في ظل الانفتاح الحاصل اليوم فإن الجميع يشكل آراء حول مختلف القضايا والأحداث، فإذا تحدث الجميع عن آرائهم هل سيكون هذا العالم مكانًا أفضل؟
إذا تحدث الجميع عن آرائهم هل سيكون هذا العالم مكانًا أفضل؟
فإذا تحدث الجميع عن آرائهم هل سيكون هذا العالم مكانًا أفضل؟
اليوم الكل يتحدث ويقول ما يفكر فيه، يشكلون أحزاب وتيارات ومجموعات رقمية لا نعرف عنها إلا الاسم، الفوضى تعم المكان ولم نعد ندرك من الصادق ومن الكاذب.
السوشيال ميديا اليوم أتاحت الفرصة للجميع بقول ما يريدون والاعتراض على ما لا يعجبهم ومساندة ما يوافق آرائهم، الرأي عندما يوكل لغير أصحابه وخاصة عندما يكون من المؤثرين مثلما يقال لهم وتكون آرائهم انحيازية، الأوضاع تصبح كارثية وهذا ما نشهده اليوم.
وما المشكلة في أن يكون هناك اراء متباينة ومختلفة، لو أخذنا الامر في مكان العمل، أنا وأنت لدينا وجهتي نظر متشابهتين حول أمور خاصة بالعمل، هل ترين بأنه من الممكن أن يتطور أداء الشركة التي نعمل بها أو المشروع الذي نعمل عليه. الاراء المختلفة مع ادلة قوية تثبت لكل شخص رأيهتساعد في تطور العمل.
قس على ذلك مجال السياسة، تخيلي أن البلد كلها حزب واحد، الكل سيتفق على ما يقوم به الحزب سواء كانت كان ما يقوم به في صالح الشعب أم لا. ربما ستقولين أن ما نشهده اليوم من صراعات ومناكثات في الدولة نفسها، هنا أرى أن هذا الاختلاف غير صحي، والفصائل والاحزاب المختلف تضع مصلحتها فوق مصلحة الشعب،
هذا جزء مما يحدث الآن بوجود مواقع التواصل فالكثيرون وإن لم يتحدثوا عن آرائهم الشخصية فهم يرون الكثير والكثير من الآراء المختلفة والمتضاربة والنقاشات وعرض وجهات النظر المختلفة.
وبالنسبة لي أرى هذا أمرًا إيجابيًا حيث أن انفتاح الآراء يجعلك تتصادم دائمًا مع رأيك في معركة ما وإن لم تتخذ سبلًا دفاعية مثل رفض الآخر ومعارضته على طول الطريق أو الغضب أو الإنكار الخ فستكون معركة حقيقية ما بين رأيك وتلك الآراء الجديدة المختلفة وسينتصر الأفضل في النهاية (والذي قد لا يكون واحدًا منهما بل خليطًا على سبيل المثال) في أغلب الأحوال.
هناك نقطة أخرى رأيتها مؤخرًا وسط انتشار الكثير من الجرائم فقد ظهرت لنا فئة كبيرة من المتعاطفين مع المجرمين مثلًا أو التابعين للتريندات بدون تفكير وعند التمحيص في مثل هذه الظاهرة تجد اثار سيكولوجية الجماهير فيها وبالتالي يجعلنا هذا كأفراد أشخاص مدركة أكثر لما حولها ولنا قابلية أكثر على التحرر من سطوة الجمهور واتباع القطيع وربما إدراك أننا جزء منه بدون أن ندري في بعض الأحيان.
سيصبح العالم أفضل عندما نعزز قدرتنا على تقبل الآراء المختلفة والإنصات بهدف الاستفادة والفهم لا بهدف الرد. إم لم تتعزز هذه القدرة، سيؤدي تعدد الآراء إلى خلافات لاا أكثر.
يمكنني أن أطرح سؤالًا هنا! هل تظن أنه يجب على الشخص السلبي الفاسد أن يكون له الحق في التعبير عن رأي من شأنه أن يؤثر في الآخرين؟
بالطبع، ليس من حق كل شخص أن يعبر عن رأيه، فلن أذهب بالتأكيد لقاتل أطلب منه رأيه في انتخاب أو تشكيل مؤسسة ما! أو أن يقوم بالنصيحة لآخر! إذا حدث هذا فلن يكون حرية للتعبير عن الرأي؛ بل ستكون الفوضى الدائمة.
يمكننا البدء بإستثناء بعض الفئات من هذا الأمر، مثل المجرمين ، ولكن هل نحن مؤهلين لنحكم على بعضنا البعض بالسماح بإبداء رأينا أو عدم السماح بذلك؟
من هو الشخص المخول بتحديد هذا؟
في الحقيقة يصعب تحديده
وماذا بعد الحديث؟
حقيقة أرى أن كون الكل يتحدث هو المشكلة، فما فائدة الحديث إن كان لا يترتب عليه فعل ما يُحسن من الوضع الراهن. وما فائدة ابداء الرأي إن كان خارجًا من عقل فارغ، أو ربما ممتلأ بالترهات والضلال، والأفكار الخاطئة، والعلم الزائف.
من رأيي الصمت والمراقبة والتحث وقت الحاجة فقط وليس على الفاضي والمليان كما نقول بالمصري هو الأكثر حكمة وذكاء من الإنسان.
بالتأكيد الأفعال أبلغ وأعلى صوتًا من الأقوال، لكن كيف سنكتشف العقول النابغة والمفكرة إذا لم نسمح بإبداء الآراء، فالكثيرين قد يملكون آراء تمنح حلولاً جذرية للكثير من المشكلات والقضايا الراهنة، لكنهم لا يملكون القدرة تنفيذها أو تحويلها من مجرد رأي أو فكرة لتطبيق عملي، وبالاكتفاء بالصمت والفعل لمن له المقدرة عليه، قد نخسر الكثير من الآراء اللامعة، هذا إذا نظرنا من زاوية أخرى للأمر
ربما حينها نحتاج إلى التعامل بشكل مختلف مع الرأي القوى اللامع المتسم بمنطقية وذكاء عن الآراء التافهة التي تملأ الأرجاء.
إن تعامل الجمهور مع هذه الأمور هو من رأيي المتحكم في علو رأي على آخر. ليست قوة الرأي هي من تجعله تظهر للأسف في مجتمعنا هذا، وانما مدى انتشاره على المنصات المختلفة والأوساط الاجتماعية.
أذا كان هنالك تمثيلٌ لآراء الناس وثقافتهم في المواقع التي يمكن التغيير عن طريقها فإنّ هذا من المفترض أن يجعل العالم مكاناً أفضل، الجميع بالفعل يتحدثون اليوم عن آرائهم بطرقٍ مختلفة ولغاياتٍ مختلفة وبشكلٍ غير واعٍ أحياناً، وبعيداً عن مسألة "الحق" ي التعبير عن الآراء فإنّ الضجيج والصخب والانشغال بقضايا غير هامة على حساب القضايا الهامة بالإضافة للتوتر والتشويش على الحقيقة من آثار هذا الانفتاح الذي يجب أن نضعه في اعتبارنا ونحن نقلب المنشورات والمقالات والفيديوهات..
التعليقات