هل حقًا يمكننا أن نؤمن بحقائق معينة دون دلائل، وإن كان كذلك هل يعني ان الحقيقة قد تكون مستقلة عن الدليل؟ كيف ذلك؟
هل يمكننا معرفة حقائق معينة بدون أدلة؟
إذا كنت تسأل عن الإمكانية، فنعم هو أمر ممكن بالطبع.
لكن إذا كنت تسأل هل هذا الإيمان سيكون صحيحًا؟ ففي الغالب الجواب هو لا
قد تختلف أنواع الأدلة: من أدلة حسية، وعقلية، ونقلية(تاريخية)، وعلمية، وفطرية...الخ من أنواع الأدلة.
لكنها موجودة في النهاية ولا يصح إيمان بدونها.
فحتى وجود الرب جل جلاله مثبت بعدد لاحصر له من الأدلة.
وفي الجانب العلمي خذ (الالكترون) على سبيل المثال؛ لا أحد في عصرنا الحالي لا يؤمن بالإلكترون، جميعنا نؤمن به لكن هل الالكترون مثبت وجوده بالحواس؟ لا
لكنه في ذات الوقت مثبت بإثبات وجود أثره الملموس، نحن لا نراه أو نحس به مباشرة بل نرى أثره وهذا أحد أنواع الأدلة.
كنتُ سأجيب بأن هناك أدلة عقلية وأخرى نقلية، لكن وجدتُ جوابك شاملاً ومفيدًا حول أنواع الأدلة.
هل هناك شيء يمكن أن تضيفيه لنا حول الأدلة وأنواعها؟
وهل هذا المبحث-أعني الأدلة وأنواعها- يندرج تحت تخصص أو علم معين؟
شاكرة لك هذا الإطراء
فيما يخص الأدلة فهي مختلفة بحسب الباب الذي تدخلين عليه منها.
فمن طريق العلم، ستجدين أنواع مخصصة للأدلة واهمها التجربة: فمثلا كيف تأكد العلم من وجود ارتباط شرطي بين وقت الطعام وسيلان لعاب الكلب؟ عن طريق التجربة.
ومن طريق القانون: ستجدين أنواع من الأدلة على سبيل المثال الدليل الملموس، شهادة ذوي العدل، ما يُعرف عن الشخص في المجتمع ( حيث لو كان الشخص معروف في مجتمعه أنه أمين مثلا) فإن ذلك يمثل دليلا لصالحه في حال اتهامه بالسرقة مثلا
وأكبر الأبواب التي تحوي عددا كبيرا من أنواع الأدلة هي العلوم الشرعية فمثلا باب الفقه فيه: دليل القرآن ، دليل السنة، دليل إجماع العلماء، دليل القياس.
وباب التوحيد فيه: الدليل الحسي، والدليل العقلي، والدليل المعتمد على لمس الأثر كما ذكرت في الالكترون، ودليل بالنقل وغيرها الكثير مما لا يسع الإنسان حصره
في فلسفة العلوم يتم رفض ونبذ الإيمان بأي شيء دون دليل صارم وفق مناهج البحث العلمي الحديثة. لهذا فالعلم "علماني".
الإيمان بحقائق دون دلائل يدخل ضمن نطاق "المعتقدات" الروحانية والدينية, حيث يؤمن البشر حول العالم بمعتقدات عديدة دون أن يكون لها دليل ملموس على وجودها.
الإيمان بحقائق دون دلائل يدخل ضمن نطاق "المعتقدات" الروحانية والدينية, حيث يؤمن البشر حول العالم بمعتقدات عديدة دون أن يكون لها دليل ملموس على وجودها.
ألا ترى جواد بأن هناك نسبة معينة تنادي الآن بالادلة في الايمان؟
لم أفهم قصدك؟
هل تعني الملاحدة؟ نعم هم يريدون أدلة علمية للإيمان, أما المؤمنين بشتى الأديان فهم يؤمنون بها بلا أي دليل علمي.
