ليس سهلًا قرار ترك كتاب شرعت بقراءته، فحينما أصل لمنتصف كتاب، وأجده قد صعُب عليّ وأريد تركه، حينها لا أستطيع التفريق عمّا إذا كان الكتاب ليس لي، وتركه من الذكاء والفطنة، أو أنَّ الكتاب فيه شيء من الصعوبة، وأنا أتهرَّب منه للينٍ في طِباعي!

والفرق بين كلّ فكرة كبير جدًا، فكل قرار له تأثيرات على الشخصية، أوّل قرار يعني أن تميل شخصيتك لاتخاذ القرارات المناسبة لنموّها، وتترك الكتب التي لا تضيف عليها الفائدة، أمّا القرار الثاني فيعني أنّك أصبحت لا تقوى على الكتب العميقة، وتعوَّدت على الفُتات المتناثر.

قبل فترة كان جوردان بيترسون في حلقة بودكاست مع كريس ويليامسون، وقد طرح فيها شيئًا يُقارب لهذه المشكلة، لم يقصد جوردان الكتب فقط، فقد تحدَّث عن كل القرارات الكُبرى في الحياة مثل المسيرة المهنية.

وكانت اجابة بيترسون أنَّ التفريق بين الانسحاب للذكاء والانسحاب للاستسلام تفريق صعب وشائك، لكنّه كان ينصح بنصيحة تجعلك تتوقّى تداعيات كل قرار على شخصيتك.

نصيحة بيترسون كانت أن يكون لك خيار يُوازي صعوبة الخيار الذي تقرّر تركه، بهذا تستطيع وضع سد أمام أحد التأثيرات الضارّة للانسحاب والاستسلام.

في مثال الكتاب، يجب أن تنتقل بعد ترك الكتاب الصعب إلى كتاب مثله صعوبة، حتّى تضمن أنَّك لا تهرب لأجل الراحة والرخاء.

أخذ بيترسون سياق كلامه إلى الانضباط، وأنّنا نحتاج لأن نتحلّى بالإرادة لاجبار انفسنا على بعض الصعوبات لنجد المعنى في حياتنا، لكنّني أودُّ نقل مثال الكتاب إلى طريق آخر.

في كلّ مرة يكون عندك كتاب صعب وكتاب آخر احتياطي تحسبًا لترك الكتاب الأوّل، هذا يعني أنَّك ستتعرَّض لكتب كثيرة فيها ميزة التحدّي والاختبار. ليس هذا فقط، بل بكثرة تعرّضك لعدد من الكتب، ستجد ضالتك في النهاية، وستجد الخليط المناسب بين الكتب التي تختبر ذكاءك، وفي نفس الوقت تُناسب اهتماماتك.

وأنتم؟ كيف تفرّقون بين ترك الكتاب للاستسلام والراحة أو تركه للذكاء وتوفير الوقت؟