تقول صديقتي: أصعب أمر في الحياة هو العيش مع أشخاص لست على وفاق فكري معهم.
بالتأكيد إن الاختلاف الفكري أمر طبيعي جدًا، ويضمن استمرار التقدم البشري، ولكن كيف يمكن أن تعيش في نفس البيت مع أشخاص لست على وفاق فكري معهم؟؟
من أصعب الأمور والتحديات الحقيقة، عن تجربة مررت بها، وفرضت علي العيش مع أشخاص مختلفين تماما عني كليا بتفكيري ومعتقداتي، وواجهت صعوبات كثيرة وضغوطات نتيجة عدم احترام الاختلاف هذا، وأرى أن الطريقة الصائبة إن كان الوضع مفروض علينا، هو التمسك وعدم السماح بأي تجاوزات، أيضا عدم التذبذب نتيجة هذا الاختلاف، برأيي المرور من هذه التجربة دون تأثر سلبي خاصةً لو كان الأمر متعلق بالمعتقدات يحتاج لشخصية قوية وعلى يقين بما تعتنق.
لذا خلاصة الأمر، إن كان الشخص ضعيفا لعدم معايشة هذا الاختلاف، فالأفضل له الابتعاد.
لا أستطيع تجميل الأمر وقول إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، تأملت فيها وفكرت دائماً ما أجد نفسي مختلف في طريقة التفكير و الوفاق الفكري، لذا ألجأ لحل أفعله تلقائياً بدون وعي حتي؛ هو أن أثبت لنفسي أنني في هذا التفكير أفضل من ذي قبل وبالتالي سيظهر هذا علي تصرفاتي وطريقة كلامي ومن هنا يظهر للبيت أو البيئة المحيطة أنني أفضل في هذا، بالطبع مع مراعاة أن كلاً منا لظيه كل الحرية في فكره ورأيه في هذا وذاك.
ولكن يحيرني سؤال، إذا واجه الأهل أو البيت الإختلاف الفكري بطريقة صارمة تجعل الشخص مقيد بتقاليد لا تناسب العصر؟!
بالنسبة لطريقتك أعتقد أنها جوهر الاختلاف، فالاختلاف يجب أن يخلق السعي للأفضل حتى
نثبت صلاحية الأفكار والآراء التي نختلف فيها عن المحيط.
إذا واجه الأهل أو البيت الإختلاف الفكري بطريقة صارمة تجعل الشخص مقيد بتقاليد لا تناسب العصر؟!
أعتقد أن هذه أحد أهم المشاكل التي يواجهها المرء إذا كان يعيش مع أشخاص يختلف معهم فكريًا، و بالغالب يكون الأهل في هذه الحالة، ولا أعرف كيف يمكن أن يتصرف المرء في هذه الحالة!
مصطلح التعايش هو الأقرب للإجابة عن السؤال، أن نتعايش مع الوضع ومع ما يحيط بنا، يعني أن نتقبل ما يحدث معنا، أن نعي بأنه لا يمكننا أن نغير الواقع، هكذا بالنسبة مع الأشخاص الذي لسنا على وفاق فكري معهم، أن نكون مسالمين معهم، بمجرد أن ننتهي من الحوار أو نقاش نقفل على الموضوع ونستمر في العيش وإن كان ذلك صعبا خصوصا كما قلتي إذا كنا نعيش معهم تحت سقف واحد، فلا فائدة أن نذكرهم في كل موقف بالمسائل التي لا نتفق فيها أو نكرر بأن تفكيرنا لا يتلائم مع تفكيرهم، فقبل كل شئ المحافظة على تماسك العائلة وإحتواءها أولوية ولابد أن نترك الخلافات جانبا.
من أصعب الأشياء أن تعيش مع شخص بينك وبينه تباعد الفكري. إن حدث ووجدت شخصًا يختلف معي فكريًا فسأقرر عدم اقحام نفسي معه في أي مواضيع نقاشية تجعلني أفقد سيطرتي وعافيتي. فببساطة أنا لست من الأشخاص التي ترغب في مجادلة هؤلاء الأشخاص حتى لو كانوا على خطأ لأنهم يرون أفكارهم منزهة عن الخطأ وليسوا على استعدادية للتنازل عن عنها. لهذا أؤيد التجاهل والتغافل، لكن هناك من يستخدم مهارت الذكاء الاجتماعي. كون هذه المهارة تؤهلهم للتواصل بكفاءة مع هؤلاء الاشخاص. لكنني اعتقد أن من سيمتلك هذه المهارة سيتميز بصفات فردة من نوعها تختلف عن الصفات التي أمتلكها أنا.
أنا لست من الأشخاص التي ترغب في مجادلة هؤلاء الأشخاص حتى لو كانوا على خطأ لأنهم يرون أفكارهم منزهة عن الخطأ وليسوا على استعدادية للتنازل عن عنها.