المنهج العلمي وضعه البشر لقياس ما هو دنيوي في حدود حواسنا البشرية وقدراتنا العقلية, أما المعتقدات الدينية فهي ما وراء ذلك, وإلا فما الدليل العلمي التجريبي على وجود جبريل وميكائيل والجنة والنار والاسراء والمعراج والبراق؟؟؟
معك حق جواد، العلم وُضع لتقييم وقياس ما هو دنيوي، ومع أن الملحدون يعلمون أن الأدلة على وجود الرب كما ينادون موجودة في كل مكان بالفعل حتى في أجسادنا كبشر! ومع معرفتهم لذلك فإنهم يسألون المؤمنين عن أدلة غيرها، ويماطلون في حديثهم ليصلوا إلى سؤالهم المعتاد "من خلق الله؟" وذلك للإيقاع بالمؤمنين في دائرة أن كل شيء مخلوق والعياذ بالله، وأما من ناحية العلم فكما قلت: العلم يقيس الدنياويات من الأمور، ويبقى موضوع التأكيد بالدلائل العلمية للأمور العلمية عائد للجهد البشري في البحث عنه أو إستنباطه.
صديقي المجهول هذه المرة الثالة التى اشارك فيها لنفس الموضوع وسؤالك ذكرني بفيلم ياباني اسمه راشمون حيث حصلت حادثة بشعة مقتل زوج و اغتصاب زوجته من قبل قاطع طريق وتم العثور على الجثة من قبل صياد سمك. وعند محاكمة قاطع الطريق. شهد قاطع الطريق انه قتل الزوج في مبارزة عادلة وان الزوجة سلمته نفسها بارادتها. وشهدت الزوجة ان زوجها كان خائفا وتم تقييده من قبل قاطع الطريق الذي اغتصبها بعد ذلك. ثم تم استحضار روح الزوج المقتول وهو الضحية ومن المفترض قول الحقيقة والتي شهدت ان الزوج قاتل بشجاعة منتهية النظير ولكن الزوجة الخائنة اتفقت مع قاطع الطريق على تقييده وقتله بعد مبارزة عنيفة. وهنا نحن امام 3 سيناريوهات لنفس الحدث وكل يدعي انها الحقيقة ويجدر الاشارة ان الصياد الذي اكتشف جثة الزوج هو ايضا له وجهته الخاصة للحقيقة حيث انه اخفي عن المحاكمة حقيقة انه شاهد ما حدث ولكنه ادلى بشهادة كاذبة! وهنا يا صديقي المجهول اقول لك ان الحقيقة نسبية حسب رؤية كل شخص وكل قومية وطائفة وحتى وما يعتقد انه يمثل الدليل على هذه الحقيقة فقد لا يعني شيئ لشخص آخر كل حسب معتقده وفكره. وربما البحث عن حقيقة الكون وسر الحياة يمثل تحديا لنا نحن البشر وقد وهب لنا الله عز وجل نعمة العقل حتى نتفكر ونتدبر في جميع المخلوقات ونبحث عن الحكمة وسر السعادة وعندها قد نكتشف الحقيقة الكاملة.
لا حقيقة تعتبر حقيقة من دون وجود دليل، كل الحقائق هناك أدلة تثبت صحتها، وردًا على ما قاله الصديق @jawad_x فحتى بعض المعتقدات الدينية والروحانية لها أدلة تؤكد صحتها، فمثلًا إعجاز القرآن في معرفة إكتشافات علمية قبل ١٤٠٠ عام جاء الدليل يؤكده في عصورنا الحالية عندما فعلًا اكتشف العلماء ما أخبر القرآن به، وأيضًا كمثل قصة فرعون وموسى وأن الله أبقى جثة فرعون لكي يتعظ الناس منها، والدليل على ذلك هو وجود جثة فرعون إلى اليوم عن دون غيره، وبالعودة إلى سؤال فقد تكون هناك حقيقة ولكنك لا تعلم الدليل الذي يؤكدها، وبهذا الشكل لا تكون مستقلة عن الدليل، فالدليل موجود لكنه غير معلوم، وهذا تفسيرنا لعدد من المعادلات الفيزيائية أيضًا، فنجد أن هناك عنصر ما يُكوّن خمسة روابط مع أنه لا يمتلك غير أربعة أزواج من الإلكترونات المنفردة، وبالتالي فإن تكوين العنصر لخمسة روابط هي حقيقة، ولكن إلى الآن لا زال الدليل الذي يؤكد قدرة ذاك العنصر على تكوين خمس روابط مجهول، فالحقيقة ترتبط مع الدليل مع إمكانية عدم معرفة الدليل ولهذا لا بأس إن آمنا في بعض الحقائق دون وجود دلائل قاطعة تثبت صحتها.
