الكل يطالب دائماً بحرية التعبير ويقول هناك الكثير لنحكيه لولا الرقابات الشعبية والسياسية والدينية والمجتمعية والأخلاقية ..الخ، ما هي المواضيع التي تتمنى لو أن مجتمعنا يتحدث عنها ولكنها تعتبر خط أحمر لا يمكن النقاش فيه؟ ولماذا؟
ما هي المواضيع التي تتمنى لو أن مجتمعنا يتحدث عنها ولكنها تعتبر خط أحمر لا يمكن النقاش فيه؟ ولماذا؟
كنا معتادين بالعائلة على جملة كنا نسمعها حين نحكي أي شيء له علاقة بالدولة مهما كان عادياً، كانت جملة يرددها أبي في كل محضر وجلسة نفتتح فيه أمراً يخص بلادنا والشأن العام: "الحيطان إلها آذان" يعني الجدران لها آذان، وكانت هذه الجملة بمثابة وأد لكل عملية تفكير أو مشاركة كنا نقوم بها في بيتنا فما بالك التعليقات فعلاً التي كانت تأتي من الناس في الخارج!
الوساطة والمحسوبية شائعان في الوطن العربي، وتكاد لا تخلو منهما مؤسسة، ولا يجوز الحديث عنها أو الاعتراض، وإلا تواجه العبارة الشهيرة "انت مش عارف أنا مين وممكن أعمل إيه؟".
في الجامعات والمؤسسات والمناصب العليا والقيادية قلما وصل مستحق لمنصب مرموق إلا بعد عناء، قد لا يبذل صاحب الوساطة نصف الجهد، بل يأخذها بالاستحقاق لأنه ابن فلان او يعرف فلانًا وهكذا
هذا الأمر تحوّل لمصيبة حقيقية في حياتنا ولكن برأيي هو ليس سببه أننا لا نتكلم ولا نواجه، بل لإنه لا خطة تنمية حقيقية موجودة بهذه البلدان أو الشركات، فمثلاً حين طرق الأمر سلمان رؤية ٢٠٣٠ للسعودية قام فوراً بإقالة كل من يعمل في منصبه ولكن لا يقدم نجاحاً استثتائياً وشغف للمزيد، هذه البيئة مثلاً إذا فكّرنا بتطويرها في بلداننا ألا يمكن برأيك أن تقضي على المحسوبيات والواسطات لحاجتنا للمواهب فعلياَ.
أرى أن أول ما يخطر ببال الجميع هنا هو الأمر السياسي ولكن لي نظرة مختلفة، لماذا لا يكون هناك نقاش عن سلوكيات الظلام " كالعادة السرية أو الأفعال التي نخشى فيها الناس دائماً" نتحدث عنها حديث يخلق وعي ويساهم في تصحيح مسار التعامل معها.
نتحدث عن فكرة المعتقد والدين حديث لا يؤدي إلى الإلحاد ولكن إلى منعه، ودعم وجود إيمان قوي وراسخ مثلاً.
الحديث عن العادة السرية ومحاولة مكافحتها والتوعية عنها برأيي أمر عبثي لا طائل منه، نحن لدينا حلول للقضاء على الأمر ولكن نريد الحل الأصعب وتحميل الشباب وزر قيامهم أيضاً بالعادة السرية، الحل ببساطة هو تيسير الزواج، الزواج السوري أو العربي عموماً من أصعب الأمور التي يمكن أن تتم بالعالم، مراسم ومظاهر وتكاليف وتضييع للأوقات وتحقيقات سمعة ونجاح ومبارزات معنوية.. الخ بحيث يصبح الزواج صعباً للملايين ومن الطبيعي أخذهم لمسارات أخرى كالعادة السرية.
الخصوصية وترك الفرد في حاله والتوقف على الحكم على الأشخاص مهما كانوا يفعلوا، أرى أن التدخل في حياة الأخرين شيء سيء ومرتبط بالمجتمع ارتباط وثيق فأبسط شيء هو الحكم من خلال المظهر أو السلوك وكأن الجميع قضاه على غيرهم. ومن يتحدث في هذا الأمر يتم مهاجمته.
يستحيل هذا الأمر فأنت بالمنطقة العربية ههههه والأنكى من ذلك أننا نسمي هذه التطفلات على حياة الأخرين عامل اجتماعي وتودد! هذا مثلاً عانيت فترة فيه مع أصدقائي أيام الكلية وقبل الكلية مع أقربائي، حتى استطعت أخيراً بعد ذلك بقليل من الوقاحة بتغيير هذا المسار بحياتي ومواجهته، استطعت أن أكون وقحاً مع كل شخص يتعدة حجمه لأقول له: لا أريد الجواب/ أخرج من الأمر/ يكفي..الخ.
الكثير من العادات والتقاليد في الحقيقة يجب أن يُعاد النظر فيها وتقييمها من جديد. لكن هذه أمور مجرد الكلام فيها عيب فما بالك في الاحتجاج عليها والرغبة في تغييرها؟
على سبيل المثال الزواج حين تكون المرأة هي الأكبر سنًا. لماذا لا يتم جعل الأمر عاديًا وألا ننظر إليه بنظرة الوااااو كلما رأينا حالة مثل هذه. لماذا لا نساويه مع شكل الزواج الشائع الذي يكون فيه الرجل هو الأكبر؟ ما العيب أو ما المشكلة حتى؟ مجرد تقليد أعمى.
لدينا بعض المناطق في سوريا، قرى فيها، ما زالوا يعتبرون الزواج أصلاً كله على بعضه أمر معيب ولا يجب الكلام فيه كثيراً إلى درجة أنه حين يقيموا أعراس، فوالد البنت وأخوها وعائلتها من الذكور لا يحضرون، إذ يقول واحدهم كيف سأرقص في حفل زفاف لأختي أو ابنتي! - هذه الحالات يعني أكثر مرضاً مما ذكرتِ ولذلك لم استغرب ما قد قدّمتي لي من موضوع.
هذه المناطق لن تكون مشكلتهم الوحيدة بالحديث في موضوع الزواج، بل بالتأكيد لديهم مشكلات أكبر وأعمق وأكثر غرابة. يعني المشكلة لديهم بالعقلية المنغلقة التي لا تتقبل كثير من الأمور العادية. وحين تسألهم عن سبب الرفض لن يكون لديهم جواب.
سألت مرة لأكون صريحاً وتفاجئت بأنني أحاصر بمحاصرة من الأخلاق والدين العادات النبيلة والأفكار، إنهم يعتبرون أنفسهم أشخاص غير عاديين، في قيمة عالية من الأخلاق والكرامة بهذه الطريقة، هذا جعلني أندهش الصراحة بكيف يمكن للإنسان أن يكون غريباً ويمكن أن أقول وقحاً إلى هذه الدرجة، لا أعرف كيف تتكوّن هذه المجتمعات.
التعليقات