يقول جبران خليل جبران : بين الجنون والعبقرية خيط أرفع من نسيج العنكبوت، برأيكم ما هو الخط الفاصل بين الجنون والإبداع أو العبقرية؟
ما هو الخط الفاصل بين الجنون والإبداع؟
وضعك لصورة أينشتاين يرجح أنك تقولين أنه من بين الأشخاص العباقرة الذين كان هناك حد فاصل بين عبقريتهم والجنون ...
كلمة عبقرية في أصلها لا تعني العبقرية ذاتها التي نقصدها بها اليوم، فالعبقرية مشتقة من كلمة genius التي تعني في اللغة اللاتينية الروح الحارسة التي ترافق صاحبها من المهد إلى اللحد.
أما اليوم فهي تشير إلى قدرات استثنائية لدى الفرد تجعله يقوم بأشياء فريدة من نوعها وتميزه عن الأغلبية مثل بيكاسو، أينشتاين، تسلا وغيرهم من المبدعين.
أما الجنون فهناك نوعان مما يطلق عليه جنونا، الجنون الذي يكون صاحبه فاقد لعقله ويفعل أشياء لن يفكر عاقل في فعلها.
وجنون الإبداع هو تلك الأفكار التي لم تخطر على قلب بشر وتبدو في ظاهرها ضربا من الجنون لكنها تظهر في النهاية قمة الإبداع.
الأمر الملفت يا دليلة أنه في علم النفس لا يوجد أي تعريف لكلمة مجنون، أي أنها تأتي للوصف وليس للحكم على شخص ما.
ولكن بعيدًا عن ذلك، أعتقد أن الكثير من الأفكار التي وصفت بالمجنونة، فيما بعد أصبحت حقائق دامغة، أتذكر قصة العالم فاغنر الذي لاحظ تشابه حافتي القارة الأفريقية وأمريكا الجنوبية ومطابقتهما تقريباً لبعض، فوضع فرضية مفادها أن القارات يومًا ما كانت قارة واحدة كبيرة ثم انفصلت وقد أسماها البنجايا، وقد كان ذلك ضربًا من الجنون لكنه عمل لعقود على صياغة نظرية الانجراف القاري، وبعد وفاته تم إثبات حركة الصفائح وتدعيم النظرية لتعمم على المجتمع العلمي بأكمله في الستينات من القرن المنصرم.
وهذا يدل أن ما قد يبدو جنونًا قد يكون في جوهره سبقًا وعبقرية، ولكن من حولنا قاصرين عن فهمه
وهذا يدل أن ما قد يبدو جنونًا قد يكون في جوهره سبقًا وعبقرية، ولكن من حولنا قاصرين عن فهمه
لذلك على الإنسان أن يكون منفتحا على كل الأفكار إذا لم تكن مؤذية ولا تسبب أي ضرر على الآخرين ويأخذها على محمل الجد فإن تم نفيها فيكون جيد والا يتم اثباتها.
أما ذلك التطرف الذي يرفض الأفكار المختلفة ٧ن بكرة أبيها فهو ضرب من الجهل.
ساروي قصة ذلك الباحث العالم في بلدي كان اسمه حمزة .. حمزة كنت اشاهده شابا يافعا وكان عمري 15 عام، وحتى قبل عامين كنت اراه على نفس الهيئة وحاملا كرتونة البسكويت يمر على المحلات يبيعهم البسكويت ويفتي في كل العلوم وبل يشرح السياحة ويحل المعضلات الرياضية .. لقد توفى قبل عدة شهور نتيجة حادث رحمه الله
ما عرفته ان الشاب كان يدرس باحدى الجامعات المصرية في كلية الرياضيات وكان الاول على دفعته وحين عاد كان يؤلف الكتب وكان بيته مزارا للطلاب من كل صوب وحدب، حتى كانت ليلة سوداء بدا يصرخ بلا وعي حتى اغشي عليه .. قيل فيما قيل ان حسدا اصابه وقيل ان سحرا عمل له وقيل انه اصيب بتلوث رفع درجة حرارته بينما قال الطلاب انه اصيب بفيروس اعطب بعض خلايا الدماغ وكانت بالفعل نهاية العبقري ملاذ الطلاب .
لقد حجبه اهله عن الناس على امل الشفاء ثم العودة لعمله، لكن المدة طالت، وبدا يخرج للشارع حاملا كرتونته وبها يبيع البسكويت والحلوى والغريب ان ذاكرته كانت حديدية ولم تفقد اي من الاسماء والاماكن وكثير من الاحداث، لقد كبر هذا الشاب صاحب القميص المخطط والبنطلون الاسود العريض والحذاء المغبر دائما.