أنت أتيت ببعض من المعتقدات بالاسلام, ولكن البشرية جمعاء تدين بآلاف المعتقدات الدينية التي لا أدلة علمية لها, بل حتى بمعتقداتنا الاسلامية نؤمن ونسلم بأمور بلا أي أدلة علمية, فنحن نؤمن بالجنة والنار وعذاب القبر والإسراء والمعراج, وجبريل وميكائيل وابليس.... ومحاولة تطبيق المنهج العلمي الذي وضعه البشر على المعتقدات الدينية لا تجدي نفعا وفيه شيء من التعسف على المعتقدات, لأن هذا سيؤدي بنا لنبذ ما لا يمكن قياسه علميا, وبالتالي ننسف الأديان من جذورها.
الدين ليس بحاجة لإثبات كل كلمة فيه بالعلم، فعلمنا قاصر من الأساس والعلم الكامل عند الله والملحدون يتشبثون برأيهم الذي يطلب تفسيراً علمياً لأي شيء فقط لتبرير معتقداتهم الهشة التي هم في قرارة أنفسهم يوجد بداخلهم شك منها، ولكن هناك أدلة أخرى نستدل بها إلى وجود الله والدين، دلائل نلمسها في أنفسنا وفي ما حولنا ولا نجدها في المختبرات، هذا إلى جانب الدلائل النقلية طبعاً، ولكن للعقل كلمة ورأي آخر لا يحتاج لتفسير عالم ولا لتجربة كيميائي، العقل الذي يرى كل شيء ويفكر ويتوصل إلى نتيجة أنه لا بد لهذا الكون من خالق .
وكما قلت يا جواد تفسير كل شيء في الدين بالعلم سيوقعنا في التخيّر في الإيمان، أي أن نؤمن ببعض ما جاء في الكتاب ونكفر ببعض وهكذا يصبح الهوى حكماً، لذلك جعل الله الإيمان بالغيب ليختبر صدق إيماننا .
اخي اعجبني سؤالك اذ يدعو الى التفكير العميق. واعتقد انه في بعض الاحيان يمكن الايمان بحقيقة معينة دون دليل حيث افترض ان كل مخترع ومكتشف قد استخدم الكثير من الخيال المستلهم من الحاجة وواقع الحال وأيقن بان ذلك هو الحقيقة وانه هو الاصح والافضل ثم بحث وعمل بجد واعطى مجالا كافيا للتجربة الى ان اتم مايريد الى ان توصل الى الدليل الكافي لعمل وانتاج الاختراع او الاكتشاف الذي ايقن بحقيقة نجاحه مسبقا.
وهناك علماء الميتافيزيقيا الذين يدعون حقيقة انه لسنا الوحيدون في هذا الكون الشاسع وانه يوجد العديد من الاكوان والابعاد والازمنة ولكن لا يوجد دليل حتى الان على ذلك.
من واقع تجربتي العملية فانه لا يمكن القبول بوجود امور بينية بدون دلائل. وبالتالي لا يوجد حقيقة بلا دليل والحقائق المبنية على الادلة هي الحقائق المسلمة التي يؤخذ بها ويبنى عليها.
ولكن بعض الامور تؤخذ كمسلمات كفرضيات او نظريات حولها اقاويل وتفاسير قد لاتصل الى درجة الحقيقة.
في المجالات الطبية توجد حالات لا يوجد فيها ادلة ولكنها تحتمل التفاسير المختلفة وتبقى تحت مسائل التحقق وهناك امور تبقى تحت التجريب كونه لا يوجد ادلة دامغة عليها.
