يقال أن التربية تتغير بتغير ثقافة الشخص، هل هذا صحيح؟
هل تتغير التربية بتغير الثقافة؟
لن أقول بتغيّر ثقافته بل أقول بتطوّر ثقافته.
لأنني لا أقتنع بأنّ الثقافة قابلة للتغيير، وفي حال تطوّرت الثقافة (سواءً كانت إيجابية او سلبية) ولم تنحصر على اعتماده على ما تربّى عليه أو تعلّمه أو لقنه هو لنفسه فسينعكس ذلك على التربية.
لكن هل أيضاً تتغير التربية؟ لم أفكر في ذلك مسبقاً. يعني هل نعتبر الشخص الذي يعتمد الضرب وسيلة لتربية أولاده وقام لسبب ما باستخدام الحوار وسيلة لذلك أو العكس تغييراً في التربية أم تغييراً في السلوك؟
أظنه تغيير سلوك وليس تغيير تربية.. فأصل التربية ثابت، وهو تلقين الثوابت وتعليم الأسس وتنظيم القواعد وبناء الكينونة والشخصية، أما كيفية التربية هي السلوك المتبّع لذلك وهو ما أظنه يتغير.
سؤاله ليس واضحًا كثيرًا لأنه قصير، ولكن أعتقد أنه يسأل إن كانت طريقة تربية الشخص لأبنائه تختلف حسب ثقافته التي يكتسبها غالبًا من عادات وتقاليد البلد التي نشأ وترعرع بها. أي أنه لو شخص في بلد والآخر في بلد أخرى وبالتالي ثقافته مختلفة، هل سيتغير أسلوب التربية بينهما؟
يعني المعنى ليس التربية بحدّ ذاتها.. وإنما السلوك والأسلوب..
لأنّ ما أفهمه بتغيير التربية هو أن تربّي ابنك دوماً على التزام أمر بعينه كأن يفكر قبل أن يجاوب، أو أن لا يكذب تحت أي ظرف.. ثم تأتي بعد ذلك وتطلب منه أن يبدأ بالكذب هكذا تغيّر له المسلّمات التي أنشأته عليها..
أما تعديل السلوك وتغييره فهو أمر لا يكون حسب ثقافة المكان أو الأفراد المحيطين فقط.. أحياناً تجاربنا التي نستقيها من الآخرين أو من خبراتنا تجعلنا نغير سلوكنا المتبّع عادة حتى في تربيتنا لأبنائنا.
بالتأكيد، وتحضرني هنا فمرة من عمل وثائقي شاهدته منذ فترة كان في منتهى الروعة على الرغم من القسوة التي احتواها، وهو عمل وثائقي في هيئة فيلم يدعى The Triple Strangers، ويتحدث الفيلم عن 3 أشخاص قابلوا بعضهم البعض بالصدفة، حيث اشتهروا شهرة واسعة ف ذلك الحين لأنهم ثلاثة توائم لم يسبق لهم أن تقابلوا، وتمت تربيتهم في 3 مدن أمريكية مختلفة لأنهم خرجوا من ملجأ أيتام واحد فصلهم على 3 عائلات مختلفة، والقصة الحقيقية تدور حول حقيقة ذلك الملجأ الذي كان موضعًا سريًا لتجارب إحدى الأكاديميات النفسية في الولايات المتحدة، حيث كانوا يحاولون معرفة مصدر المرض النفسي من حيث السببية ما إن كان من التنشئة أم من الطبيعة الجينية للفرد. وعلى الرغم من أن المسألة تمت بمنتهى القسوة، فالدراسة كانت مثيرة للاهتمام.
وتتغير أيضاً بمدي معرفة الشخص وعلمه، وتتغير أيضاً بشكل كبير بطريقة تفكير الأب أو الأم وخروجهما من تقاليد التربية القديمة والصارمة أو أياً كانت.
البيئة من برمجيات تكوين العقل البشري وكيفية تفكيره، قرأت كتاب يتحدث عن تربية الأولاد وأن الطفل يمر بثلاث مراحل مهمة أولها تقليد الوالدان، إسقاطاً علي حياتنا طريقة كلامك وتصرفاتك وحتي ثقافتك وكيفية إنجاز مهامك أمام أطفالك مهمة جداً في تربيتهم سواء بالسلب أو بالإيجاب.
التعليقات