ما الذي اصابه هل هو مرض ام ذاك الخيط قد قطع ..؟ واصبح بين الجنون والابداع فلا هو مجنون ولا هو مدرك ولا هو عبقري .. فماذا اصبح غير شتات انسان؟
من المعروف أن الحقيقة العلمية هي خطأٌ معدلٌ باستمرار، ولكن الأفكار الجديدة الخارجة عن المألوف لا تلقى اهتماماً كبيراً، بل أحياناً يتم اتهام أصحابها بالجنون. والمعيار الذي يفصل بين الجنون والإبداع شيئين، الأول "إيمان الفرد بنفسه" والثاني "المنطقية التي يتعامل بها مع أفكاره" فكثير من العلم يضيع بسبب أن أحدهم ممن لديه فكرة عظيمة استمع لجاهل وجاراه حتى غلبه الجاهل بجهله وجعله يقلع عن فكرته تماما، وأما عن المنطقية فالكثير من المبدعين يضيعون ابداعهم عن طريق ابتكار لا يخضع للمنطق بل يميل إلى العته. فتفشل الفكرة المبدعة بسبب إدارتها بطريقة بدائية أو سيئة
مثلما فعل الرسام العالمي فان جوخ حينما قطع أذنه ليتمكن من رسمها بشكل صحيح!
أوافقك الرأي إجمالًا يا صديقي. لكنني أعترض فقط على السطر الأخير، حيث أنك ضربتَ لنا مثلًا على رأيك بالفنان فان جوخ، وعلى الرغم من أنه يبدو موفّقًا فأنا أرى أن به خلط كبير للغاية، حيث أن ما عاناه فان جوخ كان أحد أهم المعايير التي لفتت انتباه كبار علماء النفس والمحللين إلى التحليل النفسي للفن، وهو الأزمة النفسية واختلال الصحة النفسية، حيث أن الغرض من قطع أذنه لم يكن بهذه البساطة -رسم أذنه بالصورة الصحيحة- بل إن الأمر كانت نتاجًا للعديد من الأزمات النفسية، والتي سبّبت له آلام لا حد لها، بالإضافة إلى جهل المحتمع آنذاك بالصحة النفسية ومعاييرها.
أعتقد يا زينة أن الخط الفاصل هو "التركيز"
حيث أى أن الإبداع هو جنون موقر.ولا يمكن الحديث عن الابداع من وجهة نظري دون الوصول لدرجة الهوس بل إنه أهم من مجرد الابداع فالشخص المجنون بأمر ما، أو مهوس به هو بارع بخلق إبداعات مذهلة؛ على العكس الوسائل التي يستخدمها الأشخاص التقليدين في التعامل مع الأمر ذاته.
هل تقصدين بالتركيز الهوس؟
لكي يتمكن الإنسان من تحقيق أمر ما يجب عليه أن يصب تركيزه فيه فالتركيز يولد العمل الجاد
نعم زينة "الهوس" فأعتقد أنه فضيلة بين رذيلتين: الجنون والإهمال. بحيث إذا قمنا بالإفراط فيه؛ وصلنا حد الجنون. ولو قمنا بالتفريط فيه وصلنا لحد الإهمال!
فالهوس هو ما يجعلني أصبح جادًة من جهة وغير تقليدية وأبحث عن طرق إبداعية غير مطروقة بل كثيرًا ما أميل للأفكار المجنونة كما توصف وأقف عندها حتى لا أتجاوز هذا الحد.
هنا أؤمن بالمقولة الشهيرة التي تقول: كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده، والتي أثبتت صحتها منذ أن خلق الانسان على وجه الأرض وإلى يومنا هذا، فالانسان الذي يمتلك نسبة مقبولة من الذكاء لا تصل إلى حد العبقرية هو انسان ناجح في حياته، وأما الانسان العبقري فهو متفوق ويستطيع أن يغير العالم بعقله وتفكيره، في حين أن العبقرية التي تزيد عن الحد الذي يتحمله الدماغ، قد تسبب انهيار وهذا الانهيار يعرف عند البعض بالجنون، وهذا ما يظهر عند تشريح الدماغ ودراسة المسار والناقل العصبي الذي يتحكم بمراكز الإبداع والذكاء وهو الدوبامين Dopamine، والذي يمتلك حد أدنى وحد أعلى، وإذا تخطى التفكير تلك الحدود أصبح هناك مشاكل في التفكير، قد تصل إلى الهلاوس والتهيؤات عند بعض الأشخاص.
بالتأكيد إن زيادة العبقرية تتحول في النهاية إلى نوع من الجنون لكن البعض يعتقد أن النجاح والعبقرية تتطلب الهوس بالأمر الذي يجيده هذا الشخص، وهذا الهوس هو منبع العبقرية و الاكتشافات الثورية ، مع أن هذا الهوس يعيق الحياة الطبيعية فنجد إن كثير من العباقرة فاشلين في العلاقات العاطفية، و معظمهم لم يرزق بالأطفال ومعظمهم يتوفون في أعمار صغيرة والكثير من المفارقات التي أجدها ضريبة الهوس
يتطلب الإبداع حدا كبيرا من رفاهة النفس مما يجعل المبدع أكثر ضعفا من الناحية النفسية
ولكن هناك مبدعون كثيرون عانوا من اضطرابات نفسية وذلك لم يمنعهم من الابداع مثل
ڤان غوخ الذي كان يعاني من الإكتئاب الهوسي ومات منتحرا
إدغار آلان بو الكاتب الشهر الذي كان شغوفا بإظهار الشخصيات المضطربة نفسيا مثلما كان يعاني
إسحاق نيوتن الذي كان يعاني من اضطرابات نفسية حاد لازمته حتى وفاته
التعليقات