وخير مثال عايشه العالم هو فيروس كورونا الذي بقي مجهول المنشأ وهو بالفعل هو تخليق بيولوجي ام طفرة بيئية وبقيت الحقيقة غائبة حتى الان ولكن كانت هناك أدلة على وجود عملية تصنيع بيولوجي وطفرات مصطنعة ولكن الى الان لا يمكن اعتبارها حقائق لان الادلة الدامغة غير متوفرة وقد تحتاج الى الاف التحقيقات والسنوات حتى يثبت ذلك والحل الامثل كان هو ايجاد حلول للمشكلة وان غاب الدليل على مسببها
في رأيي الشخصي أن الحقيقة مستقلة عن الدليل، لكن هذا لا يكفي ليقنع الآخرين!
إذا أجبت ب( نعم) فأنا بحاجة لدليل على إجابتي، ولو أجبت ب( لا ) فأنا بحاجة لدليل أيضًا!
الدليل هو:ما يرضي نقص العقل البشري ومحدوديته. ما الأدلة إلا وسيلة لمطابقة المعتقدات مع الوقائع وبالتالي كل منا يسعى إما ليربط بين ما يفكر به وبين ما يبرهن صحته، أو أن يضحد ما لا يجاريه..
لكن هل هذا الربط حقيقي؟ أعتقد أن الأمر أعمق من الإجابة بنعم أو لا، وأن كل حالة تؤخذ على حدى..
العلم الذي استقر سنوات طويلة في المادية بات مؤخرًا يتجه نحو الميتافيزيقيا، والعلماء اليوم يخفون نتائج أبحاث خشية نعتهم بالمختلين! فقرأت ذات مرة أن الفراشة التي تطير في جنوب أفريقيا كانت السبب في اعصار يحدث في أمريكا ويؤكد العلماء ان هذه حقيقة ولكن ما الدليل على ذلك؟! يقولون : أن حركة الفراشة تبعتها حركات أخرى في هذا العالم وكون الكل مرتبط في الكل؛ فكل حركة تتبعها أخرى وهلم جرا لنصل إلى أن السبب الأساسي للإعصار هو كان حركة الفراشة و كوني لا أتقبل هذه الفكرة فهذا لا يمنع أنها حقيقة ولأني لم أرَ الاتصال بينهما فهذا لن يلغيه ولا يعد دليلاً كافياً لدحضه.
فإذا كنت أومن بأنني أدرك الحقيقة بحواسي وأسعى للأدلة بعقلي فهذا لا يعني أنهما صادقان فالحواس مخادعة والعقل محدود.
لطالما بحثت عن ريموت التلفاز ساعات طويلة ثم اكتشفت أنه أمامي على سطح واضح لكني أنظر دون أن أبصر ، حدث معي اثناء حضور محاضرة أن أسمع وأهز برأسي ولا أعي ماذا يقول المحاضر لأن أذني قررت ألا تصنت ..
ولا يعني أنني متواجدة في مكان ما؛ أن هذا يحدث فعلياً وأنني أتواجد بكامل مكوناتي ، فلربما أتواجد جسدًا في مكان وروحًا في آخر وذهناً في ثالث، ليس معنى أننا لا نرى هذا؛ أنه لا يحدث.
إذا أردت طرح مثال من جهة أخرى سأطرح مثال القاضي الفرنسي التي حدثت عام 1897 حين شاهد جريمة القتل تحدث أمامه ورأى القاتل وعرفه وعلى الرغم من أن المتهم أثبت بالدليل القطعي أنه كان متواجدًا في مكان آخر في تلك الساعة إلا أن القاضي لم يأخذ بذلك وحكم عليه بناءً على علمه الشخصي بالإعدام، بعد مرور سنة عاد القاتل إلى ذات القاضي بجريمة قتل أخرى ،فكان الذهول سيد الموقف! تساءل القاضي كيف عدت إلى الحياة وأنا رأيتك على المقصلة كيف هربت من الحكم؟ فكانت إجابة القاتل أنه لم يحكم عليه وأن من تم إعدامه هو شقيقه التوأم البريئ وهذا ما كان الدافع وراء إعلان مبدأ حياد القاضي وعدم الحكم بناء على علمه الشخصي والتقيد بما أمامه من أدلة ..