لماذا افترضت أنها مجادلة؟ السؤال يتكلم عن العيش في نفس المكان والعيش فيه الكثير من الأمور التي قد تظهر فيها الاختلافات الفكرية، فلا يمكن تجنب الاختلافات من خلال تجنب المناقشة كما أحب أن اسميها.
ولماذا افترضت أن الاختلاف يعني أن المقابل على خطأ، فقد ذكرت في التعليقات مثال أن شخصين أحدهما يعتقد أن الحيوانات مقرفة وآخر مولع يتربيتها وتبنيها ، كيف يمكنهما تجنب الصدام؟؟
1: أن لا تأخد الأمور بشخصية
2: كما أنت حرة فيما تعتقدين وفيما تفكرين فهم أيضا أحرار في ذالك
3: الإختلاف لا يخصر للود قضية
4: إن كنت لا تشعرين بالراحة فأنت من عليه مغادرة الوسط
نصيحة: الإختلاف سنة من سنن الأرض ومن يشبهك فكريا ثقافيا وعقائديا لن يضيف لحياتك شيء فلا يمكنك أن تنظر للعامل بنفس العيون لطول حياتك
معظم النقاط أعتقد بها حقيقة، ولكن النقطة الرابعة مهمة جدًا، فأحيانًا أرى أن الكثير من الأشخاص يحاولون تغيير تفكير الشخص المقرب منهم، وهذا يولد الصدام، ويجعل هذا الشخص يشعر بنفسه غريبًا، وهذا ينفره من الطرف المقابل حتى لو كان أحد الوالدين أو الشريك، ولذا فأعتقد أنك إن ضاقت بك ولم تستطع العيش مع شخص مختلف عنك في أمور أو أمر معين، عليك تركه وشأنه، أو الرحيل، فليس لأحد الحق في اختيار طريقة تفكير شخص أو تفضيلاته
طبيعي جداً..
لا أذكر أنني اتفقت أنا وأبي في يوم من الأيام على أمر واحد، كما يحدث وأن أختلف مع أمي كلما التقينا.
أنا وأخي الأكبر بيننا ما بين السماء والأرض في الرؤى والقناعات.
حتى أخواتي.. نادراً جداً ما كانت قناعات أحدنا تتفق والآخرى.
هذا أمر لا علاقة له أبداً بالعلاقة العائلية.. تركيبتنا الفكرية، قناعاتنا، ما شانها والترابط العائلي.. ببساطة لا ندخل في أمور مفصلية يدرك كلانا أن له رؤية مختلفة عن الآخر.. قد نطرح آرائنا لكنها ليست مناط إلزام.. هي مجرد رأي وللآخر الأخذ بها من عدمه.
الأمر يحتاج من وجهة نظري إلى ذكاء إجتماعي، وفي نفس الوقت القدرة على التأقلم ومحاولة التقاط أي فرصة للالتقاء حول أي أمر مهما كان صغيرا.
لدي صديق يعيش في هولندا، دكتور جامعي، اتصلت به فاخبرني أنه سيعاود الاتصال بي لاحقا لالتزامه بحفل عيد ميلاد ابنته. احترمت رسالته. وبالفعل رجع واتصل بي وبدانا نتحدث في أمور شتى.
ومن بين ما استغربته قوله انه كان سعيد جدا لأن ابنته استطاعت ان تجمع 4 صديقات لها من ديانات مختلفة منها النصرانيةو اليهودية. وكنت ارغب في ترك المزيد من الأسئلة حول فكرة الالتقاء الفكري! وكانه فهم ما يختمر في عقلي، فقال أن الحياة هنا مختلفة عما يمكن ان تفكر بها في مجتمعات أخرى ولا يوجد اي مشكلة أن تسهر ابنته مع يهودية في بيتها او العكس فالصداقة هي القاسم المشترك.
أنا أيضًا أعتقد أن الذكاء الاجتماعي، والاحترام المتبادل يخلق جو من الألفة بين أي شخصين مهما كان الاختلاف كبيرًا بينهما، ولذا فلا أستغرب ما قاله صديقك ولا أستغرب سعادته فخلال تجربة جامعتي، كنت أبحث عن هذا الاختلاف دائمًا، فصادقت فتاتين أمريكيتين لا زلنا على تواصل حتى الآن، وصادقت شابًا صينيًا يتعلم التجربة وكان لادينيًا، وصادقت الغجر، والبدو، والشركس، والشيوعيين والإسلاميين، وحاولت أن أنخرط مع أكبر كم من الـأشخاص المختلفين عني، ونجحت في هذا الأمر الذي جعلني أنفتح على العالم أكثر وأتقبل الاختلاف وأحترمه
التعليقات