كثيرًا ما أرى مشاكل نفسية ونزاعات شخصية بسبب التعلق الشديد بشريك الحياة، فكما نقول "ما زاد عن حده انقلب إلى ضده". فهلا شاركتموني وجهة نظركم حول التشبث والارتباط بشريك الحياة دون أن يتحول هذا الارتباط إلى تعلق مرضي أو حب امتلاك؟
كيف نتشبث بشريك حياتنا بطريقة صحية بعيدًا عن التعلق الشديد؟
إن عامل الفراغ يلعب دورا محوريا بالنسبة لشريحة واسعة من هذا النوع من الأشخاص الذين يتميزون بميلهم نحو التعلق المرضي وحب الامتلاك, (ليس دائما طبعا وليس في كل الحالات) لو كان الشخص بهدف يعمل على تحقيقه ومشغول طول الوقت فإن دماغه لن يصرفه نحو التفكير في شخص واحد...
من جهة أخرى هناك من يعاني من اضطراب بالشخصية كالنرجسية أو الشخصية الحدية أو الشخصية الدرامية أو غيره من الاضطرابات والتي من خصائصها حب تملك الشخص والغيرة الشديدة والحب المرضي... وبالتالي يصعب بل يستحيل لمن يعاني هذه الاضطرابات بشخصيته أن يتمكن من الاعتدال في علاقاته مع المحيطين به.
لو كان الشخص بهدف يعمل على تحقيقه ومشغول طول الوقت فإن دماغه لن يصرفه نحو التفكير في شخص واحد...
هل الحل فقط يكمن في شغل الوقت، يعني إن كان التعلق بعيد تماما عن أي مرض أو اضطراب نفسي ما هي الحلول للتخلص من هذا التعلق الزائد؟
الإنسان كائن معقد لا يمكن أن نختزل حل أي مشكلة نفسية في ممارسة سلوك واحد, لأنه دائما ستجد ذاك الشخص الذي وقته مشغول طول الوقت ولا يعاني من اضطرابات ومع ذلك يمتلك خصلة التعلق الشديد بالآخرين.
ولكن في كثير من الحالات يكون السبب في التفكير والتعلق بشخص ما سببه الفراغ الذهني, شغل الوقت ليست بالعبارة المعبرة, لأن ملأ الوقت بنشاطات لا تستحوذ على التفكير قد لا تعطي مفعولا, ولكن المقصود أن يكون هناك هدف أو نشاط يضع المرء فيه كل تركيزه.
بالفعل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، ولذلك على كلا الطرفين أن يرتبطوا معًا فكريا، واعتقد أن عليهم مشاركة كل شيء معًا ، فالصراحة والوضوح أساس أي علاقة، ولا ننسى أهمية التواصل والتي ستتحقق عند مراعاة العادات السابقة.
ولكن على كل طرف الإنشغال بشيء آخر مثل المهام والأعمال والهوايات، بما لا يُضيع حق الطرف الآخر ولا يوحي إليه بالإهمال، فكلنا نحب الإحساس بالإهتمام، ولكن أهم شيء التوسط والإعتدال في كل شيء.
يمكننا من خلال معرفة الأسباب أن نصل لحلول صحية، والحقيقة أن التعلق الشديد ليس مقتصرا فقط على الشريك بل يمكن أن يكون بالصديق أو الأخ أو القريب، ويمكن الأشياء أيضا وهذا يقود لاضطراب الاكتناز.
بشكل عام لو نظرنا لأسباب التعلق الشديد، هو الشعور بالفراغ وانعدام الأمان عندما لا يكون الفرد بعلاقة، أو الخوف من الشعور بالوحدة، أو أنه يشعر بذاته من خلال هذه العلاقة، أيضا غالبا مشكلات التعلق تأتي من مرحلة الطفولة، فيمكن أن يكون لدى الفرد علاقات مبكرة تؤثر بشكل كبير على علاقاته المستقبلية.