من جهة أخرى نجد أن الملاحدة يملكون حجج وبراهين ربما أقوى من المؤمنين، ويستطيعون المجادلة بالمنطق الذي يرضي العقل ويقنعه بأفكارهم وهذا لا يعني أنهم على حق ولا يعني عدم رأيتنا لاللله أنه غير موجود.
ما نفعله هو أننا نركب الأدلة المناسبة على الحقائق التي ترضينا ونكيفها عليها.. حتى آينشتاين ذات نفسه وقع في هذا الفخ واقتنع بحقيقة من وجهة نظره فكان يرفض فكرة أن الكون يتمدد او ينكمش ما دفعه لتعديل نظريته وادخل عليها "الثبات الكوني" بحيث أضفى عليها فكرة الثبات الكوني عام 1917 لكن فاجئه العالم الأمريكي إدوين في عام 1929 بالأدلة الراصدة على أن الكون يتسع ما جعله يراجع نظريته حتى أقر ان هذه كانت أكبر اخطائه.فحتى أينشتاين رضخ لمحدودية العقل البشري المعرض للانحراف مهما بلغ من المعرفة.
و اختم قولي بمقولة الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" ولا أستخدمها هنا لمواربة الأبواب؛ وإنما لفتح الأبواب على مصراعيها بأن لا أحد يملك الصواب و كل منا قد يبتعد أو يقترب عن الحقيقة ومن يصل للحقيقة ولا يملك الادلة هذا لا يعني انه لم يصل والعكس صحيح.
اخي عبدالله حتى المشاعر الانسانية مثل الحب والاماني وغيرها اين هي وكيف ترا اننا نحن البشر من عرفها على انها احاسيس تتملكنا وتحركنا نحول عمل ما وحتى كلمة المشاعر والاحاسيس هي نحن من عرفها على ماهي عليه وهنا قد اصل الى فلسفة جدلية عن الانسان والوجودية ولست من روادها.
توجد الكثير من الاساطير في جميع انحاء العالم ولا يوجد دليل على وجودها مثل طائر الرخ والعنقاء والاساطير اليونانية والرومانية مثل الصقلوب في الميثلوجيا الاغريقية والمرأة المعروفة باسم ميدوسا وغيره....
كما يوجد الكثير من الشعوب والطوائف في انحاء العالم التى تؤمن بوجود قوة ما او اعجوبة ولكن لا يوجد اي دليل على وجودها. بل هناك من يزعم انه يستطيع عمل الاعاجيب والمعجزات الغامضة والغريبة ولكن لا وجود للحقيقة فيما يدعون.
كيف يمكننا الإيمان بشيء بدون اقتناعنا بدليل؟ وإن كان هنالك خلاف على هذا الدليل، فإن من يؤمن بفكرة معيّنة لا يؤمن بها الآخرين، فهو يؤمن بها لأنه مقتنع بدليلها، وبالتالي فإن غياب الدليل يعني هنا غياب الحقيقة.
وإضافةً إلى ذلك، أنا من أنصار مقولة المؤلف والناقد الأدبي البريطاني كريتوفر هيتشنز، حيث قال:
ما يمكن تأكيده دون إثبات يمكن نفيه دون إثبات.
في ضوء هذه المقولة يلّخص صاحبها المعضلة في دليلين مترابطين، حيث أنه يربط الحقيقة بالدليل ربطًا لا يمكن حلّه، وبالتالي فإننا نستطيع أن ننفي صفة الحقيقة على أي شيء لا يمتلك إثباتًا أو دليلًا، أيًّا كانت اختلافاتنا حول ماهية ذلك الدليل.
