يحدث أن نتعرض لسؤال أحدهم عن أفضل صفة فينا أو أكبر عيب؛ لنبدأ بسرد قائمة من الصفات: أنا عصبي.. أنا منضبط.. أنا كريم.
فكيف نكتشف هذه الصفات فينا ونجزم بأننا نمتلكها؟ كيف تكون العملية التي توصلنا إلى هذا الاستنتاج؟
من المواقف المثيرة للسخرية أن أجد بعض الأشخاص يجزمون بامتلاك صفة معينة فيهم رغم عدم تكرار ما يدل على ذلك. يقول الشخص عن نفسه مثلًا إنه محب للمساعدة لأنه أعطى اليوم لشخص محتاج ورقة نقدية من فئة الخمسة!
غالباً برأيي ما تظهر سماتنا من خلال التعليقات الخارجية التي توجّه لنا، تصبح السمات واضحة عندما نسمعها كثيراً من الناس وهي غالباً تشكل أفعالنا وأفكارنا وتفاعلاتنا باستمرار مع مرور الوقت. لمعرفة هذه الأمور لازم نبحث عن الأنماط المتتالية، أنماط السلوك أو الاستجابات العاطفية التي لدينا، مثل التعاطف أو المرونة أو الإبداع. توفر ردود الفعل من الآخرين منظور إضافي لما نعيه نحن من سلوكيات، تكرار هذه السلوكيات والتعليقات من الناس يعني يؤكد أو يتحدى تصوراتنا الذاتية. عندما تظهر السمات عبر مواقف متنوعة ويتم التعرف عليها من قبل أنفسنا والآخرين، يمكننا أن نعترف بها بثقة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من هويتنا. يعني بالتأمل الذاتي والتحقق الخارجي نفعل.
الشخص لا يرى نفسه بل أننا مرآة لغيرنا وغيرنا مرآة لنا، فلو تريد معرفة صفة فيك أنظر وحلل طريقة في التعامل مع غيرك وفي مواقف مختلفة ستهتدي إلى صفاتك، وبصراحة نحنا لدينا نقطة مهمة في رؤية أنفسنا وكيف يرانا الأخرون فكما تقولين نستغرب لو قال أحدهم عن نفسه أنه طيب أو أنه يتم استغلاله بسبب طيبته، فالبعض ينفر ويستنكر كيف لهذا الشخص أن يكون طيبا! ولكن في الواقع يمكن أن يكون هذا ما توصل إليه من تصرفاته السابقة مع الأخرين ومن تجاربه الشخصية، فبرأي من حق كل شخص أن يرى نفسه صاحب فضيلة وخلق جميل لأن هذا لا يشكل فارقا بالنسبة لي لأن ما يهمني هو تصرفك معي بشكل شخصي. وبشكل عام صاحب الفضيلة لا يقول أنه صاحبها وحتى لو قال فهو يعلم أنه سيتم مهاجمته لو قال هذا فالأفضل هو انتظار الأخرين ليخبرونا بالصفات التي نملكها ولكن علينا أن ننظر لها بالنقد والتحليل حتى لا نخدع أنفسنا ونتوهم أننا نحمل ما يناقضنا بالأساس.
وبشكل عام صاحب الفضيلة لا يقول أنه صاحبها وحتى لو قال فهو يعلم أنه سيتم مهاجمته لو قال هذا فالأفضل هو انتظار الأخرين ليخبرونا بالصفات التي نملكها
لماذا لا يقول صاحب الفضيلة إنها صاحبها؟ بل صاحب الفضيلة العاقل يعتقد عن نفسه ما يتأكد أنه مترسخ بها، لأنه في النهاية سيكون أعلم من الناس بذاته وخصالها كما قال على بن أبي طالب -كرم الله وجهه-: ''لا تجعلن جهل الناس بك يغلب علمك بنفسك.''
لأن الغير من السهل أن يحكم علينا ويصنفنا. لكن النقطة التي كنت أشير إليها في المساهمة هي: كيف نكون نحن صاحب الفضيلة العاقل هذا؟ هذا الشخص الذي يكون متيقنًا من امتلاكه لصفة ما.
هذه المرحلة ليس من السهل أبدًا الوصول إليها.
مهما كان الشخص صاحب الفضيلة متأكدا من فضيلته فلو عرضها وقالها في بيئة لا تهتم بهذا فهو لا يستفاد بقدر ما يضر نفسه، وهذا يفسر سلوك العديد من الطلاب مثلا وصغار السن الذين ينساقون مع زملائهم في أفعال الشر أو الضرر لأنهم لو قالوا او اعترضوا على الفعل الخطأ سيتم وصمهم بأنهم أصحاب فضيلة ويستم نبذهم من هذه المجموعة وهذا ما يخشاه هؤلاء الصغار، وقيسي هذا على التصرفات في الحياة بشكل عام، هذا الجزء موجود وهو ما أشير إليه وهذا لا ينفي ما تقولينه أو يعارضه ولكنه وجهة النظر الأخرى لمفهوم الفضيلة أو الصفة الجيدة ومتى ومع من يمكن الشخص أن يقول أن هذه الصفة فيه أو ليست فيه.
فكيف نكتشف هذه الصفات فينا ونجزم بأننا نمتلكها؟
عندما يسألنا البعض عن أفضل صفة فينا ، لا يمكن الإجابة الا عندما نسترجع بعض الأمور الذي حدثت معنا عن طريق العودة بالذاكرة ، وأن تكون حدثت معنا اكثر من مرة
على سبيل المثال ما هو أكبر عيب فينا؟
فلنقل انا متسرع ، ولكن كيف جزمت بأنني متسرع؟
هي عندما راجعت بعض الذي حدث معي قبل الإجاية على السؤال
مثلا كم مرة تسرعت ؟
ما هي الأمور التي تسرعت بها ولم يكن يجب علي أن أتسرع بها ؟
كم مرة أدى تسرعي على كارثة او مصيبة ؟
عندما تراجع ذاكرتك و تتذكر ما حدث معك بإمكانك الإجابة وأنت تعلم أنها إجابة حقيقية وليست مجرد رد على السؤال
"عد المرات التي تكررت بها المواقف التي تدل على الصفة" مصدر جيد، ولكن المشكلة أنه ليس هناك رقم معين لعدد المرات يمكن أن نستخدمه كمرجع. يعني أنا لو تذكرت أنه حدثت معي من ثلاثة مواقف تعبر عن التسرع، فهل رقم 3 كافي لأطلق على نفسي هذه الصفة؟
ألا يمكن أن يكون الأمر مجرد تحيز؟ وأنا في المقابل لديّ 35 موقف يدل على الصبر ولكني لم أتذكرها فقط لأني كنت متحيزة لفكرة وصف نفسي بالمتسرعة؟
نعم من الممكن ان لا يتذكر الشخص الصفات الإيجابية في وقت السؤال ولكن يجب على الشخص بين كل فترة وفترة ان يجلس مع نفسه ويراجع ما حدث معه في الأشهر الماضية والمقارنة بين المواقف التي صبر عليها والمواقف التي تسرع بها وهكذا مع الأمور الأخرى ، لا بد من أن يستنتج الشخص صفاته الحقيقية دون تحيز ، و أكثرنا نتذكر ماحدث معنا في الأمس كأنها اليوم ، بعد جلوسي مع نفسي وإستعادة الماضي والمقارنة بين الصفات ، استنتجت في النهاية أنني شخص صبور ، لو قام احدهم بتوجيه سؤال لي في وقت لاحق أستطيع الإجابة دون تفكير
التعليقات