ولذا اختفاء هذه الأسباب ومعالجتها أحد الحلول التي تساهم على إبقاء الارتباط بصفته الصحية، ففكرة الارتباط العاطفي والتعلق الطبيعي مهم فهو يساهم في الاتصال بيننا وهذا ليس حصرا على العلاقات العاطفية.
ومن أهم الأمور التي لا تحافظ على الارتباط بوضعه الطبيعي، ألا نجعل بحياتنا شخصية تكن محورها غير أنفسنا، ولا حتى أطفالنا، لأن في يوم ما سيأتي يوم ليرحلوا لعالمهم الخاص وبالتالي التعلق الشديد لن يضر سوانا، وهذا قد يحدث بوجود أنشطة نمارسها أو عمل نقوم به، يكن لدينا اهتماماتنا الخاصة وآرائنا، وقراراتنا.
أيضا إعطاء مساحة لأنفسنا للتعرف على ذواتنا بشكل مستمر بعيدا عن الآخرين.
ومن أهم الأمور التي لا تحافظ على الارتباط بوضعه الطبيعي، ألا نجعل بحياتنا شخصية تكن محورها غير أنفسنا، ولا حتى أطفالنا، لأن في يوم ما سيأتي يوم ليرحلوا لعالمهم الخاص وبالتالي التعلق الشديد لن يضر سوانا
أتفق معكِ في الشق الأول وهو محورية الأشخاص في حياتنا، ولكني أرى أن هذه الأمر لا يمكن تطبيقه عمليًا على الأبناء. ربما نظريًا سنجده مفيد حقًا، ولكن في الحقيقة الأم ترتبط بولدها ارتباطًا شديدًا منذ أول يوم في الحمل. فارتباطنا بوالدينا أو أطفالنا لا يعد تشبث بقدر ما هو حب فطري وتعلق محمود. ولا ينبغي أن نفكر في هذا التعلق مثلما نفكر في تعلقنا بأشخاص آخرين لمجرد كون هذا الأمر غير دائم وأن المصير هو الرحيل في النهاية.
ان الطريقة او الاسلوب التي شكلت العلاقة بين الشخصين هي التي يمكن ان تفرز طبيعة التعلق بينهما سواء كان الامر يتعلق بالافراد او المتزوجين او حتى الاخوة. فهذه الروابط العاطفية تنتج من تفاعلات نفسية وعقلية واجتماعية قد يصعب احيانا فهمها كما علاقة التعلق المبالغ فيها بين الزوجين والتي ربما في بعض الاحيان تنعكس الى جوانب سلبية يصعب ايجاد الحلول وقد تفرز مشاكل مثل الغيرة القاتلة وعدم الثقة وحتى الخيانة وذلك على سبيل العقاب الشخصي نتيحة عزوف احد المتعلقين عن الاخر لاسباب ما؟
علماء النفس قاموا بتقسم انواع التعلق تبعا لطبيعة قرابة الاشخاص او تطور علاقتهم الاجتماعية مثل الازواج. وقد يكون هذا التعلق نابع من البحث عن الامن مما يفسر وجود بيئة سابقة مضطربة او تهديد تعرض لها فيجد الزوج/الزوجة الملاذ والمأمن في بيت الزوجية؟
القلق او الانشغال بالاخر يؤدي الى الارتباط بصورة او بأخرى وربما تخضع الحميمية هنا لعوامل من التعرية والتاثر الاجتماعي بسبب ظروف طارئة او عدم القدرة على تلبية الاحتياجات وهنا يتحول التعلق الى مرض نفسي او عدم اهتمام ولكن هذا لا يمنع ان التعلق يتحول الى الحاجة الملحة والمبالغ فيها والخوف من ردود الافعال
انا ارى ان تلك العلاقات التي تؤدي الى التعلق المبالغ فيه سوف تنتهي الى الفوضوية في العلاقات او الصدمة من النتائج التي قد تفاجأ شخص من تصرف الاخر.
التعليقات