بدون توسل، وكان رجاء ... بدون دمع، وكان بكاء

وجه عابس، فكان استجداء ... عبوس حسبناه استغناء

تشبث بالدنيا، وكره الفناء ... وإن كان بعد الموت بقاء

فما له من أحد هناك ... وكل أحبته صاروا غرباء

وحده في الغربة ... ونحن في الخزي سواء

كل أحبته قد مضوا ... وفاته اللقاء

وفاته مذلة ... وما أذل لنا من هذا البقاء

تركناه في صمت القبور ... حفرة مظلمة بلا ضياء

وحيدا كان في حياته ... وكذلك كان لحظة الظلماء

ظلم وظلام ... وما كان عشمه إلا فعلة البلهاء

لا مال نفعه، لا أقول ... بل كان يشتري الولاء

لم تنفعه صدقة تصدق بها ... فلم ترفع عنه البلاء

جحود به .. هذا ما ناله من جزاء

وما نفعه أي رجاء ... بل زاده شقاء

فما أغنت عنه الدنيا ... ولا أغنى عنه أي رياء

ولا نفعته كلمة طيبة ... ولا خففت عنه أي عناء

أغمض عينيه ... وغفل في النومة الكبراء

هناك، حيث لا يعلم أحد ... لا عودة ولا انتهاء

لا صوت يجيبه ... لا أحد يلبي النداء

فلا كان في حياته راحة ... ولا كان بعد موته ارتواء

ترك الدنيا خلفه ... وكل ما فيها هباء

لا تذكار يذكره ... ولا عين ترجوه البقاء

قد مضى كما جاء ... لا يُعرف له انتماء

وها هو في جوف التراب، لا عزاء ولا دعاء

نكرة كان في حياته ... وفي مماته انضم إلى البؤساء

هنيئا له بضحكاته ... وبعض ما أصاب حظه من سلواء

وليهناء التراب به ... وليطو الحكاية في الخفاء

فلم يبقى له اسم يخلد ... ولا ذكرى تُروى في المساء

ولا كان له في الدنيا مقام ... ولا كان في الآخرة بقاء

مات وفيه من الآلام ... جوعا وبردا وخوفا وإقصاء

زرعت خيرا أو شرّا ... لن تحصد إلا الفناء

رحمة الله عليك أبي ... في موتك كان موتك خير عزاء

بلا فائدة ولا تنفع ... هذه الكلمات في تقديم أي رثاء