر والأفكار هز الأولى ويكون ذلك بالتمارين فنحن لم نتعلم في المدارس عن كيفية التفريق بينهما ولا حتى كيفية إدارتهما.
لذلك علينا البحث والتعلم ولاسيما من خلال تدوين مشاعرنا وتحديدها بشكل دقيق ومعرفة ما خلفها.
فحين نشعر بشعور ما، نسأل أنفسنا ماهو ولماذا نشعر هكذا؟ ومالفكرة المتسببة فيه ومن هنا تبدأ الأمور تتضح شيئا فشيئا.
التعليقات