مرحبًا يا رفاق!

أطلنا الغياب عن جلستنا الشعرية، وعقابنا في الأدب ستون جلدة، أو أن تعفوا عنّا العربيّة.

لتكن عودتنا رويدًا رويدًا، فمُثقَل الشِعر لا يمطر كل ما بحوزته في جلسة واحدة..أليس كذلك؟

لعلّ تساؤلًا طرق عقولكم قبل قليل حول العنوان والمقصد منه، من هو ابن قوله وماذا يعني بذلك؟ وأرد عليكم بدوري أن في الشعر، هناك وجود لضربة الحظ أحيانًا، كعالم التسويق والأعمال مثلًا، حين تنتج مؤسسةٌ تشكيلة من المنتجات لا يضرب منها في السوق سوى واحد، وهو سواء في الشعر في بضع أحايين، فيحدث أن يُعرف شاعر ببيت قاله من بين آلاف أخرى نظمها طوال حياته، لنتعرف على بعضٍ منها..

دعبل الخزاعي والمشيب

"حدّثني الحَمْدُونِيُّ الشاعر، قال: سمعتُ دِعْبِلَ بنَ عليٍّ [الخُزَاعِيَّ] يقول: أنا ابنُ قَوْلي:
لا تَعْجَبِي يا سَلْمُ مِن رجلٍ
ضَحِكَ المَشِيبُ برأسِهِ فبَكَى*

أبو تمام أشهرهم

عندما نقول أبا تمام ما أول بيت تستحضره ذاكرتكم؟ على الأغلب ستتفقون معي ومعه قبل ذلك في اختياره لما قال "أنا ابن قولي: 

نَقِّلْ فؤادَكَ حيثُ شِئتَ من الهوى
ما الحُبُّ إلا للحبيبِ الأوّلِ"

ومعنى "ابن قولي" أي أني عُرِفت به، إذا فليس الحديث هنا عن أصحاب القصيدة اليتيمة ليس لديهم غيرها، بل أولئك الشعراء المجدّون في الشعر ولكن سبب بروزهم، أو لنقل علامتهم التجارية الأبرز، هو بيت شعري واحد اكتسح الساحة ليشقّ طريقه إلينا بذات الأهمية والرفعة.

ولعلّ لهذا البيت "المشهور"وجود يلتف حول كل شاعر، على الأقل في ألبابنا غير المتعمقة، ولا يكاد يذكر اسم شاعر حتى يليه بيته الشعري مباشرة، ألا يتبع ذكر المتنبي عادة سلسلة الخيل والليل وبقية المجموعة التي تعرفه؟! ماذا عن قول عنترة

وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ     مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي

الحديث في ذلك يطول، وقد يختلف الرأي من شخص لآخر، لذا سأسعد إذا ما شاركتموني أبياتًا هي بمثابة تعريف لشاعرها من وجهة نظركم، ولأخلي جلستنا على أمل أن يجمعنا لقاءٌ آخر بالشعر في أوقات أخرى يا أصدقاء.

والآن..اهدوني بعض الشعر!

*من المصدر: "عيون الشعر"

الأغاني: ٢٠/ ٧٤-٧٥، تح عبد الستّار أحمد فرّاج، دار الثقافة (بيروت).

وانظر خبر طيلسانِ الحمدوني في زهر الآداب: ١/ ٥٥٠ وما بعدها، تح علي البجاوي. وإن أردت زيادةً فانظر ترجمته في فوات الوفيات، للكُتْبي: ١/ ١٧٣-١٧٧، تح إحسان عباس. واسمه: أبو علي الحمدوني، إسماعيل بن إبراهيم بن حمدويه. وله ترجمة أيضا في الوافي بالوفيات للصفدي.