الحقيقة هي مفهوم مختلف عليه بين علماء الفلسفة بشكل عام وهو الأمر الذي يجعلنا في حيرة بعض الشيء، فعلينا معا تعريف الحقيقة
برأيي الشخصي إن الحقيقة هي الأمر المادي المحسوس أو المنظور الذي أستطيع ملاحظته دون عناء طويل وتفكير جدلي في وجوده، والعناء والجدال هو أمر مرهق ومن الممكن القول أن الأديان (سماوية وغير سماوية) جعلت هناك أجرا كبيرا بالتصديق بالغيبيات التي لا يمكن لمسها أو رؤيتها أو ملاحظتها وهذا ما يدخل الفرد في العناء الفكري الفردي في الاقتناع بها
وعلى الجانب الآخر الايمان بحقيقة ما دون دليل قد يكون نواة اختراعات عديدة، فمثلا لولا ايمان الأخوين رايت لولا تصديقهم لإمكانية الطيران باستخدام بعض الحديد لما استطاعوا ابتكار الطائرة
ولكن يبقى الأمر في الحضارة البشرية أمر واضح، جميع الحضارات آمنت بأساطير، طائر يفيق بعد موته مثلا وذلك لأن الانسان يشعر أن هناك قوة أكبر منه وهو الأمر الذي يرى علماء الاجتماع أن جميع البشر بحاجته
لا يمكننا أن نؤمن بها إيمانا راسخًا وجازمًا، ولا شك سيقع سقف إيماننا عند أول تشكيك نتعرّض له.
لنفترض طفلًا يومن بوجود الله بشكل فطري لانّ الفطرة فيها من الأدلة الكثير، لكنه لم يوقن بوجوده وليس لديه أدلة حسية وعقلية ولا حتى نقلية (الخبر الصادق).
هل سيبقى إيمانه راسخًا حين يكبر ويتعرّض لشبهات تشككه في إيمانه، وتعترضه أفكار من فلسفات وديانات أخرى.
بمعنى يمكن أن نؤمن بحقائق معينة دون أدلة لكن ذلك لن يدوم طويلا، فالامر أشبه ببنيان الرمل سرعان ما ينهار.
إن كان كذلك هل يعني ان الحقيقة قد تكون مستقلة عن الدليل؟ كيف ذلك؟
لا يمكن أن تكون مستقلة وإنّما يكون هناك أحد القرائن الدالة عليها، لكن هناك أمور ماورائية ليس لدينا عنها أي دليل ملموس لكننا نؤمن بها عن طريق الخبر باعتباره من مصادر المعرفة مثل الجنّ مثلا.
لا أرى هذا الأمر ممكنًا فعقلنا يؤمن بالعلة لدلالة على صحة كل معلول، ولذا فنجد أننا كائنات تبريرية تنزع لاستنباط الأسباب لكل أمر وظاهرة وحدث
وهذا ما عزز مخيلتنا قبل أن نستحدث المنهجية العلمية، فترى اليونان ينسجون من الأساطير ما لا يحصى كي يمنطقوا ما يرونه في السماء، ومن ثم يصدقون ما ابتدعوه عوضَا عن بقاء الظاهرة دون تفسير ولا دليل ولا علة
لا أعتقد ذلك؛ لأنه ببساطة شديدة، لو قال أحد: أرى هذا الأمر حقا، وقال الآخر: بل أنا أرى هذا الأمر باطلا، وكل منهما يزعم أنه الحق بلا دليل، فكيف نعرف الحق؟ ويستحيل أن يكون الأمران صحيحين؛ لأنهما ضدان.
لو قال أحد: الهند تقع في أفريقيا، عرفت ذلك بالإحساس مثلا، أو في المنام، وقال الآخر: بل تقع في آسيا، عرفت ذلك بالإحساس أو في المنام. فأيهما نصدق؟! كل تحليل سنقوله في هذا المثال بعد ذلك نكون قد دخلنا مرحلة الاستدلال، وهذا يعني عدم انفصال الحقائق عن الأدلة.
ناظر أحد الفلاسفة رجلا آخر يقول: إن الحقائق قد تعرف بطريق الإلهام، فقال له: ما ذا لو قلت لك إن كلامك خطأ وقد عرفت خطأه بطريق الإلهام؟!!
