لماذا قد يفعل الإنسان أمور ويكون غير راضي عن نفسه عند فعلها لكنه يفعلها على أي حال؟؟
لماذا قد يفعل الإنسان أمور لا يكون راضي عن نفسه فيها؟
أرى أن هذا السلوك نابع من العديد من الصفات الملازمة لطبيعتنا البشرية، حيث أن الندم على سبيل المثال صفة عورية ملازمة للبشر جميعًا. والأمر في أساسه يتأتّى من أن شخصية الإنسان لا تمثّل جانب واحد من طبيعته، وإنما تتمثّل في مجموعة من المداخل التي لا يمكننا إهمال أيًّا منها على حساب الأخرى.
في علم النفس بشكل عام، وفي بدايات صياغة نظرياته بارتباك وبدائية، مال العديد من علماء النفس إلى أن الشخصية بشكل عام ليست ات مدخلٍ واحدٍ، وإنما لها أكثر من مدخل، ومثّلوا هذه المداخل في مختلف النصوص التاريخية التي عرفتها البشرية، وقد امتدت النظريات المتطورة في علم نفسها على هذا النهج، متمسكة بتطوير هذه الأفكار وحياكتها، لتظهر لنا العديد من المفاهيم التي تمثّل أكثر من مدخل للشخصية بأكثر من طبيعة قد تناقض طبيعة المداخل الأخرى، مثل الأنا والهو والأنا العليا.. إلخ. ومن هنا، يمكننا أن نفسّر الكثير حول احتمالية مناقشة الإنسان لنفسه وتفسيرها بصورة أكثر سهولة مما نعتقد.
قد يكون الإنسان تحت وسيلة ضغط ما تجعله يسلك طريقاً لا يريده أو يقدم على فعل شئ لا يؤمن به ومع الأسف في فترة ما من حياتي تعرضت لذلك، وكان الضغط مضاعف علي مما دفعني لأن أتجاهل وجهة نظري وما أراه صواباً وأنحيه جانباً وأتبنى وجهات نظر من حولي، وذلك من أكثر الدروس التي تعلمتها غائدة، فلا بد أن تقتنع بما تفعل ولا تترك قرفرك بيد أحد أيا كان .
ومن ضمن وسائل الضغط التي قد تدفع الإنسان لأن يفعل شيئاً لا يريده وأكثرها تكرراً مع الناس
"الضغط المجتمعي"
فليس دائماً ما يفعله الناس صحيحاً، ويحدث أحياناً أن يرى الإنسان بعض الظواهر في المجتمع ليس لها أساس من الصحة وأنه يجب أن تلغى لأن أضرارها أكثر من نفعها، ولكنه دائما ما يجد صعوبة في تطبيق ذلك حيث أن الإنسان يتدارى بطبعه مع الجموع، يخاف من أن يكون مختلفا.
ففي أغلب الأحيان ما يسعى المرء ليكون مثل البقية حتى وإن كان يؤمن بأنهم على خطأ، ويفعل ذلك كي لا يلفت الأنظار إليه او كي يتحاشى ضغط الآراء والإنتقادات، فمثلاً عندنا في مدينتنا تنتشر حفلات الزفاف الباهظة.
فالناس يعملون حفلات زفاف باهظة وقد يستلفون المال ليقيمونها وهم لا يريدون ذلك، بل يفعلون ذلك لأن الجميع يفعل ذلك وأن العرف يجري هكذا، فيضطر البعض لأن يفعل مثلهم كي لا يقال أن "هذا مختلف" أو يسخرون منه بأي طريقة كانت والعجيب فعلاً ان الأمر لا يتوقف على فعل الإنسان أحياناً ما لا يريده لأجل الضغط المجتمعي فقط بل الأعجب أن يفعل ذلك بالإضافة إلى تكبده لخسائر ما كان ليتكبدها لو فعل ما يريده هو صوابا.
الضغط المجتمعي يعد من أكبر الدوافع وراء الكثير من الممارسات التي نقوم بها، دون اقتناع ولا منطق، فالكثيرين منا يقعون بين خيارين لا ثالث لهما، إما التعرض للمضايقات إن لم يحصلوا على استحسان المجتمع، وإما الانصياع لأعرافه وفعلها دون رضا
قد يظن من يتبع آراء المجتمع في كل صغيرة وكبيرة أن المجتمع سيكف عن نقده أو تتبع أموره. في الحقيقة أن آراء المجتمع قد تتجاوز المنطق، وتقف ضد شخص يفعل أشياء أساسية وبسيطة في الأخلاق أو خلاف ذلك وتقدم له النقد والتقعير.
وقد تتعارض مع ما نراه بديهيات.
لذا أحبذ أن يكون المرء أكثر جرأة وثقة في اتخاذ قراراته دون النظر لإعتبارات المجتمع، لأن هذا مقياس لا يعتد به، بل يجب أن بكون المقياس الأول هو العقل والمنطق. وهذا شئ لا نستطيع أن ننكر صعوبته.
ولكن من وجهة نظرك..كيف بإمكاننا تجاهل آراء المجتمع ونميل في قرارتنا إلى العقل والمنطق ونخرج من ذلك بأقل الخسائر؟
المواقف التي يقوم بها الإنسان بأمور كهذه لا تعد ولا تحصى إلا أن الأسباب المادية غالبا ما تكون وراء ذلك. فالكثير من الأشخاص يستطيعون تمييز الصواب من الخطأ وقد يتمتعون بحس أخلاقي ولكنهم يضعون مصالحهم المادية فوق كل اعتبار.
الفرد لا يفعل الإشياء الغير مرغوب فيها، إلا في حالة أجبرته الظروف أو المحيط الخارجي على ذلك، عادة ذلك فالإنسان بفطرته يحب أن يكون راضيا عن نفسه وأفعاله.
حتى بالنسبة لردود أفعالنا إتجاه الأمور الغير محبذة لن تكون بنفس ردود الأفعال إتجاه الأمور التي نحبها، وهذا ما أكده سيغموند فرويد صاحب مدرسة التحليل النفسي بأن هناك آليات الدفاع اللاشعورية إتجاه الأفعال وقد يترتب عنها نتائج سلبية او إيجابية على حياة الفرد والمجتمع ككل.
ومع ذلك هناك نوعين من ردود الأفعال:
- ردة الأفعال الخارجية التي تكون ظاهرية من بينها إظهار الغضب والتوتر والخوف والصراخ.
- ردة الأفعال الداخلية التي تتمثل في استجابات عاطفية صامتة فقط تبقى حبيسة صدر الانسان لا يستطيع البوح بها ولكنها الأخطر وقد تسبب في ظهور علامات الأمراض النفسية والجسدية على الشخص.
لذلك من الجيد أن يعمل الفرد الأمور التي يكون راضي عنها، ولكن ليس كل الأمور قد تكون صالحة تخدمه ربما ما يراه صحيحا من زاويته يكون خاطئا من زوايا أخرى، لذلك دائما المشاورة وأخذ بأراء الإختصاص والخبرة يعود بالمنفعة عليه.
التعليقات