موضوع جميل و مميز جدا طبعا الحقيقة مستقلة عن الدليل استقلال كامل المجرات التي تم اكتشافها في العصر الحديث كانت موجودة لملايين السنين قبل اكتشافها فوجودها مستقل تماما عن اكتشافها من عدمه،لكن بالطبع العقل البشري يحتاج لدليل على الحقائق كي يقتنع بها
لكن بالطبع العقل البشري يحتاج لدليل على الحقائق كي يقتنع بها
حتى في الامور الحسية والبديهية والأمور المفروغ منها نحتاج إلى دليل؟
الكلام في الإيمان بالحقيقة وعرفتها، هل يرتبط بالدليل؟
أما الحقائق فهي موجودة قبل الدليل بلا خلاف
يعني، هل يجوز لأحد أن يعتقد وجود المجرات قبل اكتشافها، وليس على اعتقاده أي دليل؟
لا يستطيع الإنسان العادي الاعتقاد بشيء لا يملك فكرة عنه و لا يستطيع تصوره أصلا،كيف يمكن لإنسان ما أن يعتقد وجود مجرة و هو لا يعلم معنى المجرة و لا ترد في باله أصلا؟
لكن سنفترض جدلا أن هناك شخصا ألمعيا فذ التفكير عندما عرف أنه يعيش على كوكب الأرض و رأى النجوم عمم هذا التصور و قال لا بد أن هناك في كوننا تجمعات لكواكب و نجوم مشابهة لكوكبنا و نجومنا و هذا التجمع يدعى مجرة قبل أن يثبت له ذلك و يتوافر له الدليل على ما يقول،ما المانع أن يكون هذا التصور صحيحا،لا مانع أبدا من صحة هذا التصور عقليا و منطقيا فهو محتمل سواء كان موجودا في الحقيقة أم لا،فما نتصوره و لا تكون فيه مشكلة منطقية أو تناقض فتواجده محتمل حتى و لو لم يكن موجودا بالفعل،ما يثبت لنا أنه موجود في العالم الحقيقي و ليس الذهني فقط هو أن نختبره و نراه على أرض الواقع
فمن وجهة نظرنا نحن لا يمكن لنا أن نثبت هذا التصور و نعده حقيقة إلا إذا توصلنا إليه و أثبتناه،أما من وجهة نظر المجرات فهي موجودة و لها كيانها المستقل الخاص و لا تبالي بنا و لا بأفكارنا،فعندما نناقش قضية ما يجب أن نحدد جملة المقارنة و المنظور،هل نناقش القضية من وجهة نظرنا كبشر أم أننا نضع مكاننا بدل المجرات و ننظر إلى الأمر كما تنظر هي إليه
فالحقيقة إن كانت حقيقة فعلا فهي موجودة و لا تبالي بنا لكن من وجهة نظرنا الخاصة لا نستطيع اعتبار تصور ما حقيقيا إلا إن أثبتنا أنه حقيقي حتى و لو كان حقيقيا فعلا،خذ على سبيل المثال و هو أروع الأمثلة على هذه النقطة الحدسيات الرياضية،فعلماء الرياضيات عبر التاريخ قدموا مجموعة من افتراضات تصورات قوانين و قالوا هذه القوانين هي كذا و لكننا لا نملك البرهان،لذلك قام الاتحاد الدولي للرياضيات بوضع جائزة مليون دولار لمن يبرهن صحة هذه الحدسيات أو خطئها،على سبيل المثال حدسية بوانكاريه و التي بقيت عشرات السنين لا يعرف أحد هل هي صواب أم خطأ حتى برهنها بريلمان في 2006 و أثبت صحتها،فنحن البشر قبل برهانها لم نكن نعرف أنها صحيحة أم خاطئة لكن هذا لا ينفي أنها صحيحة بحد ذاتها سواء عرفنا برهانها أم لا،فللقصة طرفان طرف بشري يقيم الأمور بمنظاره و طرف النظرية فمن وجهة نظر النظرية هي صحيحة لآلاف السنين و لا تبالي بنا و باعتقاداتنا عنها سواء صحة أو خطأ أو جهلناها كلها من الأساس
التعليقات